معارضون علويون يجتمعون في إسطنبول اليوم لبحث «إنقاذ سوريا»

دعوة إلى الفصل بين انتمائهم العلوي ومعارضتهم للأسد

TT

تبحث مجموعة «كلنا سوريون»، وهي عبارة عن إطار يجمع عددا من المعارضين السوريين العلويين، كيفية الحفاظ على «ثورة الشعب السوري»، وحماية سوريا من «التفتيت» و«التطرف»، خلال مؤتمر تستضيفه مدينة إسطنبول التركية اليوم تحت شعار «صرخة لإنقاذ سوريا وثورتها».

ويأتي تنظيم هذا المؤتمر، بعد مؤتمر أول نظمته المجموعة ذاتها في العاصمة المصرية خلال أغسطس (آب) الماضي، تمخضت عنه وثيقة بعنوان «إعلان القاهرة»، من المقرر أن تشكّل إحدى نقاط البحث الرئيسة خلال المؤتمر الذي ينتهي غدا، وتنص على ضرورة عدم الخلط بين الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد، وبين النظام الحاكم، باعتبار هذا الخلط «خطأ سياسيا وأخلاقيا».

يصر منظمو هذا المؤتمر، الذين يتحدرون بمعظمهم من أصول يسارية، ومن أبرزهم بسام يوسف، وثائر موسى، وجمال سليمان، وعلي ديبو، وتوفيق دنيا، وآخرون، على الفصل بين انتمائهم العلوي الفطري (بالولادة) وبين معارضتهم للنظام السوري، التي تسبق بدء اندلاع التحركات الاحتجاجية منتصف شهر مارس (آذار) 2011.

وفي سياق متصل، يقول المعارض السوري المستقل توفيق دنيا، أحد منظمي المؤتمر لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر لا يتوجه إلى المعارضين العلويين فحسب، وإن كان منظموه من العلويين، إذ إننا نريد جمع طيف وطني من كل التيارات ذات الصفة المعتدلة والقادرة على التعاطي مع القضايا من منظار وطني جامع». ويوضح أن شعاره «صرخة لإنقاذ سوريا»، وبالتالي فإن «من ينقذ الأخيرة ليس العلوي أو السني بل المواطن السوري الذي يرى سوريا واحدة موحدة ويرفض تمزيقها على أساس جغرافي ومجتمعي».

ومن المقرر أن يشارك رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا في المؤتمر ويلقي كلمة فيه، على أن يحضره وفق دنيا عدد من الشخصيات المعارضة، العلوية وغير العلوية، لا سيما تلك المعتدلة والمنتمية للتيار الوطني الديمقراطي، إضافة إلى نحو 20 شخصية من الائتلاف أبرزهم المعارضان ميشيل كيلو وبرهان غليون.

ويحاول المجتمعون من خلال مباحثاتهم اليوم وغدا «إنضاج موقف عقلاني يحافظ على مصالح الشعب وحيوية الثورة»، فيما يطرح المنظمون محاور عدة للنقاش، من أبرزها: «التركيز على الوحدة الجغرافية لسوريا وعدم قابلية للتقسيم»، و«الحرص على وحدة المجتمع السوري التي يحاول النظام تمزيقها منذ اندلاع الثورة»، و«التأكيد على أن إسقاط النظام لا يتم بالقوة العسكرية وحدها، بل ثمة معركة سياسية يجب أن تخاض ضده». ويشير دنيا إلى أن من بين المحاور المطروحة للنقاش أيضا: «تأكيد رفض المظاهر الدينية المتطرفة من أي جهة أتت على الساحة السورية»، و«التشديد على أن ما يجمع مكونات المعارضة السورية هي الوثائق الصادر عن مؤتمر القاهرة»، في إشارة إلى المؤتمر الذي عقدته المعارضة برعاية جامعة الدول العربية (يوليو/تموز 2012)، والتي تضمنت الرؤية السياسية المشتركة لملامح المرحلة الانتقاليّة.

ويتفق منظمو المؤتمر مع باقي مكونات المعارضة السورية لناحية أن «لا بديل عن الحل السياسي، على أن يرتكز على إسقاط النظام، بمعنى إسقاط بشار الأسد وأعوانه ممن اقترفوا الجرائم»، بحسب دنيا، الذي يشدد على أنه «لا يمكن أن نقبل بأقل من ذلك». لكن الاتفاق حول هذا المبدأ الأساسي، لا يمنع دنيا، وهو عضو في الهيئة العامة للائتلاف، من الإشارة إلى «فشل المعارضة خلال مسيرتها في القيام بمهامها». من هنا، يحمل المؤتمر شعار «صرخة لإنقاذ سوريا». ويقول دنيا إن المبادرة «تحظى بتجاوب واسع بين صفوف المعارضة السورية المعتدلة التي تقبل بالذهاب إلى مؤتمر (جنيف2) ولكن على قاعدة إسقاط الأسد، هو ومن حوله».

وعما إذا كانت مجموعة «كلنا سوريون» تقدم نفسها من خلال مؤتمرها اليوم كبديل عن الائتلاف السوري، يجيب دنيا: «نتمنى أن تصل المقاربة إلى هذا الأمر ونأمل من هذه المعارضة أن تتكتل حول مبادئنا الرئيسة، من دون أن يعني ذلك أننا ضد المكونات الأخرى، عدا عن أن رئيس الائتلاف مدعو وسيلقي كلمة». ويضيف: «لسنا خارج الأطر، ولكننا نريد أن نكون، كمعارضين وطنيين معتدلين، إطارا فاعلا في المعارضة السورية، لا أن نلعب دور الكومبارس، وبعيدا عن أي منطلقات طائفية».

وينفي دنيا أن يكون العلويون سعوا للحصول على ضمانات من المعارضة، على خلفية اتهامها بعدم تقديم أي ضمانات لهم. ويقول في هذا السياق: «أعتقد أن المعارضين العلويين لم يسعوا للحصول على ضمانات، انطلاقا من أن ضمانة الأقليات بأن يكونوا جزءا من الثورة ومن عملية التغيير».

وفي موازاة تحميله النظام مسؤولية «نشاط المتطرفين بعد أن أطلق سراحهم من سجونه بعد اندلاع الثورة وغض نظره عنهم»، واعتباره أن نموهم اليوم «يشكل تحديا حقيقيا للثورة ويخدم النظام»، لكنه يرى في الوقت ذاته أن الأخير «لم يكن ليحقق هذا النجاح لولا أخطاء المعارضة». ويتابع: «قسم من معارضة الخارج أكثر تطرفا من الشارع الوطني السوري، وهذا ما ينعكس على الخطاب السياسي الموجه للعالم وفيه الكثير من المزايدة».

ولا ينكر دنيا الدعم العربي «المحدود» للشخصيات العلوية المنظمة للمؤتمر، ويقول: «ثمة شخصيات مشاركة تملك علاقات واسعة ومع أصدقاء سوريا، أما نحن منظمي المؤتمر فعلاقتنا محدودة ولا نلقى التشجيع والدعم الكافي». ويؤكد «إننا نشكو دائما من فقدان الدعم، ولو توفر لدينا لقدمنا أكثر بكثير مما قدمناه».