«مجلس الدفاع المدني».. صلاحيات واسعة تغني عن إدارة متخصصة للأزمات والكوارث

يضم في عضويته 18 جهة حكومية ويرأسه وزير الداخلية السعودي

عمليات توصيل للمساعدات نفذها الدفاع المدني بالتعاون مع الجهات المعنية
TT

شهدت مناطق واسعة من السعودية خلال الفترة القليلة الماضية، موجة أمطار متواصلة، قيل إن البلاد لم تشهد مثلها منذ 30 عاما، تم خلالها تعليق الدراسة في عدد من مناطق البلاد، بلغت في بعض المناطق أربعة أيام متواصلة، كما حدث في المنطقة الشرقية، هذا الوضع فتح الباب واسعا للحديث عن إدارة وطنية للحالات الطارئة والكوارث، تكون مهمتها اتخاذ القرارات والتنفيذ المباشر للحد من الخسائر، سواء كانت في الأرواح أو خسائر مادية.

وفق هذا الطرح عقد في سبتمبر (أيلول) الماضي المؤتمر السعودي الدولي الأول لإدارة الأزمات والكوارث، بتنظيم من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وحينها خرج المشاركون فيه بجملة من التوصيات، كان أبرزها اقتراح إنشاء مركز لإدارة الأزمات والكوارث يكون مقره العاصمة الرياض، ويشار إلى أن الدفاع المدني شارك بفعالية في هذا المؤتمر.

بين غياب مركز متخصص لإدارة الأزمات والكوارث، وبين الدور الذي يضطلع جهاز الدفاع المدني السعودي به في إدارة حالات الطوارئ والتعامل معها، يقول العقيد عبد الله الحارثي المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني: «إن المطالبة بتشكيل إدارة للأزمات والكوارث على مستوى السعودية لا تعني بحال من الأحوال عدم وجود تنظيمات واضحة وآليات فاعلة للتعامل مع الأزمات والكوارث التي قد تحدث، في أي منطقة من مناطق البلاد»، في تأكيد منه على أن هناك تنظيما حقيقيا لإدارة أي حالة أزمة أو كارثة، وأنه لدى جهاز الدفاع المدني خطوات واضحة يسير وفقها للتعاطي مع الأحداث بحسب تقديرات درجة خطورتها.

ويضيف الحارثي: «ربما تعود مثل هذه المطالبات إلى عدم المعرفة الدقيقة بنظام الدفاع المدني ومستويات العمل فيه، بالإضافة إلى انشغال البعض بالمسميات بدرجة أكبر من المضامين أو الإجراءات الفعلية المتبعة للتعامل مع الكوارث والحوادث الكبرى».

وأشار إلى أن المطلع على نظام الدفاع المدني يدرك جيدا وجود أجهزة وتنظيمات معنية لإدارة الأزمات والكوارث، يأتي في مقدمتها مجلس الدفاع المدني برئاسة وزير الداخلية الذي يضم في عضويته وزراء وقيادات 18 جهة حكومية، ثم يأتي في المرتبة التالية اللجنة التحضيرية لمجلس الدفاع المدني، وفي المرتبة الثالثة اللجان المحلية للدفاع المدني في المناطق، ثم المديرية العامة للدفاع المدني.

وبين الحارثي أن قرارا صدر من مجلس الوزراء بناء على مقترحات من مجلس الدفاع المدني بإنشاء إدارات لمواجهة الكوارث في جميع الجهات الحكومية لزيادة قدرتها على تنفيذ المهام المنوطة بها في التعامل مع الكوارث والأزمات.

وشدد المتحدث باسم الدفاع المدني على أنه لا يمكن القول بعدم وجود إدارة للازمات والكوارث بالمعنى الحقيقي لكلمة إدارة.

وعن المهام المنوطة بمجلس الدفاع المدني، قال الحارثي «إن مهام وصلاحيات مجلس الدفاع المدني ربما تفوق المهام التي يمكن أن تناط بإدارة متخصصة في الأزمات والكوارث التي يطالب البعض بإنشائها، ويضم مجلس الدفاع المدني الذي يترأسه وزير الداخلية 18 جهة حكومية، تشمل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والحرس الوطني والهلال الأحمر ووزارات الشؤون البلدية والقروية والمالية والاقتصاد والتخطيط والصحة والزراعة والتجارة والصناعة والنقل والمياه والكهرباء ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وهيئة الأركان العامة والأمن العام والدفاع المدني».

ويعدد الحارثي مهام مجلس الدفاع المدني بأنه يتولى وضع السياسات العامة للدفاع المدني وكذلك الخطط والمشاريع التي تمكنه من أداء مهامه في حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة والمشاريع وتحديد مهام ومسؤوليات الأجهزة الحكومية الأخرى وغيرها من الجهات العامة والخاصة، بالإضافة إلى إصدار اللوائح التنفيذية لنظام الدفاع المدني وللمجلس كامل الصلاحيات في الاستعانة بأي جهات أو أفراد يرى إمكانية الاستفادة منها.

كما يشير إلى أن نظام مجلس الدفاع المدني ينص على أنه ينعقد مرة كل عام، كما ينعقد في حالات الطوارئ التي تتطلب ذلك، بناء على دعوة من رئيس المجلس «وزير الداخلية»، في حين تعقد اللجنة التحضيرية للمجلس التي يترأسها مدير عام الدفاع المدني اجتماعاتها بصورة نظامية دورية، وتعد جميع قراراتها وتوصياتها نافذة بحضور أغلبية أعضائها.

