المؤيدون للجيش يحاصرون باسم يوسف ويشتبكون مع الشرطة وسط القاهرة

الإعلامي الساخر اضطر لدخول المسرح من الباب الخلفي

باسم يوسف
TT

«كنت أحب باسم يوسف لأنني كنت أكره سياسة محمد مرسي، واليوم أكره يوسف لأنني أحب الجيش والفريق عبد الفتاح السيسي». بهذا المنطق البسيط يلخص الشاب سعيد سبب وقفته الاحتجاجية مع عدة مئات من المصريين أمام مسرح سينما «راديو» في شارع طلعت حرب في وسط القاهرة.

وكان الإعلامي الساخر، يوسف، يستعد للحضور والدخول إلى المسرح من أجل تسجيل حلقة جديدة من برنامج «البرنامج» المثير للجدل، وذلك تمهيدا لإذاعة الحلقة في موعدها مساء اليوم (الجمعة)، إلا أنه اضطر للدخول من باب خلفي، بعد أن تحول مدخل المسرح لساحة اشتباكات بين المحتجين والشرطة.

كانت الساعة في حدود السادسة والنصف مساء. ومن المفترض أن يصل يوسف للدخول من البوابة في الساعة السابعة. وبدأت أعداد المتظاهرين تتزايد. وفي الخلفية تقدمت سيارة نصف نقل عليها مكبرات للصوت وتذيع الأغنية الشهيرة المؤيدة لإقالة الجيش للرئيس السابق مرسي وجماعة الإخوان التي ينتمي إليها، وتقول كلماتها «تسلم الأيادي.. تسلم يا جيش بلادي». ويتهم قطاع من المصريين المؤيدين للجيش يوسف بأنه تناول في حلقة برنامجه التي أذيعت يوم الجمعة الماضي، وزير الدفاع الفريق أول السيسي، وقيادات في القوات المسلحة بطريقة ساخرة وغير مقبولة، طالت أيضا الرئيس المؤقت للبلاد عدلي منصور.

وكان يوسف تناول بالسخرية سياسات مرسي وجماعته وأنصاره من الإسلاميين أثناء وجوده في الحكم، ولقي ذلك ترحيبا من غالبية المصريين بسبب حالة الرفض الشعبي ضد حكم الإخوان. وأوقف يوسف برنامجه للراحة بعد الإطاحة بمرسي، وبعد نحو أربعة أشهر قدم الحلقة الأولى من الموسم الجديد لبرنامجه ما أثار جدلا واسعا في الشارع، قام على أثره عدد من المحامين بإقامة دعاوى قضائية تتهمه بـ«إهانة مصر، وتكدير السلم العام». وبدأت النيابة التحقيق فيها بالفعل. كما تقدمت محطة cbc الخاصة التي تذيع البرنامج باعتذار للمصريين عن بعض ما ورد في الحلقة الماضية.

وفي شارع طلعت حرب بدا أن المحتجين لن يسمحوا ليوسف بتسجيل حلقة جديدة من برنامجه. كانت غالبية المحال التجارية والباعة الذين يكتظ بهم الشارع قد بدأوا حالة استنفار مع اقتراب لحظة وصوله.

ويملك قناة cbc، رجل الأعمال محمد الأمين، الذي يقول مقربون منه إنه من الشخصيات المعتدلة وإنه لا يتدخل في سياسة القناة إلا حين ظهور مشكلة كبيرة تمس قطاعا واسعا من المشاهدين، كما حدث في حلقة يوسف الأخيرة، على الرغم من أن كل حلقة من حلقات البرنامج تخضع لمراجعة من إدارة قانونية مختصة في القناة.

وانتشر خبر الوقفة الاحتجاجية، التي كانت صغيرة في بدايتها، إلى الشوارع الجانبية. وتجمع عدة عشرات من الشبان في ميدان طلعت حرب الذي يبعد نحو ثلاثمائة متر عن مقر الاستديو، وقرروا التوجه إلى سينما «راديو» رافعين صور قائد الجيش لمنع الإعلامي الساخر من الدخول. وفي شارع «معروف» المطل على مقر السينما من الخلف، أخذ التجار ورواد المقاهي في الانضمام إلى المحتجين، وهنا بدأت قوات الشرطة تشعر بالمأزق.

