وزير الخارجية الإيراني يبحث في بغداد أزمة الأنبار واتفاقيات الحدود

مباحثات ظريف شملت مؤتمر «جنيف 2»

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر صحافي مشترك في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

رغم أنها لم تستغرق سوى ساعات، فإن جدول أعمال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في زيارته إلى العراق أمس بدا مزدحما، ليس فقط باجتماعات مفصلة مع كبار المسؤولين، بل في تجزئة القضايا التي ناقشها معهم. ففي حين بحث ظريف مع رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، أزمة الأنبار، وتداعياتها المحتملة، فإن الأزمة السورية ومؤتمر «جنيف 2» أخذت الحيز الأكبر في مباحثاته مع رئيس الوزراء نوري المالكي، بينما جرى التركيز في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع نظيره العراقي هوشيار زيباري على العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلا عن الأوضاع في سوريا. وحسب بيان صدر عن مكتب النجيفي، فإن ظريف سلم رئيس البرلمان العراقي دعوة رسمية من رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، لحضور مؤتمر مجلس الدول الإسلامية لاتحاد البرلمانات المزمع عقده في إيران منتصف فبراير (شباط) المقبل.

وأضاف البيان أن النجيفي أكد على «أهمية حل أزمة الأنبار ومعالجة المشكلات السياسية والأمنية، من خلال تعاون القوى السياسية العراقية، والقضاء على المنظمات الإرهابية»، مشددا على «ضرورة استجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين في المحافظة».

وعدّ النجيفي أن «عدم إعطاء دور لممثلي المحافظة وغياب الحلول السياسية شجّع على تغلغل المجاميع الإرهابية في العراق، وحسم المشكلات القائمة يجري من خلال الحل السياسي المرافق للحل الأمني».

وأفاد بيان صدر عن مكتب المالكي بأنه بحث مع ظريف «آخر التطورات في المنطقة والأزمة السورية، لا سيما مؤتمر (جنيف 2)، والعمل على دعم الجهود لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية». وأضاف البيان أن «الجميع من دون استثناء يجب أن يتحملوا المسؤولية في إيجاد حل سلمي للأزمة المتفاقمة في سوريا»، مضيفا أن «الوضع يدعو إلى حشد الجهود ومشاركة كل من له تأثير في حل الأزمة، لا إلى تسجيل نقاط من طرف على طرف آخر».

وقال المالكي إن «أزمات المنطقة لا تحل بمعزل عن حل الأزمة السورية». من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني «على ضرورة بذل كل الجهود كي لا تتحول سوريا إلى قاعدة للتطرف والإرهاب، وأعرب عن استعداد إيران لبذل كل ما تستطيع من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة السورية»، مؤكدا أن العراق يمكن أن يلعب دورا مهما في هذا المجال.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني، أعلن زيباري اتفاقهما على إعداد اتفاقات لإنهاء المشكلات المتعلقة بالحدود البرية والنهرية بين البلدين ومنها شط العرب. وقال زيباري: «بحثنا خلال اللقاء بالتفصيل الأزمة المتفاقمة في سوريا والمواقف من مؤتمر (جنيف 2)، وكان موقفنا في العراق بدعم وحضور كل الدول الأطراف المعنية في الأزمة، بما فيها إيران، وهذا الموقف ثبته العراق في جميع المحافل الدولية والعربية والإسلامية لأن من شأن مشاركة الجميع والاستناد إلى مرجعية (جنيف 1) هو السبيل الأفضل للعملية السياسية الدولية».

وأضاف زيباري «كما بحثنا مع وزير الخارجية الإيراني العلاقات بين البلدين المتطورة والمتحسنة، فقد حققنا خلال الفترة الماضية إنجازات كبيرة في تسوية كثير من القضايا ومشكلات الحدود ولدينا في طهران وفد فني وقانوني من كل الوزارات المعنية بغية التهيئة لعلاج مشكلات أخرى الباقية في الحدود النهرية وشط العرب وتنظيفه من الغوارق بغية الاستفادة منه».

من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني: «بفارغ الصبر نترقب زيارة زيباري إلى إيران خلال الأسبوعين المقبلين، حتى يتسنى لنا إنهاء الاتفاقات الشاملة».

وأضاف ظريف أن «هناك مجالات رحبة للتعاون بين البلدين، ومنها محاربة الإرهاب، ولدينا فرص وتحديات مشتركة نواجهها، ولاشك أن العراق ضحية للتطرف والإرهاب، وبالنسبة لمستقبل سوريا فإن الشعب السوري هو صاحب القرار في رسم مستقبله، ونتمنى بفضل مشاركة العراق والدول المعنية في (جنيف 2) بأن يخرج هذا المؤتمر بالنتائج المرجوة لتحقيق مبدأ الحوار بين جميع الأطراف السورية».

وردا على سؤال عن موقف بلاده من عدم توجيه الدعوة لها لحضور مؤتمر (جنيف 2)، قال وزير الخارجية الإيراني: «سبق أن أعلنّا أن توجيه الدعوة لإيران يجب أن يكون غير مشروط، ويحترم الشعب الإيراني، وبكل أسف هناك بعض الضغوط مورست على بعض الأطراف المعنية لوضع شروط لمنع حضورنا».

من جانبه، أكد عدنان السراج رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية والقيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إيران تريد خلق جو عام ضاغط على الولايات المتحدة الأميركية التي طرحت مجموعة من المبادئ في إطار المشاركة بـ(جنيف 2) وهو ما رفضته إيران»، مشيرا إلى أنه «في الوقت الذي تعول فيه إيران على الدور الروسي في هذا المؤتمر، وليس على أدوار الدول الصغيرة المشاركة في المؤتمر، بما فيها العراق، فإنها تريد توضيح وجهة نظرها بحيث يجري تداولها داخل المؤتمر، في حال لم تشارك فيه بسبب الموقف الأميركي».

وأشار السراج إلى أن «إيران يهمها كثيرا الترويج لفكرة الحل السلمي للأزمة السورية، وهي تحتاج من أجل ذلك إلى دعم إقليمي ودولي بهذا الاتجاه، لا سيما مع احتمال عدم مشاركتها».

وبشأن الأوضاع الحالية في العراق، قال السراج إن «إيران مهتمة كثيرا في هذا الأمر، لا سيما على صعيد الموقف من الإرهاب، وبالتالي فإن زيارة ظريف تأتي على سبيل الدعم المعنوي للعراق في هذا المجال، مع التركيز على ضرورة عدم استخدام القوة المفرطة في الأنبار، لأنها من وجهة نظرها، فإن القوة لا تحل المشكلة».

وفي وقت لاحق أمس، وصل ظريف إلى العاصمة الأردنية عمان، واستقبله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي أكد مجددا موقف بلاده الداعم للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية، يوقف نزف الدماء ويحافظ على وحدة سوريا أرضا وشعبا. وذكر بيان للديوان الملك الأردني أن الملك عبد الله الثاني استعرض، خلال اللقاء، مجمل تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، خصوصا المستجدات في سوريا وجهود تحقيق السلام في المنطقة.

من جانبه، عبر الوزير الإيراني عن حرص بلاده على التنسيق والتشاور مع الأردن حيال مختلف التحديات التي تواجه الشرق الأوسط وصولا إلى حلول تعزز أمنها واستقرارها.