مصر تحاول إعادة هيكلة علاقتها مع أميركا وتنتظر خبرات مؤسساتها الدولية

تسعى إلى تطوير آليات استخدام المعونة.. وتجاوزت «محادثات» صندوق النقد

TT

تتوتر العلاقات، لكن طرفيها لا يسعيان للوصول إلى طريق مسدود، هكذا تبدو العلاقات المصرية الأميركية التي مرت بتقلبات عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، حتى وصلت إلى حالة من عدم التفاهم بعد 30 يونيو (حزيران)، خاصة بعد تلويح الولايات المتحدة بأنها ستخفض حجم المعونة الاقتصادية التي تقدمها سنويا لمصر.

بدأت حكومة الدكتور حازم الببلاوي، رئيس الوزراء المصري، في اتخاذ خطوات لتقريب وجهات النظر ودعم التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة ومؤسساتها الدولية، فخلال الأسبوع زار نائب رئيس الوزراء المصري وزير التعاون الدولي الدكتور زياد بهاء الدين العاصمة الأميركية واشنطن، والتي تعد أول زيارة لمسؤول كبير في الحكومة للولايات المتحدة.

والتقى بهاء الدين عددا من المسؤولين ورجال الأعمال وعددا من الشركات الأميركية الكبرى التي تستثمر في مصر، واستعرض خلالها خارطة الطريق، خاصة مع اقتراب موعد انتهاء إعداد مسودة الدستور والبدء في الاستعداد للاستفتاء الشعبي عليه.. وهو ما يعد خطوة كبيرة وحاسمة على طريق العودة إلى المسار الديمقراطي، كما تناول اللقاء أيضا التشاور بشأن البرنامج الاقتصادي للحكومة والقائم على زيادة الإنفاق الاستثماري العام من أجل تحفيز الإنتاج والتشغيل.

كان اللقاء الأهم لبهاء الدين مع راجيف شاه مدير هيئة المعونة الأميركية، واستعرضا معا وضع المعونة الاقتصادية والتي صدر منذ أكثر من أسبوعين قرار بعدم تخفيض قيمتها الإجمالية سنويا؛ ولكن مع تقييد مجالات وضوابط استخدامها في الوقت الحالي. واتفق الجانبان خلال الاجتماع على ضرورة استغلال هذه الفرصة من أجل إجراء مراجعة وتقييم شاملين لأثر المعونة الأميركية الاقتصادية على مصر خلال الأعوام الماضية، وكيفية تطوير آليات استخدامها في المرحلة المقبلة وضرورة التشاور في الأسابيع القليلة المقبلة على أولويات العمل وآلياته للسنوات المقبلة، مع التركيز على توجيه المعونة إلى التنمية البشرية خاصة في مجالي التعليم والصحة وفي تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة.

ووقع بهاء الدين اتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي لصالح الشركة القابضة للكهرباء للمساهمة في تمويل مشروع محطة كهرباء جنوب حلوان بمبلغ 585.4 مليون دولار. وسيساهم هذا المشروع في زيادة قدرة مصر على توليد الكهرباء بطريقة فعالة وتوفير ما يقرب من 10 في المائة من القدرات الجديدة لتوليد الكهرباء بحلول عام 2018 مع خلق ما يقرب من 4000 فرصة عمل جديدة، وذلك من خلال بناء محطة لتوليد الكهرباء في جنوب حلوان ومد خطوط أنابيب الغاز لتوفير ما يقرب من 12.5 مليون متر مكعب من الغاز يوميا. ويمول هذا المشروع من قبل العديد من شركاء مصر في التنمية، وهم الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والصندوق الكويتي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، وصندوق الأوبك للتنمية الدولية.

ولم يلتق بهاء الدين بمسؤولي صندوق النقد الدولي أثناء زيارته لواشنطن، خاصة أن سياسات حكومته لا تضع في اعتبارها الحصول على قرض من الصندوق، الذي وصفه بهاء الدين في أحد لقاءاته بأن شروطه كانت مجحفة، وهو ما جعل الحكومة المصرية تتخذ موقفا بعدم حضور الاجتماع السنوي لصندوق النقد والبنك الدوليين.

وفي الوقت الحالي تحاول الحكومة المصرية أن تستفيد من خبرات المؤسستين الدوليتين في محاولة إصلاح الاقتصاد المصري، فقبل أسبوع غادرت بعثة من صندوق النقد الدولي القاهرة، كانت تقدم خبراتها للحكومة المصرية بشأن ضريبة القيمة المضافة التي تسعى الحكومة لتطبيقها مطلع العام المقبل.

كما عقد بهاء الدين قبل مغادرته واشنطن يوم الجمعة الماضي اجتماعا موسعا مع رؤساء الإدارات المعنية بنشاط التمويل العقاري وتمويل بناء المساكن لمحدودي الدخل وكذلك خبراء البنك في مجال تنفيذ برامج تسجيل وقيد العقارات غير الرسمية. وصرح بهاء الدين أن الحكومة المصرية تولي اهتماما كبيرا بتنشيط التمويل العقاري لما يؤدي إليه من تمكين المواطنين من تملك مساكنهم ومن تنشيط للاقتصاد ولأنشطة البناء والتشييد والمقاولات والصناعات المغذية لها. وأكد على أن خطة الحكومة في هذا المجال تعتمد على التعامل وبشكل متواز مع عدة قضايا كلها مؤثرة على النشاط العقاري وعلى رأسها إدخال التعديلات المطلوبة على قانون التمويل العقاري، وتنشيط صندوق دعم وضمان التمويل العقاري، وإطلاق برنامج قومي لقيد العقارات غير المسجلة. وفي هذا المجال فإن مصر تتطلع إلى الاستعانة بخبرة البنك الدولي وتجاربه في مختلف أنحاء العالم.