الرهائن الفرنسيون في النيجر: الخاطفون حصلوا على أموال وضمانات بعدم ملاحقتهم

زعيمة اليمين المتطرف تثير زوبعة من الانتقادات بسبب تجريحها بالرهائن

TT

فيما تكشفت بعض خبايا المفاوضات التي آلت إلى الإفراج عن الرهائن الفرنسيين الأربعة الذين اختطفوا في النيجر شتاء عام 2010 وأفرج عنهم الثلاثاء الماضي، ما زالت بعض «مناطق الظل» عصية على الفهم بانتظار أن يخرج الذين لعبوا الأدوار الأولى في هذه العملية عن صمتهم، إن كان من الجانب الفرنسي أو من جانب الوسطاء، ومن ضمنهم رئيس جمهورية النيجر وأعوانه.

وأمس، استمر النقاش الحامي بشأن «الثمن» الذي دفعته فرنسا لتحرير مواطنيها الأربعة من أيدي الخاطفين، وتحديدا من أيدي مجموعة «أنصار الدين» التي كانت تنشط قبل التدخل الفرنسي بداية العام الجاري شمال مالي.

وهذه المجموعة «استولت» على الأربعة الذين خطفتهم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي من محيط مدينة أرليت «شمال النيجر»، حيث موقع أكبر منجم لاستخراج اليورانيوم الطبيعي تديره شركة «أريفا» الفرنسية، وتنقلت بهم في منطقة الصحراء قبل أن تضطر للتخلي عنهم بعد بدء العمليات العسكرية الفرنسية في مالي.

ورغم المعلومات المتسقة التي تفيد أن باريس دفعت ما بين 20 و25 مليون يورو للخاطفين والوسطاء، فقد استمرت الحكومة الفرنسية على نهجها الذي تلتزم به - والذي أكد عليه الرئيس فرنسوا هولاند أكثر من مرة - وهو الرفض المطلق لدفع أي فدية.

وعمدت الناطقة باسم الحكومة نجاة فالو بلقاسم إلى إعادة التأكيد على هذه السياسة مجددا. لكن تواتر المعلومات التي تفيد بعكس ذلك من مصادر فرنسية وأخرى أفريقية حمل وزير الخارجية لوران فابيوس على «تعديل» الخطاب الرسمي؛ إذ أكد في مقابلة مع محطة التلفزيون تي إف 1 أول من أمس أن «أموالا عامة» لم تدفع للخاطفين، ما يسمح بالاعتقاد أن أموالا خاصة (من شركة أريفا مثلا) أو من دولة أفريقية كالنيجر، ربما تكون قد دفعت، وهو ما لم ينفه الوزير فابيوس.

ويؤكد العالمون بشؤون الإرهاب والخطف، والذين لعبوا أدوارا في الماضي أن أي مساع للإفراج عن الرهائن لا بد أن تتضمن «مقابلا» يعطى للخاطفين؛ إما سياسيا أو ماليا. وفي حالة الفرنسيين الأربعة يبدو أن الثمن كان مزدوجا.. فإلى جانب الملايين العشرين التي دفعت، تفيد معلومات حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أن المسؤول عن مجموعة «أنصار الدين» ذات التوجه الإسلامي، والتي تشاركت مع «القاعدة» ومع إسلاميين آخرين في السيطرة على شمال مالي قبل أن يخرجها منه التدخل العسكري الفرنسي، حصل - إلى جانب الأموال - على ضمانات بعدم ملاحقته أو ملاحقة جماعته.

وأفادت الوكالة المذكورة أن إياد أغ غالي، زعيم أنصار الدين، وهو مواطن من مالي، توفرت له ضمانات بعدم ملاحقته في هذا البلد الذي تلعب فيه فرنسا دورا مؤثرا، حيث ما زالت لها قوات مرابطة فيه، وهي تقوم بدور مهم إلى جانب القوات الدولية - الأفريقية التي أولجت إليها مهمة الحفاظ على استقرار مالي ومساعدتها على استعادة السيطرة على كافة أراضيها.

وكانت السلطات القضائية المالية أصدرت مذكرات توقيف بحق غالي ورفاق له متهمة إياهم بالإرهاب والتمرد.

وبعكس الصحافة، التزمت الطبقة السياسية الفرنسية موقفا متحفظا إزاء الجدل الخاص بالفدية، معتبرة أنه يتعين الابتعاد عن نقل الموضوع إلى الساحات العامة والوقوف إلى جانب الحكومة التي تسعى لاستعادة مواطنين فرنسيين.

بيد أن مارين لوبن، زعيمة حزب الجبهة الوطنية «اليمين المتطرف» خرجت عن الصف وأثارت زوبعة جديدة من الجدل بتعليقات «مبهمة» بشأن موقف الرهائن السابقين وصمتهم، وخاصة ثيابهم الشبيهة بثياب أهل الصحراء ولحاهم المرخاة. وأوحت لوبن أنهم ربما قد «انتقلوا من ضفة إلى أخرى»، بمعنى أنهم ربما اعتنقوا مواقف الخاطفين. كما نددت لوبن بخضوع الحكومة لمطالب الخاطفين قبولها دفع فدية، ما أثار حملة انتقادات عنيفة ضدها خصوصا بصدد انتقادها للرهائن السابقين.