مقتل 51 عراقيا.. والداخلية تطارد مسلحين مجهولين داخل بغداد وتحمل «القاعدة» المسؤولية

الجيش ترك مهامه الأساسية في حفظ الأمن والأرواح ليسحب مياه الأمطار

عراقيون يتفحصون موقع انفجار سيارة مفخخة أدت لمقتل خمسة أشخاص في مدينة الكوت جنوب بغداد أول من أمس (رويترز)
TT

بينما أدان خبير أمني متخصص ترك الجيش لمهامه في حماية أرواح العراقيين الذين باتوا عرضة للقتل والاستهداف طبقا لاعتراف وزارة الداخلية على لسان الناطق الرسمي باسمها، وانهماكه في عملية سحب مياه الأمطار في الأحياء التي تعرضت للغرق في مناطق مختلفة من أنحاء العاصمة العراقية، فقد اعتبرت وزارة الداخلية أن التحقيقات التي باشرتها الأجهزة المختصة في مقتل الشيخ حمد مخلف حمادي الدليمي وضابط برتبة عقيد في منطقة الطارمية ذات الغالبية السنية شمال بغداد أمس «تؤكد بما لا يقبل الشك أن تنظيم القاعدة هو من قام بتنفيذ تلك الجريمة».

وكان مصدر أمني أعلن أمس أن قوة أمنية عثرت على 16 جثة، بينهم ضابط من أهالي قضاء الطارمية شمال بغداد، كان قد اختطفوا أول من أمس الخميس، على يد مسلحين يرتدون زيا عسكريا من نفس المنطقة. وفي هذا السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد ووزارة الداخلية العميد سعد معن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجثث التي تم العثور عليها هي 9 جثث وليست 16 مثلما أشيع، وأن أبرز المستهدفين في عملية الاختطاف هم الشيخ حمد خلف حمادي الدليمي من شيوخ المنطقة الداعمين لعملية المصالحة الوطنية، وله مواقف مشهودة ضد التنظيمات الإرهابية، وكذلك عضو مجلس بلدي محلي ومدير مدرسة ومختار محلة ونجله وضابط برتبة عقيد منسوب إلى الفرقة الثالثة في الجيش العراقي»، مشيرا إلى أن «الحادث وقع بين قريتي نديم والبوفراس ضمن منطقة الطارمية، حيث تمت عملية الاختطاف من قبل مجموعة يرتدي بعضها وليس كلها الزي العسكري، وأن كل الدلائل تشير إلى أن هذه العملية هي من تدبير تنظيم القاعدة».

وردا على سؤال بشأن استمرار اتهام «القاعدة» بينما الناس يتحدثون عن ميليشيات ومسلحين مجهولين، قال العميد معن إنه «ليس من باب التبرير القول بذلك، لكن هناك قرائن وأدلة من بينها أن المنطقة مقفلة على مكون واحد (في إشارة إلى المكون السني)، كما أنه لم تدخل سيارات من الخارج وإنما من داخل القرية، وأن الشهداء كلهم من الداعمين للمصالحة الوطنية ومن الداعمين للأجهزة الأمنية، ولكن أسلوب القاعدة واضح في أنه يهدف إلى إثارة فتنة طائفية، ولكي يثبت أنه قادر على شتى أنواع الاستهداف». وأوضح معن أن «القوات الأمنية بدأت تطارد (القاعدة) حتى إنه صار صعبا عليها القيام بعمليات كبرى داخل بغداد، وهو ما جعلها تلجأ للقرى والأطراف لأنه يصعب وضع حماية أمام كل بيت في تلك القرى». وبشأن عمليات القتل والاعتداءات التي تعرضت لها عوائل كاملة في عدد من أحياء بغداد قال العميد معن «إن ما حصل من قتل لعائلتين في الشعلة والحرية كان في مناطق التجاوز، وقد تم تشكيل لجنة عليا لهذا الغرض، وإن التحقيقات الأولية ومن خلال إفادة امرأة ناجية من أحد الحادثين أن (القاعدة) تقف أيضا خلف هذه العملية لأهداف معروفة، منها تأجيج الصراع الطائفي وإثارة الرأي العام. وقد توصلت الجهات المختصة من خلال هذه المرأة إلى معلومات مهمة لا نستطيع الكشف عنها حاليا».

في السياق نفسه، أقر المتحدث باسم الداخلية بوجود «عمليات اعتداء واغتيال تطال المواطنين من قبل مسلحين مجهولين في مناطق الشعلة والبياع والإسكان والحرية» مؤكدا أن «هناك تعزيزا للقوات في هذه المناطق وتكثيفا للجهد الاستخباري للحد منها».

من جانبه، أكد الخبير الأمني الدكتور معتز محيي الدين، مدير المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العنف في البلاد أخذ أبعادا طائفية واضحة، حيث إن اغتيال زعماء عشائريين بارزين مثلما حصل في الجنوب، فضلا عن عمليات القتل والاختطاف المتبادل، إنما تؤشر لمسارين معا، الأول أن العنف الطائفي بدأ يخرج نسبيا عن نطاق السيطرة، والثاني أن الجهد الأمني بكل مستوياته لا يزال على ما هو عليه من أداء مترهل وغير كفؤ إلى الحد الذي يمكن معه القول إنه لا توجد جدية في التعامل مع الملف الأمني»، مشيرا إلى أن «الجيش مثلا ترك مهامه الأساسية في حفظ الأمن والأرواح ليتولى عملية سحب مياه الأمطار».

وأوضح محيي الدين أن «هناك مسألة لافتة للانتباه وهي أنه منذ اعتراف (واثق) البطاط باستهداف السعودية بالصواريخ فإنه مما يلاحظه المرء هناك الصمت على عمل الميليشيات، وذلك بعدم اتخاذ موقف جدي، الأمر الذي شجع الميليشيات على القيام بعمليات مختلفة بما في ذلك الاستعراض العسكري الطائفي الذي جرى في ديالى مؤخرا»، متوقعا أن «تقوم ميليشيات من الجهة الأخرى بتنظيم استعراض قوة في المناطق الغربية بينما الحكومة لا تستطيع القيام بدور مهم في هذا المجال».

وكانت مصادر طبية وأمنية عراقية أعلنت أمس مقتل 51 شخصا في العراق بينهم 25 بعد خطفهم من قبل مسلحين في حادثين منفصلين في تكريت والطارمية، شمال مدينة بغداد، في أعمال عنف جديدة تذكر بالنزاع الطائفي الذي شهدته البلاد قبل سنوات.