محمود جبريل يدعو الشباب الليبي للخروج إلى الشارع لحماية بلدهم

ناشد الجماعات المتطرفة الجلوس إلى مائدة الحوار لتجنيب البلاد مخاطر التدخل الأجنبي

محمود جبريل
TT

وجه محمود جبريل، رئيس أول حكومة ليبية بعد سقوط نظام معمر القذافي، نداء إلى الشباب الليبي يدعوهم للخروج إلى الشارع من أجل تحقيق توازن في مواجهة الجماعات المسلحة والميليشيات وقوة المال والفساد، التي قال إنها أصبحت تهدد بأن تشكل ذريعة أمام التدخل الأجنبي في ليبيا، والمس بسيادتها.

وقال جبريل، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية في افتتاح أشغال منتدى دول الجنوب «ميدايز» في مدينة طنجة المغربية، إن «الثورة الليبية في حاجة إلى تصحيح المسار»، مشيرا إلى أن «ما قام الليبيون من أجله وضحوا بالآلاف من الشهداء لبلوغه ليس هو هذا المشهد المليء بكل أنواع الانتهاكات وتبديد الثروة والفساد وانعدام الأمن». وأضاف جبريل أن ما يقع اليوم في ليبيا حقق لنظام القذافي ما لم يستطع أن يحققه على مدى أكثر من أربعين عاما في ما يتعلق بترسيخ شرعيته، وقال: «من المحزن أن نبدأ بسماع نغمة الله يرحم أيام القذافي، وأن يبدأ الليبيون يتحدثون عن الأمن والأمان في عهد القذافي».

وأشار جبريل إلى أن القوى الغربية أصبحت تلوح بالتدخل في ليبيا متذرعة بواقع الانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد، والتهديد الأمني الذي باتت تشكله بالنسبة للكثير من الدول، خصوصا دول الجوار، التي وصل السلاح الليبي إلى بعضها، ودول جنوب أوروبا.

وقال جبريل إن الدول الغربية التي ساعدت ليبيا في معركة التخلص من القذافي تتحمل مسؤولية كبرى في ما وصلت إليه الأمور في البلاد، مشيرا إلى أن هذه راهنت بعد الثورة على الإسلام السياسي وقدرته على احتواء التطرف الإسلامي، وغضت الطرف عن الجماعات المتطرفة في ليبيا وسمحت بتسليحها.

وقال جبريل: «إذا كنا نتحدث عن إرهاب، فالغرب ساهم مساهمة فعلية في هذا الأمر». وأشار جبريل إلى أن القوى الغربية كانت تدري أن ليبيا لم يكن فيها بعد سقوط القذافي لا جيش ولا شرطة ولا حكومة حقيقية، ومع ذلك كانت شحنات السلاح تصل إلى كل مطاراتها بعلم جميع الدول وبشهادة الأمم المتحدة التي أصدرت تقريرا حول هذا الأمر في ديسمبر (كانون الأول) 2012، من دون أن يثير أي رد فعل من أي دولة.

وأضاف جبريل: «الآن لما فشل مشروع الإسلام السياسي في ليبيا وفي مصر أصبحت أمامنا اليوم مشكلة قد يتخذها الغرب ذريعة للتدخل. وبالتالي فأنا أدين هذا السكوت الغربي على هذا الأمر، ثم اتخاذه ذريعة للتدخل والمساس بالسيادة الليبية. وأحذر وأنبه وأناشد أيضا كل من يمثلون ما يمكن أن يسمى (التطرف الإسلامي) أن لا يستعملوا كذريعة للمساس بالسيادة الليبية. عليهم أن يأتوا إلى مائدة الحوار، فكلنا ليبيون ويمكننا أن نحل كل المشكلات الليبية بالحوار في إطار ليبي وعلى أرض ليبية».

وعد جبريل أن الشارع الليبي هو صمام الأمان الوحيد أمام الهجمة الشرسة التي تتعرض لها بلاده، والذي سيستطيع مرة أخرى أن يغير المعادلة مثلما فعل في نهاية نظام القذافي.

وأشار إلى أن هناك بوادر في الفترة الأخيرة على هذا الدور الذي سيلعبه الشارع الليبي، مع انطلاق حراك التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي وصفه بالحراك الوطني الأصيل، وشبهه بحراك 17 فبراير (شباط) الذي أسقط نظام القذافي. وأوضح جبريل أن الجماعات التي تتمترس حاليا خلف السلاح لن تسمح بتكرار تجربة الانتخابات الماضية في ليبيا، والتي كانت حرة ونزيهة باعتراف الجميع، وبالتالي فإن على الشارع الليبي مرة أخرى أن يتدخل ليحقق التوازن.

يذكر أن ضيف الجلسة الافتتاحية للمنتدى الرئيس المالي الأسبق ديوكوندا تراوري، الذي منحه معهد أماديوس، الذي ينظم المنتدى، جائزته الكبرى لهذا العام تقديرا له على ما قام به أثناء قيادته لبلاده خلال المرحلة الانتقالية التي أشرف فيها على الانتخابات الأخيرة، وإعادة تطبيع الحياة السياسية في البلاد، في سياق العملية العسكرية الإفريقية - الفرنسية ضد الجماعات المسلحة التي سيطرت العام الماضي على شمال مالي.

كما شاركت في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الشيخة حصة سعد العبد الله سالم الصباح، رئيسة مجلس سيدات الأعمال العرب، ورياض المالكي وزير خارجية فلسطين.

وستنظم خلال المنتدى أكثر من 15 ندوة يتحدث فيها 140 شخصية من 52 بلدا، ضمنهم رؤساء دول وحكومات ووزراء سابقون وحاليون، ورجال أعمال وخبراء. ومن أبرز المحاور التي سيبحثها المنتدى الأوضاع في الكثير من بؤر التوتر في القارات الثلاث، وعلى رأسها سوريا ومنطقة الساحل والصحراء وبحر الصين ودول الربيع العربي، بالإضافة إلى قضايا التنمية والطاقة والأمن الغذائي.