آفاق «السلطان» أردوغان السياسية تتراجع مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية

عينه على انتخابات الرئاسة التركية في أغسطس 2014

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يتحدث في اجتماع لحزبه «العدالة والتنمية» بأنقرة أول من أمس (رويترز)
TT

تتلبد السحب في آفاق مستقبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، السياسي الذي كان في أوج قوته قبل بضعة أشهر، وذلك قبل أربعة أشهر من دخوله في نفق انتخابي سيشغل البلاد حتى 2015.

وبعد أن فاز بفارق كبير في الانتخابات التشريعية الثلاثة الأخيرة، يهيمن رئيس الحكومة الإسلامي المحافظ على الساحة السياسية التركية بلا منازع، منذ أكثر من 10 سنوات.

لكن بعد الثناء عليه طويلا للقفزة الاقتصادية الهائلة التي حققتها بلاده في عهده، يطعن اليوم منتقدوه الذين يلقبونه «بالسلطان» في انحرافه التسلطي «الإسلامي»، عشية اقتراع محلي حاسم.

وقال المحلل ألتر توران من جامعة بلجي الخاصة في إسطنبول «منذ توليه الحكم، تحول رئيس الوزراء تدريجيا من ممارسة براغماتية للسلطة إلى مواقف آيديولوجية، ومن العمل الجماعي إلى قرارات فردية، ومن الديمقراطية إلى التسلط، ومن سياسات مدروسة إلى أخرى ارتجالية».

وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد لطخ القمع العنيف للانتفاضة ضد الحكومة التي هزت البلاد برمتها، خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من يونيو (حزيران) الماضي، كثيرا سمعة أردوغان؛ سواء داخل أو خارج البلاد. وكشفت قراراته التي أصبحت تثير انتقادات متزايدة شروخا حتى في داخل حزبه؛ حزب العدالة والتنمية.

وهكذا قوبل مشروعه إلغاء مدارس الدعم الخاصة انتقادات علنية وشديدة من جمعية غولان القوية، التي ينتمي إليها الداعية الإسلامي فتح الله، والتي تتمتع بنفوذ في الشرطة والقضاء، وكانت تعتبر حتى ذلك الحين من أقرب حلفائه. وتوقع صحافي تركي هذا الأسبوع أن يكون تحدي رئيس الوزراء لشبكة غولان التي تمول ربع المدارس الخاصة المهددة بمشروعه، بمثابة «خطأ حياته».

وتجرأ الرئيس عبد الله غل ونائب رئيس الوزراء بولنت أرينج، وهما مقربان من الجمعية، مرارا، على تحدي موقف أردوغان المتصلب حتى إن أرينج عارض أخيرا إرادة رئيسه إلغاء الاختلاط بين البنات والبنين في الأحياء الجامعية.

لكن رئيس الوزراء المستقوي، لأنه يحظى بدعم الأغلبية المحافظة في البلاد، يضرب بتلك الانتقادات عرض الحائط. وقال، أول من أمس، أمام ناشطي حزب العدالة والتنمية: «إننا كإخوة سنضيف انتصارا باهرا جديدا لحصيلتنا السياسية».

وتتوقع كل الاستطلاعات فوز المعسكر الإسلامي؛ سواء في الانتخابات البلدية في 2014 أو التشريعية في 2015. وخلال 10 أعوام تمكن أردوغان من تعزيز سلطته بتحكمه في الجيش الذي أطاح بأربع حكومات منذ 1960، ومعظم وسائل الإعلام.

وأكد نائب رئيس أكبر حزب معارض (حزب الشعب الجمهوري) فاروق لوغوغلو أن «الاستياء الناجم عن سياسة رئيس الوزراء يتزايد في داخل وخارج البلاد». وأضاف أن «الديمقراطية والحريات مهددة، وثمن هذه السياسة هي أن تركيا أصبحت مهمشة على الساحة الدولية، ومقسمة في الداخل».

وفي الشرق الأوسط، تسبب دعم تركيا السنية لمعارضي الرئيس السوري بشار الأسد في تعكير علاقاتها باثنين من أكبر أنصار نظام دمشق، أي العراق وإيران الشيعيين. كذلك دفع ولاء أنقرة للرئيس المصري المخلوع محمد مرسي إلى توتر علاقاتها بالنظام المصري، الذي عزله. وقال حسن جمال، كاتب افتتاحية مستقل، على «إنترنت تي 24» إنه «إذا فشلت في تعديل سياستك، فإنك تدمر هامش مناورتك الدبلوماسي، وتعزل بلادك».

وبما أنه مرغم على الامتثال لقانون داخلي في حزبه يمنعه من الترشح لولاية رابعة في 2015، أصبحت عين رجب طيب أردوغان مركزة على الانتخابات الرئاسية المقررة في أغسطس (آب) 2014، التي ستجري بالاقتراع المباشر لأول مرة.

وقال ايلتر توران إن «القادة أصحاب القبضة الحديدية يريدون ترك بصماتهم في التاريخ»، و«رئيس الوزراء ملتزم تماما بهذه المهمة لكنها تؤدي إلى نفاد الصبر سواء في الجبهة الداخلية أو في الخارج».