سيدي بوزيد تمتنع عن الاحتفال بذكرى هروب بن علي من تونس

رفعت شعارات تطالب بالعمل والتنمية

رئيس الحكومة التونسي المستقيل (يمين) علي العريض والرئيس الجديد المكلف تشكيل الحكومة المهدي جمعة أثناء الاحتفالات بالذكرى الثالثة للإطاحة ببن علي في تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

ألغت مدينة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، كل أشكال الاحتفال بالذكرى الثالثة للإطاحة بالرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، وباشر عدد من موظفي وعمال المؤسسات العمومية يوم أمس وظائفهم في حركة احتجاجية تجاه الظرف الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي تعرفه المنطقة متحدين قرار الحكومة بأنه يوم عطلة وطنية.

وحسب مصادر نقابية، فإن هذا القرار يأتي «استجابة لدعوة الاتحاد الجهوي للشغل (نقابة العمال) بسيدي بوزيد». وكانت سيدي بوزيد قد طالبت خلال احتفالات سابقة، بتخليد الثورة التونسية في يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) وليس 14 يناير (كانون الثاني).

وقال الأزهر القمودي، القيادي في الاتحاد الجهوي لـ«الشرق الأوسط» إن القيادات النقابية في الجهة قررت تنفيذ إضراب عام جهوي للمطالبة بالتشغيل والتنمية، وأن تاريخ هذا الإضراب سيحدد لاحقا بالتنسيق مع الاتحاد العام التونسي للشغل.

واختزل سالم البوعزيزي، شقيق محمد البوعزيزي، مؤجج الثورة التونسية، المشاعر السائدة في المنطقة، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الوعود التي قدمت لمحافظة سيدي بوزيد كانت كثيرة وحملها كل الفرقاء السياسيين إلى أهالي المنطقة، ولكن طوال السنوات الثلاث الماضية لم تر المحافظة مشاريع جديدة، وتواصل الفقر والبطالة بين الشباب، وقال «لم نسمع غير الكلام والتصفيق». وأضاف أن من أججوا الثورة وطردوا الديكتاتور ظلوا في ذيل الترتيب، ولم يطرأ على حياتهم أي تغيير ما عدا غلاء الأسعار وتدهور قدرتهم الشرائية.

وكانت «هيئة 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010» في سيدي بوزيد أعلنت أن المدينة غير مستعدة للاحتفال بذكرى نجاح الثورة. وتحدث عطية العثموني، المتحدث باسم الهيئة لـ«الشرق الأوسط» عن تنامي شعور جماعي بالامتعاض في سيدي بوزيد، وقال إن سكانها يتهمون الحكومات المتعاقبة منذ سقوط نظام بن علي بسرقة «ثمار الثورة» والحيد عن أهدافها الاجتماعية والاقتصادية.

واحتفلت بقية المدن التونسية أمس، بذكرى نجاح الثورة في ظل ظروف سياسية واقتصادية صعبة لا تزال تلقي بظلالها على معظم الفئات الاجتماعية. وكانت الاحتفالات في معظمها محدودة، ولم ترق في شارع الحبيب بورقيبة (شارع الثورة) وسط العاصمة، إلى مستوى الاحتفال بحدث سياسي كان له رجع صدى ضخم في عدد من الدول العربية الأخرى. وألقى العجمي الوريمي، القيادي في حركة النهضة كلمة في جمع قليل من أنصار الحركة في شارع بورقيبة وقال إن الانتخابات هي التي ستحدد مسار الحكم في تونس وانتقد بشدة انتقال السلطة عبر الانقلابات، على حد تعبيره. وقال «نحن دعاة حوار من أجل وحدة تونس وبلادنا سكون أقوى بنهضة أقوى».

وفي سيدي بوزيد، رفعت أمس شعارات تطالب بالتشغيل والتنمية، وهي نفس الشعارات التي رافقت الأيام الأولى للثورة. وانتقد الشباب المحتج الأداء «الفاشل» للحكومات المتعاقبة بعد الثورة وبطء السلط الجهوية والمحلية في النهوض بحال العائلات الفقيرة، بسبب ما وصفته بـ«عجزها عن تغيير الواقع الصعب الذي يواجهه التونسيون في هذه المناطق المحرومة والمهمشة». ومن أبرز المآخذ التي سجلها أهالي سيدي بوزيد ضد الحكومة ما عدوه تعذر النجاح في توفير مقومات التنمية الحقيقية التي تساهم في الحد من نسبة البطالة المرتفعة في المدينة، خاصة بين أصحاب الشهادات الجامعية العليا، وغياب تدخلات فعلية على مستوى التجهيزات الأساسية (الصحة والتعليم) والبنية التحتية بما يكفل ارتفاع نسق الاستثمار بالمدينة وباقي مناطق المحافظة.