منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تعلن التزام سوريا بتدمير أدوات إنتاجها

لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي: إدارة أوباما لا تملك استراتيجية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية

TT

أعلنت المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية، صباح أمس الخميس، أن سوريا التزمت بالإطار الزمني المحدد لتدمير جميع عمليات إنتاج الأسلحة الكيماوية وتدمير الأدوات المنتجة لتلك الأسلحة.

وقال خبراء منظمة حظر الأسلحة في لاهاي، في بيان مشترك مع فريق المفتشين التابعين للأمم المتحدة، إنهم قاموا بزيارة 21 موقعا من إجمالي 23 موقعا، و39 مرفقا لتصنيع الأسلحة الكيماوية من إجمالي 41 مرفقا سوريا، موضحين أن هناك خطورة عالية ومخاوف أمنية من زيارة الموقعين المتبقيين (الأول في محيط دمشق والآخر في منطقة حلب الشمالية)، بسبب تصاعد أعمال العنف في تلك المناطق. وأكد المفتشون أن المعدات المستخدمة في صناعة الأسلحة الكيماوية قد تم نقلها من الموقعين إلى أماكن أخرى تمكن المفتشون من زيارتها.

وقال البيان «أغلب المواقع والمنشآت التي أعلنت عنها سوريا قامت المنظمة بتفتيشها والتحقق من مخزونها وإبطال قدرة المعدات المستخدمة في إنتاج الأسلحة بحيث لم تعد صالحة للاستخدام». وأضاف البيان «اقتنعت البعثة المشتركة التي تقوم بالتحقيق بأنها فتشت ودمرت كل خطوط إنتاج وخلط المواد الكيماوية وتعبئتها، وأن سوريا التزمت بالموعد النهائي الذي وضعته منظمة حظر الأسلحة وتدمير ترسانتها الكيماوية في موعد لا يتجاوز الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2013». وأوضح البيان أنه «نظرا للتقدم التي تم إحرازه فإنه لا توجد خطط لمزيد من أنشطة التفتيش في سوريا في الوقت الحاضر».

وقد أشاد أحمد أوزومكو، رئيس منظمة حظر الأسلحة، بالتسهيلات التي قدمتها سوريا لمفتشي المنظمة، مشيرا إلى أن تكلفة برنامج تدمير الأسلحة الكيماوية بلغت 5.5 مليون دولار، قدمتها خمس دول هي كندا وألمانيا وهولندا وسويسرا والولايات المتحدة. كما أشاد بمفتشي المنظمة الثمانية الذين أدوا عملهم في سوريا منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) بثبات وشجاعة، مشيرا إلى عودتهم إلى هولندا حيث مقر المنظمة.

ويصور الخبراء التزام سوريا بالموعد المحدد بأنه خطوة بارزة وعلامة فارقة، لكن الواقع أن الرئيس السوري بشار الأسد ما زال يسيطر على 1290 طنا من الأسلحة الكيماوية التي من المفترض أن يتم تدميرها بحلول منتصف عام 2014، والتي تشمل غازي الخردل والسارين. إضافة إلى الأسلحة التقليدية التي يستخدمها ضد المعارضة. وبحلول منتصف نوفمبر الحالي سيكون على سوريا والمنظمة الاتفاق على خطة مفصلة لتدمير أكثر من ألف طن متري من المواد السامة والذخيرة التي يملكها النظام السوري.

وقال مايكل لوهان، المتحدث باسم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، إن الخطوة المقبلة للمنظمة هي إرسال بعثة في منتصف نوفمبر إلى سوريا بعد موافقة المجلس التنفيذي للمنظمة على الخطة التي قدمتها سوريا لتدمير مخزونها من الأسلحة الكيماوية.

في غضون ذلك، انتقد أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ سياسات الإدارة الأميركية تجاه الأزمة في سوريا، موضحين أن إدارة أوباما لا تملك استراتيجية لإيجاد حل سياسي ينهي الصراع والحرب الأهلية الدائرة التي تؤثر على الدول في منطقة الشرق الأوسط.