ويوضح العقيد عبد الله الحارثي أن اللجنة التحضيرية تضم في عضويتها قائد سلاح المهندسين في وزارة الدفاع، ووكيل وزارة المالية لشؤون الميزانية والتنظيم، ووكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط المساعد للتخطيط، ومدير عام الإدارة العامة للشؤون الهندسية بوكالة وزارة الشؤون البلدية والقروية للشؤون الفنية، وأمين مجلس الدفاع المدني، ومدير عام الإدارة العامة لضبط الجودة بهيئة المواصفات والمقاييس، ومدير عام الإدارة العامة للطوارئ والسلامة والنقل الإسعافي، والمشرف على معهد بحوث الطاقة الذرية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومدير إدارة السلامة والبيئة بوزارة التجارة والصناعة.

كما تعد لجان الدفاع المدني في مختلف مناطق السعودية مجالس مصغرة لمجلس الدفاع المدني الرئيس، من حيث الصلاحيات المخولة لها في كل منطقة، ويضيف المتحدث باسم الدفاع المدني: «إن أمراء المناطق يترأسون هذه اللجان التي تضم في عضويتها مديري الشرطة، وقيادات الحرس الوطني على مستوى المناطق، ومديري إدارات الطرق وفروع المديريات التابعة لوزارات الصناعة والتجارة والشؤون البلدية والقروية والمالية والصحة والزراعة والمياه والكهرباء، وقيادات المناطق العسكرية والدفاع المدني، ولهذه اللجان الصلاحيات كافة في اتخاذ الإجراءات الوقائية ضد المخاطر ذات العلاقة بأعمال الدفاع المدني والإشراف على تنفيذ خطط مواجهة الكوارث والأزمات في مناطقها».

ويختص المجلس الرئيس بوضع السياسات الخاصة بالدفاع المدني ومتابعة تنفيذها وإصدار لوائح نظام الدفاع المدني، في حين تتولى المديرية العامة للدفاع المدني ولجان المناطق بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية تنفيذ هذه السياسات واتخاذ التدابير كافة في التعامل مع ما قد يقع من حوادث أو أزمات في جميع مناطق البلاد، على غرار الأمطار التي سقطت - مؤخرا - على عدد من مناطق السعودية.

وشدد العقيد الحارثي على أن جميع القرارات التي تصدر عن المجلس ملزمة للجهات الحكومية كافة على مستوى السعودية، وكذلك فروع هذه الجهات في كل منطقة، وقد باشرت هذه اللجان أعمالها في حادثة سيول جدة الأولى التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، وفي أحداث الحد الجنوبي «الحرب مع الحوثيين» التي وقعت في نوفمبر من ذات العام وامتدت حتى فبراير (شباط) من عام 2010، وفي أحداث النشاط البركاني في محافظة العيص التي وقعت في مايو (أيار) من عام 2009، وفي الأمطار التي هطلت على أغلب مناطق السعودية منتصف نوفمبر الجاري.

وأوضح الحارثي أن مهام الجهات الحكومية الأعضاء في لجان الدفاع المدني واضحة لا لبس فيها، وتعمل بالقرارات التي تصدرها لجنة الدفاع المدني في المنطقة دون الرجوع إلى الوزارات التابعة، لأنها قرارات ملزمة لجميع الجهات الحكومية وأي جهة أخرى ترى اللجنة أو المجلس ضرورة تقيدها بهذه القرارات.

وبين أن قرار تعليق الدراسة تم إقرار آلية واضحة له تبنى على تقارير الطقس الصادرة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، بشأن أي متغيرات مناخية تمثل خطرا على الطلاب أو المعلمين أو المنشآت التعليمية، كذلك يؤخذ في الاعتبار رؤية الدفاع المدني في كل منطقة، ولكن وزارة التربية والتعليم هي من يعطي الإشارة بتعليق الدراسة.

وفي حال الحاجة إلى إخلاء مدينة أو تجمعات سكانية، يشير المتحدث باسم الدفاع المدني إلى أن هناك خطة تفصيلية يتم اتباعها في عملية الإخلاء والإيواء وحصر الأضرار والتعويضات في حالات الكوارث.

وتتضمن الخطة تحديد المواقع التي يمكن استخدامها للإيواء في كل منطقة وتشمل المدارس والجامعات والملاعب والمنشآت الرياضية ومنشآت الجهات الحكومية والخيرية، وحتى قاعات الاحتفالات وقصور الأفراح، كما تتضمن الخطة آليات إخلاء المتضررين من الكوارث إلى هذه المواقع وتوفير وسائل النقل ومتطلبات الرعاية الصحية والإعاشة وغيرها من الخدمات الضرورية التي تحددها الخطة.

ويختم العقيد عبد الله الحارثي حديثه بالإشارة إلى أن خطط التعامل مع الكوارث لا تقتصر على جهود لجان الدفاع المدني في المناطق، بل تتضافر معها جهود الأجهزة الحكومية كافة في تنفيذها، ومثال ذلك وجود خطة تفصيلية لدى الدفاع المدني لإسناد إدارات الدفاع المدني في مدن ومحافظات البلاد جميعها بالقوى البشرية والآلية في حال تعرض هذه المدن والمحافظات لكوارث أو أزمات.