الخطة الروسية لإنقاذ كييف ماليا تعمق الأزمة في أوكرانيا

حكومة يانوكوفيتش تحذر من مواصلة الاحتجاجات والمعارضة تنتقد «رهن البلاد»

ممثلون عن المعارضة يتحدثون خلال تجمع أمام مكتب أمين مجلس الأمن القومي والدفاع في كييف أمس (إ.ب.أ)
TT

تباينت ردود السلطة والمعارضة في كييف أمس غداة الاتفاق الذي أبرمه الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو وستحصل بموجبه أوكرانيا على مساعدات مالية ضخمة. فقد ذكرت الحكومة أمس أن الاتفاق «التاريخي» بين كييف وموسكو جنب البلاد الإفلاس، وحذرت من أي زعزعة لاستقرار البلاد التي تشهد منذ شهر مظاهرات للمطالبين بالتقارب مع أوروبا. وفي المقابل واصلت المعارضة احتجاجاتها واعتبر متحدثون باسمها خلال مظاهرة حاشدة في العاصمة أن الاتفاق «يرهن البلاد».

وقال رئيس الوزراء ميكولا أزاروف أمس لدى افتتاحه جلسة مجلس الوزراء «لن ندع أحدا بعد اليوم يزعزع الاستقرار». وجاء هذا التصريح غداة الاتفاقات التي وقعها يانوكوفيتش في موسكو، والتي ستمنح روسيا بموجبها أوكرانيا 15 مليار دولار وتخفض بمعدل الثلث سعر الغاز الذي تسلمها إياه، وهو مستوى تفضيلي لجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، وترفع العراقيل أمام التجارة التي فرضت في الأشهر الماضية. وبحسب خبراء، فإن خطة الإنقاذ هذه تبعد مخاطر الإفلاس الفوري التي كانت تحدق بأوكرانيا التي تشهد انكماشا منذ عام ويتراجع احتياطها من العملات كل يوم.

كما كان للاتفاق ردود فعل خارجية فورية. فقد اعتبرت واشنطن التي تساند بقوة المعارضين منذ أسابيع، أن الاتفاق لن يؤدي إلى تهدئة «قلق هؤلاء الذين تجمعوا للاحتجاج في كل أوكرانيا». وبدورها، اعتبرت الرئاسة الليتوانية للاتحاد الأوروبي أن الاتفاق ليس سوى «حل مؤقت» ليس من شأنه سوى تأخير أزمة وشيكة لا إزالة التحديات على المدى الطويل. وقال وزير الخارجية الليتواني ليناس لينكيفسيوس لوكالة الصحافة الفرنسية معلقا على الاتفاق بين كييف وموسكو: «إذا كان المال هدفه سد ثغرة فإنه لن يؤدي سوى إلى تأخير الأزمة ولن يحل شيئا. أي خيار آخر غير التحديث سيقود في النهاية إلى الأزمة». واعتبر الوزير أيضا أن الاتفاق «سيجعل من الصعب تهدئة» المتظاهرين المؤيدين لأوروبا في ساحة الاستقلال في العاصمة الأوكرانية. ورأى أن «هذه العملية التي تذكر ببيع في المزاد العلني يربح فيه من يدفع أكثر ليست وسيلة للخروج من الأزمة. يجب اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن الإصلاحات والتحديث والقدرة التنافسية حتى يتمكن الأوكرانيون من الوقوف على أقدامهم».

لكن رئيس الوزراء الأوكراني أشاد في المقابل بالاتفاق «التاريخي» مع موسكو، معتبرا أنه سمح بإنقاذ الاقتصاد الأوكراني من «الإفلاس» الذي كان يهدده في حال توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي. وانتقد أزاروف المعارضة التي تولى بعض قواها السلطة قبل انتخاب يانوكوفيتش عام 2010 محملا إياها مسؤولية الوضع الاقتصادي الحالي في البلاد. وقال: إن «العقد السابق حول الغاز (الذي أبرمته رئيسة الوزراء آنذاك يوليا تيموشنكو المسجونة حاليا) ينزف الاقتصاد الأوكراني منذ ثلاث سنوات ونصف». وأضاف أن «الرئيس وضع حدا لهذا التفريط بالمصالح الوطنية الذي تتحمل مسؤوليته القوى السياسية ذاتها التي تتسبب اليوم بزعزعة الاستقرار في البلاد».

وأكد أزاروف أن «الاتفاقات الموقعة تتيح إمكانات جيدة للاقتصاد الأوكراني لسنوات كثيرة. وكان من المستحيل تحقيق كل ذلك من دون اتفاق بين الرئيسين الروسي والأوكراني». وأشار إلى أنه لو وقعت أوكرانيا اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لكان تعين عليها الموافقة على شروط صندوق النقد الدولي ومنها زيادة أسعار الغاز على المستهلكين وتخفيض سعر العملة الوطنية وتجميد الرواتب مع شراء الغاز الروسي بأسعار عالية. وقال أيضا «اليوم ليس هناك ما يهدد الاستقرار الاقتصادي والمالي في أوكرانيا».