نواب «الاستقلال» المغربي يقاطعون تقديم وزير الحكامة لموازنة البلاط الملكي ورئاسة الوزراء

الناطق الرسمي باسمه: قرارنا موقف سياسي تجاه مسؤول لم ينضبط لحزبه

TT

تزامن تنفيذ قرار مقاطعة نواب كتلة فريق حزب الاستقلال المغربي المعارض لمحمد الوفا، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف الشؤون العامة والحكامة، الذي جرى طرده من الحزب بعدما رفض قبل أشهر تقديم استقالته من الحكومة، مع عرض الوزير الوفا لموازنة البلاط الملكي ورئاسة الحكومة مما أثار جدلا سياسيا وإعلاميا كبيرا جرى تأويله على أنه موقف من الحزب المعارض لموازنة القصر ورئاسة الحكومة، بينما أكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الأمر يتعلق بـ«احتجاج من حزب الاستقلال على وزير رفض احترام قرار حزبه بالانسحاب من حكومة عبد الإله ابن كيران في نسختها الأولى».

ونفى النائب عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم الحزب، التأويلات «المجانبة للصواب» التي أعطيت لقرار مقاطعة الفريق النيابي لحزبه أمس لأشغال لجنة المالية والتجهيزات الأساسية، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن مقاطعة الفريق الاستقلالي لمناقشة الموازنات الفرعية التي يشرف عليها وزير الشؤون العامة والحكامة هو «موقف سياسي اتجاه وزير الشؤون العامة الذي جرى طرده من الحزب لأنه لم ينضبط لقرار المجلس الوطني للحزب القاضي بالانسحاب من الحكومة».

وأبرز بنحمزة أن هذا الموقف يأتي «احتجاجا كذلك على سلوكيات رئيس الحكومة الذي تعمد الاحتفاظ بوزير مطرود من حزبه»، موضحا أن هذه الخطوة من ابن كيران «تشجع على عدم الانضباط للقرارات الصادرة عن المؤسسات التقريرية داخل الهيئات السياسية، وهو ما يعطي إشارة سلبية للمشهد السياسي وللممارسة الديمقراطية في بلادنا». واتهم الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال الوزير الوفا، بافتقاده الأمانة، وقال: «من لم يكن أمينا على مواقف حزبه فإنه لا يمكن أن يكون أمينا في مسؤوليته الجديدة»، مضيفا أن «هذا السلوك يعطي انطباعا سيئا عن السياسة، ويختزلها في التمسك بالمناصب الوزارية».

وأكد بنحمزة أن مقاطعة الوزير الوفا لم تقتصر على نواب حزب الاستقلال، مشيرا إلى أنه «لم يحضر عرض الوزير المعني سوى سبعة نواب، وهو ما يعني إجماعا على الموقف من هذا المسؤول السياسي».

ومن جهته قال الوزير الوفا إن الموازنة المخصصة لرئاسة الحكومة في المغرب قليلة مقارنة مع عدد من الدول، وأضاف الوفا الذي كان يتحدث خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) أمس أن عملية ترشيد النفقات التي أقرتها الحكومة شملتها أيضا، إذ انخفضت بنسبة 11.54 في المائة.

وطالب عبد العزيز افتاتي، النائب عن حزب العدالة والتنمية متزعم الائتلاف الحكومي الحالي، خلال مناقشة موازنة رئاسة الحكومة بحضور عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، إلى اللجنة لأن «حضوره سيكون أفيد»، وذلك لفسح المجال لنقاش سياسي في ظل أجواء الهدوء التي تسود البلاد حاليا، بعد تكوين غالبية جديدة.

وطالب افتاتي أيضا بالكشف عن لائحة الموظفين الذين جرى تعيينهم في رئاسة الحكومة والشهادات الجامعية التي يتوفرون عليها، منذ حكومة عبد الرحمن اليوسفي إلى اليوم، سواء الذين عينوا في مناصبهم من خلال اختبارات التوظيف أو من دونها، وذلك لإضفاء الشفافية على عملية التوظيف بهذه المؤسسة، لا سيما وأن التوظيف بالدواوين أصبح يشكل نوعا من الريع، على حد تعبيره.

كما طالب افتاتي بالكشف أيضا عن الموظفين الذين يلتحقون بعدد من المؤسسات الحكومية التابعة لرئاسة الحكومة والتي أضحت في نظره «أعشاشا للريع»، إذ تسند الوظائف لأشخاص تربطهم علاقات بزعامات سياسية، على حد قوله، وأعطى مثالا على ذلك بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومجلس الجالية المغربية بالخارج.

وانتقدت النائبة نزهة الوافي من حزب العدالة والتنمية استثناء عدد من المؤسسات العمومية من المساءلة داخل لجان البرلمان، ليطلع النواب على كيفية تدبير مواردها المالية.

وردا على مطالبة النائب افتاتي ابن كيران بالحضور إلى اللجنة، قال الوفا إن ابن كيران لا يهرب من الحوار، وهو مستعد لتبادل الرأي مع الجميع، والدستور فرض عليه عددا من الالتزامات أمام مجلسي النواب والمستشارين، ولديه مسؤولية دقيقة جدا، بيد أنه من الصعب إحضار رئيس الحكومة إلى لجنة برلمانية، لأنه طبقا للدستور وللأعراف الدولية فإن رئيس الحكومة لا يحضر إلا في الجلسات العامة.

أما بخصوص التوظيف بديوان رئاسة الحكومة، فقال الوفا إن المنطق يفرض أنه عند مغادرة أي رئيس حكومة لمنصبه، يغادر معه الموظفون الذين أتى بهم، لكن هذا لا يحدث، مشيرا إلى أنه سيجري التخلص من هذه السلوكيات تدريجيا لأن الأمر ليس سهلا، مؤكدا أن ابن كيران حريص على أن لا يجري التوظيف إلا من خلال اجتياز الاختبارات، لأن الناس تريد الشفافية وتكافؤ الفرص، موضحا أن التوظيف داخل دواوين الوزارات لا يخضع للاختبارات.

وقال الوفا إن المؤسسات العمومية مطالبة بإصدار تقارير حول عملها، وحول تدبيرها المالي، وإن إقرار القوانين التي نص عليها الدستور بشأن هذه المؤسسات من شأنه إضفاء الشفافية أكثر، وتحديد مهامها بشكل دقيق، منها القانون المتعلق بمجلس المنافسة، الذي دعا إلى الإسراع في إخراجه، بالنظر إلى دوره الهام.