وفي شهادته أمام اللجنة صباح أمس الخميس، أوضح السفير الأميركي لسوريا روبرت فورد أن الولايات المتحدة قدمت أموالا للمساعدة الإنسانية ولدعم المعارضة السورية في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا. وقال «الوضع معقد في سوريا، حيث توجد جماعات متطرفة تنتمي لتنظيم القاعدة في العراق، أما المعارضة المعتدلة التي تدعمها واشنطن فهي تحارب ضد النظام من جانب، وتحارب ضد الجماعات المتطرفة من جانب آخر». وأكد فورد على التنسيق الكبير بين الولايات المتحدة وروسيا لدفع الأسد للجلوس مع المعارضة والتفاوض على إيجاد حل سلمي للأزمة، وأن الولايات المتحدة تبذل جهودا كبيرا لدفع الأسد للجلوس على مائدة المفاوضات. وشدد على أن كلا من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة ودول أخرى تسعى للتطبيق الكامل لاتفاقية «جنيف 1» من خلال إجراء تلك المفاوضات بين النظام والمعارضة.

واعترف السفير الأميركي روبرت فورد بخيبة أمل عميقة لدى الشعب السوري عندما تراجعت الولايات المتحدة عن القيام بإجراءات عسكرية ضد النظام السوري. وأشار إلى أن المسؤولين الأميركيين يعملون بكل جهد للترتيب لمؤتمر «جنيف 2» خلال شهر نوفمبر لإقامة حكومة انتقالية وإنهاء القتال وسفك الدماء.

وقد واجه فورد انتقادات حادة من السيناتور الجمهوري جون ماكين الذي احتد عليه قائلا «يمكنك الاستمرار في ادعاء أن ما يحدث في سوريا هو حرب أهلية، لكن هذه ليست حربا أهلية بعد الآن. إن هذا الصراع ينتشر في الإقليم، ولدينا الآن تنظيم القاعدة في العراق يجدد نفسه ويصدر زعزعة الاستقرار إلى الأردن». واتهم ماكين إيران وحزب الله بإشعال الصراعات، مشيرا إلى وجود خمسة آلاف جندي من حزب الله يقاتلون لمساندة النظام السوري. وهاجم ماكين فورد قائلا «القول بأنها حرب أهلية هو تشويه جسيم للحقائق، الأمر الذي يجعلنا نتشكك في الاستراتيجية الأساسية التي لديك هناك، لأنك لا تصف الحقائق على أرض الواقع».

وأوضح السفير فورد أنه لا يعتقد أن الأسد يمكنه الانتصار عسكريا، وأن نطاق سيطرته يشكل عددا قليلا من المناطق حول حلب وفي شمال سوريا فقط. وشدد على أن الأسد يخسر في أماكن أخرى في الشرق والجنوب السوري. لكن السيناتور ماكين لم يكن راضيا عن إجابات فورد، وأشار إلى أن قتل الأسد للمدنيين ما زال مستمرا من دون رادع. وقال «الحقيقة أن الأسد كان على وشك الإطاحة به منذ عام أو أكثر، ثم تدخل حزب الله وضاعف الروس جهودهم لمساندته، ثم تدخل الحرس الثوري الإيراني في ما تسميه أنت الحرب الأهلية، وانقلب الأمر واستمر الأسد في موقعه وفي ذبح المدنيين الأبرياء، فيما تعتمد أنت على إقامة مؤتمر جنيف».

وانتقد السيناتور الجمهوري بوب كوركر ما تقدمه الإدارة الأميركية من مساعدات للمعارضة السورية، ووصفها بأنها «مخجلة». وقال كروكر «من المروع أن نجلس هنا ونتصرف كما لو كنا نقوم بالأشياء التي وعدنا بها منذ ثلاثة أشهر أو ستة أشهر، فيما تنظر إلينا مجموعة لندن 11 (الدول التي تدعم المعارضة) باعتبارنا (الولايات المتحدة) أكثر دولة عاجزة تعاملت معها على الإطلاق».

وأشار السيناتور الديمقراطي روبرت منديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، إلى أن التقدم في تدمير الأسلحة الكيماوية السورية هو الجانب الإيجابي الوحيد. لكنه أعرب عن أسفه لتفاقم الأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع الذي يدخل عامه الثالث. وشدد على أن عدم إحراز تقدم بشأن التوصل لتسوية سياسية من خلال التفاوض ينذر باستمرار إراقة الماء واستمرار معاناة السوريين.