مهرجان «بالم سبرينغز».. نما في 25 سنة ولا يزال فريدا

يكرم توم هانكس وخمسة آخرين

من «غبريال» واحد من إنتاجات السينما الكندية
TT

في أعوام قليلة كبر مهرجان بالم سبرينغز من مناسبة صغيرة تكمن في بلدة صحراوية تظللها أشجار النخيل وتمتد كواحة في منتصف المسافة الفاصلة بين ولاية كاليفورنيا وحدودها مع ولاية أريزونا، إلى مهرجان كبير. الدورة الخامسة والعشرون التي تقام من الثالث وحتى الثالث عشر من هذا الشهر، تشي من يومها الأول، ولمن غاب عنها بضع سنين وعاد مشتاقا، كم كبر هذا المهرجان في محيطه. إذا ما أردت مهرجانا صغيرا، حميما ولا يشهد زحام الإعلام فتش عن سواه.

إنه ليس «عاصمة السينما لعشرة أيام»، كما صرخ عنوان في صحيفة «ذا لوس أنجليس تايمز» لكنه لم يعد عملا صغيرا يأوي إليه المعدمون من المهرجانات الأخرى. في عام 1990 انطلقت دورته الأولى أيام كان المغني صوني بونو حاكم مدينة بالم سبرينغز التي يقام فيها وافتتح بفيلم جوزيبي تورناتوري «سينما باراديزو». عندما بدأ هذا الناقد، بعد عشرة أعوام، كان صوني بونو مات خلالها، بالتردد على هذا المهرجان، كان لا يزال فرصة للراحة بعيدا عن المهرجانات الكبيرة. أفلامه جيّدة. اختياراته مناسبة لكل ذوق. معاملاته سريعة. عروضه متواصلة وجمهوره، غالبا من أبناء المدينة والمدينة التالية لها «دزرت سبرينغز». الطعام جيد ورخيص. الفنادق ذات الأربعة نجوم من 50 دولارا وما فوق وإذا أردت الهوليداي إن على بعد ربع ساعة بالسيارة 35 دولارا وفنجان الشاي بدولار واحد.

اليوم اختلف الأمر ومن حق مهرجان ناجح أن يختلف. أن ينمو وأن يكبر وإذا لم يضع هويته الخاصة بين مئات المهرجانات السينمائية حول الأرض (من دون تلك التي تشبهها وعددها بالألوف) خلال هذا النمو فهو حقق ميزة كبيرة.

ليس من المتوقع أن ينافس المهرجان تورونتو بالنسبة لعرض الأفلام الأميركية المحشوّة نجوما ولا مهرجان صندانس (قبل نهاية هذا الشهر) بالنسبة لعرض الأفلام المستقلة، لكنه وجد خطا بين الاثنين يلائمه ويستطيع الاحتفاظ به: لن يدعو إليه الأفلام الهوليوودية الكبيرة، لكنه يستطيع أن يدعو بعض كبار الفنانين وستراهم متسارعين للحضور كما هو الحال هذه السنة. ستة تكريمات ستشمل ساندرا بولوك وميريل ستريب وبروس ديرن وجوليا روبرتس وتوم هانكس وفريق U2 الغنائي. لأول عشر سنوات من تاريخه لم يكن حضور النجوم وارد. السنة الأولى منه حظيت بالراحل بوب هوب. هاريسون فورد في واحد من تلك السنوات الأولى وجيمس ستيوارت قبل وفاته. الآن هو منضم رسميا لمنظومة الاحتفالات الكبيرة التي تنطلق به وتمر على الغولدن غلوبس وجوائز الجمعيات الأميركية وصولا للبافتا البريطاني والسيزار الفرنسي ومهرجان برلين القابع في مطلع فبراير (شباط) المقبل. النهاية الرسمية لهذا الفصل من أعياد السينما هي مع إعلان جوائز الأوسكار في الثاني من مارس (آذار) المقبل.

والأوسكار ومهرجان بالم سبرينغز متشاركان. ليس بخاطر الأول لكن بإقدام الثاني على دعوة كل الأفلام الأجنبية التي يجري إرسالها للاشتراك في الأوسكار. نتحدث عن المرحلة الأولى التي تقوم فيه هيئات وطنية في الدول المختلفة بترشيح فيلم من انتاجاتها وعروضها في عام وتقديمه للجنة الاختيار في أكاديمية العلوم والفنون السينمائية لكي تختار منها الخمسة التي سترشّح رسميا. مهرجان بالم سبرينغز في سنواته العشر الأخيرة على الأقل اعتاد دعوة كل هذه الأفلام. صحيح أنها لا تتجاوب جميعا، إلا أن هذا التقليد نجح متيحا لمن يرغب مشاهدة الغالبية من الأفلام التي لم تنتخب وتلك القليلة التي دخلت الأنبوب المؤدي لفوز واحد منها على حد سواء.

هذا العام عدد الأفلام التي تم دعوتها من هذا الفصيل من الأفلام بلغ 45 فيلما وهناك 24 فيلما من تلك التي نالت جوائز الجمهور من مطلع العام الأول للمهرجان وحتى العام الماضي، وهذه تشمل «سينما باراديزو» والفيلم الياباني «انطلاقات» والإيطالي «الحياة حلوة» والألماني «حياة الآخرين» والبوسني «أرض لا أحد» وكلها إما فازت بأوسكار أفضل فيلم أجنبي أو انتهت إلى الترشيحات الرسمية.

الأفلام الجديدة المنتقاة للعرض هذا العام تشمل، فيما تشمل الفيلم البلجيكي «انهيار الدائرة المكسورة» والفيلم التركي «حلم فراشة» والسلوفاني «صف العدو» والصربي «دوائر» والكندي «غابريال». وهناك فورة في السينما الكندية نتج عنها قرار «بالم سبرينغز» الاحتفال بها في تظاهرة خاصة.

ولا يكترث المهرجان أكثر من اللازم إذا ما سبق للفيلم الذي يستقبله عُرض في مهرجانات أخرى أو لم يعرض. لا يحصي عدد الأفلام المعروضة كـ«وورلد برميير». على ذلك فعدد الأفلام التي لم تستقبلها مهرجانات أولى حول العالم كبير، وبعضها ما تم ذكره أعلاه. أما تلك التي سبق لها وأن شهدت حياتها على شاشات مهرجانات أخرى فمن بينها «خيول الله» (الذي يعرض على أساس أنه كان الترشيح المغربي للأوسكار) و«الصيد» الدنماركي و«عمر» و«رنوار» والفيلم الروسي الذي أعاد السينما العالمية إلى الحرب العالمية الثانية «ستالنغراد». كذلك سيجد الحاضر فيلم «وجدة» لهيفاء المنصور معروضا وهو أكثر الأفلام المشتركة عرضا إذ اشترك فيما لا يقل عن اثني عشر مهرجانا بدءا من عرضه العالمي الأول في مهرجان «فينيسيا» الصيف الماضي.

ربما كبر المهرجان عما كان عليه، كما ذكرت، لكنه ما زال المكان الذي تنتقل فيه من صالة إلى أخرى من دون أن يشغلك شاغل آخر سوى الفيلم الذي تركته والآخر الذي ستشاهده.