ارتفاع حصيلة قتلى البراميل المتفجرة بحلب إلى 135.. والنظام يعوض بها عن النقص في الذخيرة

المعارضة تعلن عن مجزرة في بيت سحم بريف دمشق تسفر عن مقتل 30 شخصا

سوريون يحاولون إخراج مواطن من سيارته الشبه المدفونة تحت الأنقاض في حلب إثر قصف من قبل قوات تابعة للنظام أمس (رويترز)
TT

ارتفع عدد قتلى القصف بالبراميل المتفجرة على حلب، كبرى مدن شمال سوريا، إلى أكثر من 135 قتيلا خلال أربعة أيام، بينهم «عسكري معارض واحد» بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي رأت أن استخدام هذا النوع من «الذخيرة العشوائية»: «انتهاك فاضح للقوانين الدولية نظرا لاستهدافها المدنيين».

وتزامن ذلك مع إعلان مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق عن وقوع «مجزرة مروعة بحق المدنيين العزل راح ضحيتها ما يزيد على 30 شخصا»، في بلدة بيت سحم في ريف دمشق، متهما القوات النظامية بارتكابها. وأشار المجلس إلى أن عشرات الجرحى وقعوا في المجزرة، لافتا إلى أن «مصير العشرات بقي مجهولا بعد قيام القوات الحكومية بسحب جثثهم وحرق جثث آخرين على مرأى من المدنيين». وقال المجلس إن سبب هذه «المجزرة الفظيعة»، يعود إلى «وعود أعطتها لجنة التسوية المشتركة بفتح معبر إنساني عبر مدخل بلدة بيت سحم حيث توافد إلى البلدة خلال الأيام الثلاثة الماضية المئات من المدنيين من بلدات جنوب دمشق كافة، وعندما اجتازت اللجنة الحاجز المتواجد على مدخل البلدة ظهر أمس، فتحت قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة وقناصاتها باتجاههم».

وتصدرت البراميل المتفجرة واجهة الذخائر السورية التي استخدمتها قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بعد اقتصار استخدامها خلال الأشهر الماضية على مناطق حرجية في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية، وتحديدا في منطقة سلمى. وقالت تقارير المعارضة السورية إن أكثر من 135 شخصا، بينهم 39 طفلا وعشر نساء، قضوا في انفجار أكثر من 30 برميلا متفجرا استهدف أحياء مكتظة في مدينة حلب، ومدينة الباب التي تبعد 30 كيلومترا شرق المدينة، كما تسبب القصف بجرح نحو 750 شخصا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن هذه الحصيلة هي «من الأكثر دموية جراء قصف جوي منذ بدء نظام الرئيس بشار الأسد باستخدام سلاح الطيران في المعارك ضد معارضيه قبل 18 شهرا». وتجدد القصف أمس لليوم الرابع على التوالي، حيث شن الطيران السوري غارات جديدة على أحياء في شرق وشمال مدينة حلب حيث تنتشر قوات المعارضة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان باستهداف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في حي مساكن هنانو، وفي محيط دوار الحاووظ قرب حي قاضي عسكر، بينما قصف الطيران الحربي «منطقة السكن الشبابي في حي الأشرفية. وجاء القصف غداة مقتل 39 شخصا في قصف أحياء طريق الباب والشعار والمعادي».

وكان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة رأى أن «الغارات الممنهجة» على حلب تكشف «عن حقيقة الموقف الذي يتبناه النظام من جنيف2 ومن أي حل سياسي».

ويقول ناشطون إن المروحيات التي تحمل البراميل المتفجرة «تحلّق على ارتفاع كبير يقارب الـخمسة آلاف إلى ستة آلاف قدم، ما يحول دون إمكانية استهداف المروحية بالمضادات الأرضية التي يملكها المعارضون. ويؤكد هؤلاء أن تلك البراميل «لا تصيب أهدافها بشكل مباشر، نظرا لوزنها وطريقة هبوطها التي تتأثر بحركة الهواء والوزن وسرعة المروحية، ما يؤدي إلى مقتل المدنيين في غالب الأحيان».

