مساع لتهدئة «أزمة» صحيفة «الرأي» الأردنية.. والعاملون يصعدون مطالبهم

رفضوا تعيين أعضاء جدد في مجلس الإدارة.. وهددوا بالتوقف عن العمل اليوم

TT

في محاولة لنزع فتيل الأزمة المتصاعدة، قررت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، مالكة المؤسسة الصحافية الأردنية «الرأي» أمس، تعيين وزير الداخلية السابق مازن الساكت رئيسا لمجلس إدارة الصحيفة بدلا من علي العايد (وزير سابق) وإعادة تشكيل مجلس الإدارة ليضم كلا من عبد الله أبو رمان ومهند مبيضين وباسم طويسي ومحمد خروب بدلا من الأعضاء السابقين، لامتصاص الغضب في الصحيفة، إلا أن هذه الخطوة لم تلق استحسان العاملين في «الرأي» الذين أعلنوا اعتصاما وطالبوا «بكف يد حكومة عبد الله النسور ومجلس الإدارة عن صحيفتهم». وأعلنوا توقفهم عن العمل وأقاموا خيمة اعتصام أمام دار الصحيفة بشارع الملكة رانيا العبد الله شمال العاصمة عمان.

وقال نقيب الصحافيين الأردنيين طارق المومني، أحد كبار الصحافيين في «الرأي»، إن العاملين في الصحيفة رفضوا التعيينات الأخيرة لأنها تمثل نفس اللون السابق ولم يختلف أي شيء عن المجلس الذي سبقه.

وأضاف المومني، أن مطالب العاملين هي إقالة مجلس الإدارة وصرف مكافآت مستحقة وعدم تدخل الحكومة بتعيين أشخاص جدد برواتب عالية.

وأعلن أن العاملين سيتوقفون عن العمل اليوم (الاثنين) وقرروا وقف إصدار الصحيفة ليوم غد (الثلاثاء)، مشيرا إلى أن الصحيفة مستمرة في حجب أخبار ونشاطات رئيس الحكومة وأعضائها بسبب تجاهل مطالب الزملاء.

من جانبه، قال مسؤول في الحكومة الأردنية، إن الحكومة ليس لها أي سلطة على مجلس الإدارة، وإن وحدة الاستثمار هي التي تدير أموال الضمان الاجتماعي بصورة مستقلة حسب قانونها. وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوحدة الاستثمارية تدير أملاك الشعب الأردني، وأن الحكومة تراقب الأداء وليس لها أي سلطة في تعيين أحد».

وكان مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين جدد مطالبته بإقالة وتغيير مجلسي الإدارة في صحيفتي «الرأي» و«الدستور» فورا «لعجزهما عن معالجة أوضاع المؤسستين، واختيار أشخاص أكفاء من ذوي الخبرة والنزاهة والعلاقة في عمل الصحيفتين بعيدا عن الشللية والمحسوبية»، على حد وصفها.

وأدان مجلس النقابة في بيان له «صمت الحكومة وتعنتها وتجاهلها مطالب العاملين في الصحيفتين»، كما دعا مجلس النواب إلى «ضرورة تحمل مسؤولياته والتدخل بموجب صلاحياته لإنقاذ هاتين المؤسستين ومحاسبة الحكومة عما آلت إليه الأوضاع فيهما»، محذرا من أن «هذا التجاهل سيؤدي إلى نتائج كارثية لا تحمد عقباها».

وأكد المجلس أنه يتابع تطورات الأوضاع وسيلجأ «لإجراءات تصعيدية استثنائية إذا ما استمر هذا التجاهل، ستحدد خلال الأيام القادمة، التزاما منه بمساندته لموقف العاملين وأداء لواجبه الأخلاقي إزاء المؤسستين».

ويذكر أن العاملين في صحيفة «الرأي» يدخلون اعتصاما مفتوحا منذ السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضد سياسات الحكومة، مطالبين إياها بكف يدها عن الصحيفة، ورحيل مجلس الإدارة ودفع مستحقاتهم المالية المتأخرة.

أما الصحافيون والعاملون في «الدستور» فيطالبون بإقصاء رئيس مجلس الإدارة لعدم استجابته لمطالبهم ومنها صرف مستحقاتهم المالية، كما يطالبون بـ«وضع خارطة طريق لإنقاذ الإعلام الوطني بالتعاون مع نقابة الصحافيين».

وكانت قوات الدرك الأردنية اقتحمت الأربعاء الماضي مبنى صحيفة «الرأي» الحكومية لوقف الاحتجاجات التي تشهدها وتأمين خروج أعضاء مجلس الإدارة الذين كانوا يعقدون اجتماعا مع رئيس التحرير وأعضاء من هيئة التحرير.

وفي سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الصحافة الأردنية، تمتنع صحيفة «الرأي» (حكومية) عن نشر الأخبار والأنشطة اليومية لحكومة عبد الله النسور.

وقال رئيس تحرير الصحيفة سمير الحياري: «إننا نؤازر الزملاء والزميلات في مطالبهم، ونحمل المسؤولية لمجلس الإدارة والمجالس المتعاقبة التي أوصلت المؤسسة إلى ما هي عليه الآن من تخبط إداري وإداري ومالي».

وكان صحافيون وعاملون في الصحيفة اتهموا حكومة بلادهم بـ«السطو» على صحيفتهم، ودعوا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى التدخل.

وطالبوا بـ«كف يد» النسور عن التدخل بسياسة تحرير الأخبار والإدارة والمالية، كما دعوا إلى «رحيل رئيس مجلس الإدارة علي العايد» وهو وزير إعلام أسبق.

ونددوا بـ«النهج العرفي الذي حول صحيفة (الرأي) إلى صحيفة للحكومة لا صحيفة وطن ودول». واعتبروا أن الصحيفة «شهدت في عهد الحكومات المتعاقبة تراجعا كبيرا في المستوى التحريري والإداري والمالي».

ويصف مراقبون الخطوة بـ«الجريئة» وخصوصا أن أغلب أسهم المؤسسة الصحافية الأردنية التي تصدر عنها صحيفتا «الرأي» والـ«جوردان تايمز»، تعود ملكيتها لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي الذي تسيطر عليه الحكومة.

وقالت الصحافية في جريدة «الرأي» سمر حدادين: «مطالبنا إعادة هيكلة الرواتب بحيث لا يكون هناك أشخاص برواتب مرتفعة وآخرون برواتب متدنية»، داعية إلى «عدالة ومساواة بشأن الرواتب».

وتشير تقارير بورصة عمان إلى أن المؤسسة الصحافية الأردنية لم تقدم أي توزيعات أرباح للمساهمين في السنوات الثلاث الماضية. كما ذكرت التقارير أن المؤسسة سجلت خسائر بلغت نحو مليون دينار أردني (1.41 مليون دولار) في النصف الأول من عام 2012.

وواجهت صحيفة «الدستور» أيضا مشكلات مالية. فقد أظهرت بيانات نشرتها الشركة الأردنية للصحافة والنشر تسجيل خسائر بلغت 700 ألف دينار في النصف الأول من عام 2012 و500 ألف دينار في عام 2011.

وعلقت صحيفة «العرب اليوم» الأردنية عملياتها في يوليو (تموز) 2013 بسبب مشكلات مالية. ويتراجع عموما توزيع الصحف في الأردن مع تزايد الإقبال على المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت.