ناصر القدوة يطلب نقل ملف عرفات إلى الأمم المتحدة.. ويلمح إلى «خائن»

ضريحه وكهف اختبأ فيه بداية الثورة تحولا إلى مزار لعشاقه ومحبيه

TT

دعا ناصر القدوة، ابن شقيقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إلى نقل ملف التحقيق في وفاته، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلا في مؤتمر صحافي، عقده أمس، إن ذلك سيؤسس للخطوات اللاحقة المرجوة، في إشارة إلى تحقيق دولي مع إسرائيل.

وقال القدوة: «يجب أن نتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة أولا، بما يكفل خلق حالة سياسية وقانونية دولية يمكن أن تقود إلى خطوات أخرى». وأضاف: «الحصول على إدانة دولية لاغتيال عرفات سيمكّننا من التوجه إلى مؤسسات أخرى لمحاكمة إسرائيل». وأوضح: «نريد التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على إدانة دولية أولا، وثم تحديد المسؤولية عن الاغتيال باتجاه إسرائيل، وإجبار إسرائيل على الإقرار بهذه المسؤولية، وبالتالي تقديم الجناة للقضاء».

وعد القدوة هذا الخيار «الأكثر منطقية» من بين خيارات أخرى، مثل التوجه إلى «الجنايات الدولية» مباشرة، أو تشكيل محكمة خاصة من قبل مجلس الأمن الدولي.

ويعبر القدوة عن رأيه الشخصي في هذه القضية، باعتباره ابن شقيقة (أبو عمار)، أي ممثل العائلة، لكن ذلك لا يبدو خيار السلطة الفلسطينية في هذا الوقت.

وسُئل القدوة عما إذا كان ذلك يعني مطالبته بوقف المفاوضات مع إسرائيل، لأنها مرتبطة باتفاق حول عدم التوجه إلى الأمم المتحدة، فقال إنه لا ربط بين القضيتين، إذ إن الاتفاق الخاص بالمفاوضات متعلق بوضع الدولة القانوني، وليس تقديم الشكاوى للأمم المتحدة.

وعلى الأقل لا تملك السلطة حتى الآن دلائل مباشرة حول تورط إسرائيل في قتل عرفات. غير أن ابن شقيقته قال إن التقرير السويسري أوضح بشكل تام أن وفاة الرئيس كانت بسبب الإصابة بمادة «بولونيوم 210» السامة، التي لا تملكها إلا دول نووية، مضيفا: «هناك إشارات واضحة تؤكد ضلوع إسرائيل بعملية اغتيال عرفات». وتابع: «هذا لم يعد اجتهادا، بل أمر لا يقبل النقاش، فقد انتهت المجادلة لأن إسرائيل هي الجهة الوحيدة المعنية التي يمكن لها امتلاك واستخدام مادة مشعة، مثل (البولونيوم 210)، ناهيك عن كل القرائن والدلائل الأخرى».

ولم ينفِ القدوة احتمال أن يكون فلسطيني من دسّ السم لعرفات، إذ تطرق بشكل غير مفصل للتحقيق الروسي، قائلا إنه فهم أن هذا التحقيق أكد وجود «بولونيوم»، دس في جسم عرفات، وليس عن طريق الإشعاعات. وقال: «هناك احتمال مهم بوجود خائن فلسطيني، لكن الأهمية لا تكمن فيمن نفذ الاغتيال، الأهم كشف الحقيقة فيما يتعلق بالاغتيال ككل». وأضاف: «إن كانت هناك يد فلسطينية، فهذا يهمنا، لكنه لا يرقى إلى أهمية المسؤولية السياسية والجنائية الدولية». وأضاف: «فهمت أن التحقيقات تقترب من الوصول إليه (الخائن)».ويتهم غالبية الفلسطينيين إسرائيل بتسميم عرفات، حتى قبل ظهور النتائج، لكن إسرائيل نفت أي علاقة لها بالأمر، وقالت إن الأمر قد يكون متعلقا بأحد رجاله.

وفيما يدعو القدوة، الذي يمثل العائلة، إلى التوجه إلى الأمم المتحدة، تقيم زوجته، سهى عرفات، دعوى قضائية في فرنسا لمعرفة قاتل زوجها، كونه توفي في مستشفى بيرسي العسكري على الأراضي الفرنسية، بينما تعمل السلطة بشكل مستقل عبر التحقيق المكثف مع أشخاص حول عرفات.

وعمليا، يبدو التنسيق سيئا بين الأطراف الثلاثة؛ العائلة التي رفضت حتى فكرة استخراج الجثمان وفحصه، والزوجة التي توجهت منفردة للقضاء الفرنسي، والسلطة التي لم تطلع العائلة والزوجة على تفاصيل التحقيقات. ويشكل عرفات بالنسبة للفلسطينيين رمز القضية، وأكثر زعيم يحظى بشعبية كبيرة.

وأمس، أحيا الفلسطينيون ذكرى عرفات في معظم مدن الضفة الغربية، وفي مناطق يتركز فيها الوجود الفلسطيني في الخارج. ورفع الآلاف صور عرفات في شوارع الضفة، وأقيمت مهرجانات كبيرة في كل مدينة، وهتفوا ضد إسرائيل. وتجمع فلسطينيون عند ضريح عرفات الذي تحول إلى مزار، وعند كهف في جبال نابلس، كان اختبأ فيه مع بداية عمله التنظيمي، عندما تسلل إلى الضفة الغربية في عامي 1966 و1967. وكتب على باب الكهف الذي أصبح مزارا «مغارة خربة الهماش.. أبو عمار كان هنا». وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح سلطان أبو العينين في مهرجان كبير في نابلس: «سنذهب إلى حدود السماء لنقدم القتلة إلى المحاكمة.. لقد اقتربنا من لحظة الحقيقة. سنقدم الخونة إلى المحاكمة، ونقاضي الإسرائيليين أمام محكمة العدل الدولية على الجرائم التي تُرتكب يوميا بحقنا».

وتعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمة تلفزيونية، بالوصول إلى الحقيقة في ملابسات رحيل أبو عمار. وقال: «أجدد التزامنا بواجبنا الوطني ومسؤوليتنا كقيادة لهذا الشعب العظيم بالاستمرار في البحث عن الحقيقة كاملة، مهما كانت التعقيدات والعقبات، فمن حقنا أن نعرف الحقيقة. وهذا التزام وحق لا يسقط بالتقادم، وإنا على ثقة كاملة في أن لجنة التحقيق، التي لها كل الدعم والمساندة منا، ستصل إلى الحقيقة التي سنعلنها عندئذ لشعبنا كاملة». أما سهى عرفات، فقالت إنها تثق بالقضاء الفرنسي، وستتابع في أمر زوجها هناك.