نقل بوتفليقة للعلاج مجددا في فرنسا بالتزامن مع تحديد موعد الاقتراع الرئاسي

مصادر رسمية: الرئيس الجزائري يخضع لفحص روتيني لم يمله أي إجراء استعجالي

TT

أفادت رئاسة الجمهورية الجزائرية، أمس، بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوجد منذ أول من أمس في مستشفى «فال دوغراس» العسكري بفرنسا «في إطار فحص طبي روتيني». وجاء ذلك في سياق جدل حاد حول مدى قدرة الرئيس على الترشح لولاية رابعة في الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل (نيسان) المقبل.

وذكر بيان للرئاسة نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن «حالة الرئيس الصحية تتحسن بشكل عام وبصفة مؤكدة وبالتدريج»، مشيرا إلى أن الفحص الطبي الذي سيجريه بالمستشفى الباريسي «مبرمج منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي»، وأنه سيستمر حتى يوم الجمعة المقبل. وأضاف البيان أن الفحوصات بدأت بالعاصمة الجزائرية وستتواصل بفرنسا، وأن سفر الرئيس للعلاج من جديد «لم يمله أي إجراء استعجالي، بل كان مقررا وتم تحديد تاريخه منذ فترة إقامته بمؤسسة لي زانفاليد الوطنية (الفرنسية) بباريس».

وجاء بيان الرئاسة الجزائرية ليؤكد أخبارا تروج منذ 48 ساعة بالعاصمة، عن «نقل بوتفليقة على استعجال إلى فرنسا، على أثر تدهور مفاجئ لحالته الصحية». واللافت أن البيان حمل تطمينات حول صحة الرئيس، لتفادي «التهويل» الذي لا يمكن تفاديه بسبب تزامن سفر الرئيس إلى العلاج مجددا، مع جدل حاد يحتدم في الساحة السياسية حول رغبة مفترضة لدى الرئيس في الترشح لولاية رابعة في الانتخابات التي ستجرى في أبريل المقبل. وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أمس أيضا أن تاريخ الانتخابات الرئاسية المقبلة سيكون يوم 16 أو 17 أبريل (نيسان) المقبل «طبقا لأحكام قانون الانتخابات، ولأن الفترة الرئاسية الحالية تنتهي يوم 16 أبريل 2014».

وتوقعت مصادر سياسية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون بوتفليقة وقع مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة تحسبا للاستحقاق، قبل سفره إلى فرنسا. ويرجح أن يعلن عن هذا المرسوم غدا الخميس، ثم يتم نشره في الجريدة الرسمية لتنطلق بعدها المنافسة بين المترشحين.

وسيجد محيط الرئيس، والموالون له، صعوبة كبيرة في إقناع وسائل الإعلام والرأي العام بأن صحة الرئيس «تتحسن بصفة مؤكدة وبالتدريج». فقضية «مرض الرئيس بوتفليقة» تتصدر النقاش في البلاد منذ الإعلان عن إصابته بجلطة في الدماغ في 27 أبريل 2013، ونقله إلى العلاج بفرنسا حيث أقام في المستشفى العسكري وبعده في مصحة تابعة للجيش متخصصة في التأهيل الوظيفي، لمدة 82 يوما.

وقضى الرئيس فترة نقاهة طويلة لإعادة الحركة لوظائفه، التي تأثرت بفعل الجلطة الدماغية. وخلالها استفحل الجدل حول مدى قدرته على مواصلة تسيير دفة الحكم. وتعالت أصوات المعارضة الجزائرية مطالبة بتطبيق المادة 88 من الدستور، وإعلان استحالة قيام الرئيس بمهامه، حتى يبدأ التحضير لمرحلة ما بعد بوتفليقة. وتنص المادة 88 من الدستور على أنه «إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، ويقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع». وتضيف المادة «يُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا، ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي (2-3) أعضائه، ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها خمسة وأربعون (45) يوما رئيس مجلس الأمة». ويرأس مجلس الأمة حاليا عبد القادر بن صالح الذي يعد من الموالين للرئيس، وقد رفض الحديث عن وجود مانع صحي يحول دون استمرار الرئيس في الحكم. وجرى التخلي عن فكرة تطبيق المادة الدستورية، بعد أن ظهر الرئيس في عدد من المناسبات عبر التلفزيون الحكومي، تارة يستقبل وزيره الأول (رئيس الوزراء) عبد المالك سلال، وتارة أخرى قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. كما استقبل بعض الوفود الأجنبية. ولكن لم يسمع الرئيس في كل تلك المناسبات وهو يتحدث، كما كان في كل مرة جالسا على كرسي متحرك. ولذلك ظل الجدل قائما حول حالته الصحية واحتمال عدم ترشحه لولاية رابعة. ونقل الرئيس خلال فترة مرضه جزءا كبيرا من سلطاته لرئيس الوزراء، وكلفه بتكثيف الزيارات الميدانية للولايات بهدف ترك الانطباع بأن البرنامج الذي انتخب على أساسه ثلاث مرات، يجري تطبيقه حتى لو كان صاحبه مريضا.

وأبدى سلال، في إحدى زياراته، امتعاضا من التشكيك في صحة تطمينات السلطات حول مرض بوتفليقة، إذ قال «لماذا لا تصدقوننا عندما نقول إن الرئيس بخير وإن حالته ليست خطيرة؟ لماذا تصدقون الأخبار التي تأتيكم من الخارج، وتشككون في ما تسمعون من حكومة بلادكم؟». وتعرض الرئيس بوتفليقة إلى انتقادات بسبب اختياره العلاج في فرنسا، منذ أن بدأ المرض يدب في جسمه نهاية عام 2005. وحينها أجريت للرئيس عملية جراحية بباريس بسبب الإصابة بنزيف في المعدة. وعابت شخصيات من المعارضة على الرئيس «لعنه المستعمر السابق في خطاباته، لكنه يطلب خدماته الطبية ويستفيد من هياكله الصحية».