«أنصار الشريعة» في تونس تنفي اعتقال «أبو عياض» وتدعو مناصريها إلى تجنب «رد الفعل المادي»

قانون تعويض «ضحايا الاستبداد» يثير جدلا بين الإسلاميين والعلمانيين

TT

نفى تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور في تونس خبر اعتقال زعيمه سيف الله بن حسين الملقب بـ«أبو عياض» في ليبيا، وبدت معظم قياداته مصدومة وامتنعت عن التعليق على الموضوع. وقال التنظيم في بيان له إن «الخبر لا أساس له من الصحة» وهو يهدف بالأساس إلى «دفع شباب التيار إلى رد الفعل المادي» ونبه التنظيم أنصاره إلى الفخ المنصوب لهم ودعاهم إلى تجنب الانجرار وراء الإشاعات، على حد تعبيره.

وصنفت السلطات التونسية تنظيم «أنصار الشريعة» منذ شهر أغسطس (آب) الماضي «تنظيما إرهابيا» ومنعت كافة أنشطته. واتهمته بالضلوع في عمليات الاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد سنة 2013 والإعداد لعمليات إرهابية داخل البلاد.

وفي بعض الأحياء الشعبية غرب العاصمة على غرار حي التضامن وحي الانطلاقة وحي التحرير, بدا أنصار تنظيم الشريعة غير مصدقين للخبر وارتسمت على وجوه البعض منهم كما ذكر بعض شهود العيان علامات الاندهاش والمفاجأة. وعبر البعض منهم عن غضبه الشديد على المؤسسة الأمنية التونسية التي كانت أول من أعلن الخبر.

وانقسم التونسيون بين الشعور الحذر والانتظار في صمت على أثر الإعلان عن خبر القبض على «أبو عياض». وأوردت الصحف التونسية الخبر باحتراز شديد وفي صيغة تساؤل، ورفضت الدوائر الرسمية التعليق على الأمر فوزارات الداخلية والعدل والخارجية المعنية مباشرة بالموضوع لم تعبر عن مواقفها الرسمية إزاء ما حصل وتركت الباب مواربا.

ونفى رضا البوكادي سفير تونس بليبيا علمه بالخبر, وقال «لا علم للسفارة التونسية باعتقال أبو عياض»، في مسعى على ما يبدو إلى إبعاد تهمة القبض عن السلطات التونسية. فيما قال العميد المختار بن نصر المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع التونسية أن «اصطياد أبو عياض يمثل ضربة قاصمة للإرهابيين» وهذا الأمر سيضعف أنشطتهم الإرهابية, على حد تعبيره.

وكثفت قوات الأمن التونسية من حملاتها الأمنية وعمليات مراقبة السيارات في معظم شوارع العاصمة واستعمال آلات الكشف عن المتفجرات في مداخل أهم الفضاءات التجارية. وتبدي المؤسسة الأمنية تخوفا من إمكانية رد الفعل خلال احتفالات رأس السنة الميلادية وتدفق آلاف السياح الأجانب على أهم المناطق السياحية في البلاد.

وعلى مستوى علاقة الحكومة السائرة نحو الاستقالة والمعارضة الضاغطة بقوة من أجل خروج الائتلاف الثلاثي من الحكومة، أثار قانون إنشاء صندوق لتعويض «ضحايا الاستبداد» جدلا بين الإسلاميين في الحكم والمعارضة العلمانية بخصوص كيفية تمويله في ظل موازنة مضغوطة. وسادت جلسة البرلمان التي تواصلت إلى ساعة متأخرة من ليلة الأحد تجاذبات سياسية عميقة انتهت بمصادقة نواب المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) على القانون في ظل تواصل الاحتجاجات المعارضة على الصندوق وعلى تمويله من الأموال العمومية. واعترض إلياس الفخفاخ وزير المالية التونسي الذي كان حاضرا أثناء جلسة مناقشة المقترح على مبدأ إحداث صندوق من دون التنصيص على موارده وطريقة تمويله. فيما دافع النواب وأغلبهم من حركة النهضة عن المقترح وقالوا إنه يكفي القليل من التمويل من ميزانية الدولة لتأتي البقية من إسهامات المتبرعين.

وبعد أكثر من عامين من النقاش حول كيفية تعويض المنتفعين بالعفو التشريعي العام من ضحايا الاستبداد خلال فترتي حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وخلفه زين العابدين بن علي، نجح نواب الحزب الحاكم بشكل خاص في تمرير مقترح لإنشاء صندوق للتعويض.

وجاء المقترح ضمن بنود قانون المالية لسنة 2014 ورافقته انتقادات واسعة من المعارضة، ووافق 87 نائبا معظمهم من كتلة حركة النهضة الإسلامية، على تمرير المقترح مقابل رفض 13 وامتناع 19 آخرين عن التصويت.

ومن المتوقع أن يتمتع نحو 12 ألف سجين سياسي شملهم العفو التشريعي العام عبر مرسوم رئاسي صدر مباشرة بعد الثورة في فبراير (شباط) 2011 وكانوا ضحايا القمع والتعذيب قبل الثورة.

ومع أن التعويض سيطال رموزا ومناضلين من أطياف سياسية مختلفة وهو يقر التعويض للضحايا إلى حد سنة 1955 أي قبل الاستقلال بسنة واحدة، فإن المقترح يثير حفيظة الأحزاب العلمانية كون الغالبية المستفيدة منه هم من الإسلاميين وترى أن الإسلاميين تعاملوا مع الوضعية على أساس الغنيمة.

في غضون ذلك، ينتظر أن يعقد مكتب المجلس التأسيسي غدا الخميس اجتماعا للنظر في تنقيح النظام الداخلي للمجلس. وستخصص جلسة عامة برلمانية يوم الجمعة المقبل لبدء مناقشة مشروع الدستور التونسي الجديد بعد أكثر من عامين من العمل فيه. علما أن يوم 14 يناير (كانون الثاني) الحالي هو موعد للتصديق على دستور البلاد الجديد، حسب روزنامة حددتها قيادات الحوار الوطني في فترة سابقة.