تصاعد ظاهرة خطف الناشطين المدنيين في المناطق «المحررة» بحلب

الاتهامات تتجه نحو «داعش».. وكتيبة معارضة تعلن فتح مقراتها لحمايتهم

TT

تتزايد عمليات خطف الناشطين المدنيين في مدينة حلب، لا سيما داخل المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. وفي حين تتجه أصابع الاتهام إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، فإن مصادر حقوقية لا تستبعد أن تكون كتائب معارضة أخرى تختطف الناشطين الذين يعلنون مواقف مخالفة لتوجهاتها بهدف ترهيبهم ومنعهم من التعبير عن آرائهم.

دفع هذا الواقع بعدد كبير من الناشطين إلى مغادرة المناطق المحررة، خاصة العاملين منهم في المجال الإعلامي، إذ يؤكد الناشط الحقوقي عبيدة فارس لـ«الشرق الأوسط» أن «80% من عمليات الخطف تستهدف ناشطين إعلاميين، فيما البقية هم ناشطون في مجال الإغاثة». مشيرا إلى أن «ظاهرة خطف الناشطين تزايدت مع بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي تزامنا مع بروز تنظيم «داعش» واكتسابه قوة ونفوذا في مناطق حلب وريفها».

ويرجح فارس أن «يكون تنظيم (الدولة الإسلامية) هو من يقف وراء عمليات الخطف لأنه يعمل بشكل أمني، ما يجعله يتوجس من أي شخص لديه معلومات أو بصدد جمع معلومات»، من دون أن يستبعد «تعمد التنظيم شن حملة مضادة تستهدف الناشطين والصحافيين بعد أن قام هؤلاء بفضح انتهاكات عناصره في الآونة الأخيرة».

لكن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، ينفي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تكون «داعش» هي الطرف الوحيد الذي يرتكب عمليات الخطف في حلب، مشيرا إلى أن «عددا من الكتائب المعارضة تخطف أي ناشط لا يتفق مع توجهاتها».

وغالبا من يصعب تحديد الجهة الخاطفة في حلب، إذ يعمد أشخاص ملثمون إلى تنفيذ هذه العمليات من دون إظهار أي إشارة إلى هويتهم. وكان آخر ضحايا عمليات الخطف الناشط الإعلامي لؤي أبو الجود الذي اختطف قبل يومين، خلال تغطيته لحادث سقوط برميل متفجّر في حي قاضي عسكر في حلب. كما جرى اختطاف الناشط الإعلامي مهيمن الحلبي المعروف باسم مالك الوسمي قبل أيام حين اعترض طريقه مجموعة من الملثمين أثناء توجهه إلى خناصر.

وذكر موقع «حلب نيوز» أن الملثمين اقتادوا الحلبي إلى سيارة رباعية الدفع، وانطلقوا به إلى جهة مجهولة. سبق هذه الحادثة اختطاف الناشط الإعلامي أحمد بريمو، بعد أن هاجمت مجموعة من المسلحين مكان سكنه في حي الزبدية في مدينة حلب، وأخذته تحت تهديد السلاح، بحسب ما ذكرت شبكة «حلب نيوز». إضافة إلى هؤلاء الإعلاميين المختطفين، سبق لجهات مجهولة أن اختطفت الناشط الإعلامي عبد الوهاب الملا ومراسل قناة «أورينت» عبيدة بطل.

ونتيجة تصاعد عمليات الخطف ضد الناشطين، أعلنت كتيبة «أبو أيوب الأنصاري» التابعة للجيش السوري الحر عن فتح أبواب مقراتها بمحافظة حلب أمام جميع الناشطين بعد التهديدات التي وجهت ضدهم. وقالت الكتيبة، في بيان عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيس بوك»، إن «الثورة ناقصة من دون تكاتف جميع القوى الثورية في مجالاتها المتنوعة».

ويستبعد الناشط الحقوقي عبيدة فارس في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «تتمكن الجهات الخاطفة من تحقيق أهدافها بإسكات الأصوات الحرة»، معربا عن ثقته بأن «الشعب الذي لم يتمكن نظام الرئيس بشار الأسد من قمعه وإسكاته لن تستطيع بعض التنظيمات مهما بلغ تطرفها أن تفعل أي شيء في هذا السياق».

وكان عشرات من الناشطين في مدينة حلب قد خرجوا في مظاهرات منتصف الشهر الجاري مطالبين بإطلاق سراح الناشطين الإعلاميين المخطوفين، وأكّد المتظاهرون على ضرورة قيام الهيئات القضائية والشرعية بالكشف عن الجهة المسؤولة عن عمليات الخطف والعمل على الحفاظ على حرية العمل الإعلامي. وقد رفع المتظاهرون صور الناشطين المخطوفين وشعارات تندد بهذه الانتهاكات وطالبوا بـ«منع ظاهرة اللثام بين بعض الكتائب التي يتستر خلفها المجرمون».

وانتهت المظاهرات باعتصام قصير أمام مقرات «الهيئة الشرعية» و«دولة الإسلام في العراق والشام» و«لواء التوحيد».