وتتنوع أوزان البراميل المتفجرة بين 200 و300 و500 كيلوغرام، وتقول شبكة حقوق الإنسان السورية، في تقرير نشرته أول من أمس، إن تلك البراميل «عبارة عن مستوعبات معدنية أو اسمنتية، تحتوي مواد شديدة الانفجار أو محروقات، فضلا عن الخردة المعدنية التي تتطاير على شكل شظايا لدى انفجار البرميل»، مشيرة إلى أنها «تنفجر لدى ارتطامها بالأرض، وتتسبب بالحرائق وبدمار هائل». غير أن الخبراء العسكريين، يشككون باستخدام هذا النوع من الذخيرة، نظرا «لاستحالة حملها في الجو». ويقول الخبير العسكري العميد المتقاعد هشام جابر لـ«الشرق الأوسط»، بأن هناك «استحالة في حمل براميل متفجرة يفوق وزنها الـ200 كيلوغرام في الجو»، مشيرا إلى أن «أغلب الترجيحات أن ما يستخدم في حلب خلال الأيام الماضية، هو الأسطوانات المتفجرة المعروفة بـ(القازانات)، وتنفجر لدى ارتطامها بالأرض».

ويقول جابر، وهو رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، إن البراميل المتفجرة «نسمع بها للمرة الأولى في العلوم العسكرية»، مشيرا إلى أنها، بحسب وصفها: «تشبه إلى حد كبير الأسطوانات (القازانات) التي استخدمت لأول مرة في الحرب العالمية الأولى، وكثر استخدامها في الحرب العالمية بعد تطورها، ويقارب وزنها المائة كيلوغرام، وعلى الأغلب تحمل المواد المتفجرة فيها بحاوية من الألمنيوم بهدف إنقاص وزنها، وتُصنع محليا في معامل الدفاع في سوريا». ويشير إلى أن تلك الأسطوانات «يمتد طولها من متر إلى متر ونصف، وتنفجر لدى ارتطامها بالأرض»، مجددا تأكيده أن «البراميل المتفجرة التي يُحكى عن استخدامها في سوريا مبالغ فيها، لعدم قدرة سلاح الجو السوري على استخدامها بالأوزان التي يحكى فيها عنها».

ويشير حجم الدمار الذي تخلفه البراميل المتفجرة، أو الأسطوانات المتفجرة، إلى أن قدرتها التدميرية تتعدى في بعض الأحيان، ما تتسبب به الصواريخ الموجهة التي تحملها المروحيات، نظرا لصغر حجم الأخيرة. ولا يخفي معارضون، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تلك البراميل «تطورت صناعتها عما كانت عليه في السابق، بدليل حجم الدمار الذي تحدثه، وتحديدا في حلب».

وفيما يشير المعارضون إلى أن تلك البراميل تصنع في قواعد عسكرية في اللاذقية، بدليل «استهداف مناطق ريف اللاذقية بها في السابق، حيث تحملها المروحيات مسافة لا تتعدى الـ35 كيلومترا بين مدينة اللاذقية وجبلي الأكراد والتركمان»، كشف العقيد محمد عمر المنشق عن النظام السوري أن تلك البراميل تُصنّع في مركز الدراسات والبحوث العلمية في مدينة مصياف التابعة لمحافظة حماه، بإدارة الدكتور عزيز علي أسير. ونقل موقع «حلب نيوز» عن العقيد المنشق قوله: إن مجموعة من الخبراء والمهندسين والضباط يساعدون «أسير» على صناعتها وتطويرها.

والبراميل المتفجرة، هي قنابل محلية الصنع، لجأت القوات الحكومية السورية لاستخدامها: «بسبب النقص في الذخيرة من صواريخ المروحيات»، كما قال مصدر بارز في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط»، في تصريحات سابقة، وذلك «في ظل العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري لناحية التزوّد بالأسلحة وبالذخائر».

وقبل تطوير البراميل المتفجرة، كان معظمها عبارة عن «جسم معدني من الفونت، يحتوي على كمية قليلة من الـ(TNT)، وكمية كبيرة من المواد الكيماوية التي تستخدم كسماد زراعي مثل البوتاسيوم وكربونات ونترات البوتاسيوم والفوسفات، مما يزيد من قوة انفجار المادة المتفجرة».

ويدين مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، الصمت الدولي على استخدام هذا النوع من السلاح، مؤكدا أنه لا يصيب في أغلب الأحيان أهدافا عسكرية، بل يشكل تهديدا واقعيا لقواعد أساسية في القانون الإنساني الدولي. واعتبرت الشبكة في تقريرها الأخير، أن ما يستخدمه النظام «يندرج ضمن إطار جرائم الحرب»، مؤكدة أن الاستخدام العشوائي لها يعد خرقا واضحا للقوانين الدولية كونها تستهدف مدنيين.