ويقول أحمد إمبابي، وهو معد في قناة cbc، لـ«الشرق الأوسط» إن القناة ليست هي منتجة برنامج يوسف، وإنها تشتريه من إحدى شركات الإنتاج الخاصة، مشيرا إلى أن «الخلافات بين يوسف والقناة مستمرة منذ قيامه بتناول مذيعين فيها بالسخرية في برنامجه، إلا أن مثل هذه الخلافات يجري احتواؤها كما حدث في بيان الاعتذار للمصريين قبل أيام».

لكن يبدو أن الاعتذار لم يكن كافيا، كما يبدو من هتافات المحتجين هنا. ويقول المقدم عبد الله، أحد المشرفين على حراسة سينما «راديو»: «لم نكن نتوقع هذا الحشد من الناس الغاضبين». وبدأت عملية تأمين الموقع عصرا كما كان يحدث منذ أيام مرسي. ثلاثة حواجز حديدية موضوعة على المدخل العمومي الذي يطل على شارع طلعت حرب يقف عليها خمسة جنود غير مسلحين. وفي المنطقة التي تصل بين مدخل الشارع وباب السينما، وطولها نحو عشرين مترا، ينتشر عدد من الجنود بينما يجلس المقدم عبد الله في الوسط.

ومع مرور الوقت واقتراب وصول يوسف، كان حشد المحتجين يهتف في غضب محاولا تجاوز الحواجز الحدودية والوصول إلى الباب الرئيس. وصاح أحد الشبان: «لو جاء سنطرده.. لن نسمح لأحد بالسخرية من الجيش». وفي هذه الأثناء وصل نحو خمسة عشر من حراس يوسف الشخصيين، وبدا أنهم مدربون جيدا. وحاول حراس الإعلامي الساخر فتح ثغرة وسط الحشد تمهيدا لدخول يوسف الذي لم يكن قد ظهر بعد. لكن المحتجين تصدوا لهم، ووقعت اشتباكات بين الطرفين، وسقطت امرأة على الأرض وهي تحمل صورة الفريق أول السيسي، فتفاقم الموقف، بينما أخذت عناصر من الشرطة السرية التي بدا أنها كانت تراقب الموقف في محيط المكان، تحاول الفصل بين الطرفين، وتخليص حرس يوسف من أيدي المتظاهرين الذين كانوا يكيلون الاتهامات للإعلامي الساخر بأنه عميل لجماعة الإخوان، وينفذ مخططا يستهدف مصر وجيشها.

ويقول أحد المشرفين على إعداد البرنامج إن هذه المرة الأولى التي يواجه فيها «البرنامج» هذه الكمية من الغضب، مشيرا إلى أن عدد المشاركين في البرنامج الذين يبلغ عددهم نحو سبعين شابا وفتاة كانوا قد نجحوا في الدخول إلى داخل مسرح سينما «راديو» قبل ظهور المحتجين أمام الباب الخارجي. وأضاف أن يوسف تمكن في نهاية المطاف من الدخول من باب جانبي، قرب الساعة الثامنة، تحت حماية الشرطة التي عززت من وجودها في المكان.

وحين وصلت الأنباء عن تمكن يوسف من الدخول، اشتعل غضب المتظاهرين ضد قوات الأمن التي زاد عدد أفرادها أمام باب السينما وفي شارع طلعت حرب والشوارع الجانبية. وبدأ بعض المتظاهرين في مهاجمة الجنود. واندلعت اشتباكات عنيفة استمرت حتى الساعات الأولى من صباح يوم أمس (الخميس)، أدت لوقوع إصابات طفيفة بين المحتجين والشرطة وأدت أيضا لإغلاق الطرق المحيطة بالمكان.