طهران تندد بخضوع الأمم المتحدة لـ«الضغوط».. وموسكو تعدّ سحب الدعوة «خطأ»

ظريف ينتقد كي مون.. و«الائتلاف» يرحب

TT

يبدأ مؤتمر «جنيف2»، الرامي إلى إيجاد حل سياسي لأزمة سوريا، أعماله اليوم في مدينة مونترو السويسرية، بعد تذليل التجاذبات التي سببتها دعوة إيران للمشاركة في المؤتمر وكادت تطيح بإمكانية انعقاده، إثر تهديد الائتلاف السوري المعارض بمقاطعته. وفي حين أسفت إيران على لسان عدد من مسؤوليها أمس لخضوع الأمم المتحدة لما سمته بـ«ضغوط خارجية»، اعتبرت موسكو أن سحب دعوة طهران، بعد أقل من 24 ساعة على توجيهها، «خطأ»، من دون أن تعتبره «كارثة».

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي استبق بدء أعمال المؤتمر اليوم باجتماع تنسيقي عقده أمس مع المبعوث الأممي إلى دمشق الأخضر الإبراهيمي، قرر في وقت متأخر من مساء أول من أمس استبعاد إيران من حضور مؤتمر «جنيف2»، مبررا هذا القرار «برفض إيران دعم تأليف حكومة انتقالية في سوريا كما ينص إعلان جنيف1». وأوضح المتحدث باسم الأمين العام مارتن نسيركي أن «مسؤولين إيرانيين كبارا أكدوا للأمين العام أن إيران تتفهم وتؤيد قاعدة المشاورات وهدف المؤتمر»، أي «تشكيل حكومة انتقالية في سوريا تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة». وقال إن بان كي مون أصيب «بخيبة أمل كبيرة لتصريحات إيران اليوم (أول من أمس) التي لا تنسجم البتة مع الالتزام»، وذلك على خلفية إعلان طهران أول من أمس أن مشاركتها في المؤتمر «غير مشروطة». وأشار إلى أن الأمين العام «لا يزال يحض إيران على الانضمام إلى التفاهم الدولي حول تأييد إعلان جنيف، وكونها اختارت البقاء خارج هذا الاتفاق الأساسي، قرر أن يعقد اجتماع اليوم الواحد في مونترو من دون مشاركة إيران».

وسارع الائتلاف السوري المعارض إلى الترحيب بـ«القرار الصائب الذي أصدره الأمين العام للأمم المتحدة بسحب الدعوة لموجهة لإيران كونها لم توافق على أسس عقد المؤتمر ولم تستوف شروط المشاركة فيه». وكرر الائتلاف، في بيان أصدره ليل الاثنين - الثلاثاء، التزامه «بموقفه من المؤتمر وقبوله المشاركة طالما ظل مستندا إلى مبادئ (جنيف1) من تحقيق الانتقال السياسي، بدءا بتشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة على كافة مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش والأمن، دون أن يشارك فيها القتلة والمجرمون، وأن تؤسس للانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية تحقق تطلعات الشعب السوري في الحرية والعدالة والكرامة عبر مرحلة انتقالية لا مكان للأسد ولا لرموز نظامه فيها، مع الالتزام بمحاسبة كل من تلطخت أيديهم بدماء السوريين».

وفي بيان ثان أصدره في وقت متأخر من مساء أول من أمس، جدد الائتلاف التأكيد على أن «استمرار الدعم الروسي الإيراني هو شراكة في دماء السوريين وعرقلة لأي حل». وقال إن «التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رأس النظام بخصوص تمسكه بالسلطة، ورفضه الرضوخ لمطالب الشعب السوري في الرحيل وتسليم سلطاته لحكومة انتقالية كاملة الصلاحيات؛ كل تلك المواقف والتصريحات تؤكد إصراره على إفشال مؤتمر جنيف2 وأي مبادرة ممكنة للحل السياسي».

ولاقى سحب الأمم المتحدة دعوة طهران إلى مؤتمر «جنيف2» تنديدا إيرانيا، فأبدى وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وفق ما نقلته عنه وكالات إعلام إيرانية، أسفه «لأن بان كي مون لا يتحلى بالشجاعة اللازمة لإعلان الأسباب الحقيقية لسحب الدعوة»، معتبرا أن «هذا السلوك لا يليق بكرامة الأمين العام للأمم المتحدة». وقال ظريف: «أوضحت في عدة مكالمات هاتفية مع الأمين العام أن إيران لا تقبل أي شروط مسبقة لحضور المحادثات»، لكنه في القوت ذاته حاول التقليل من شأن عدم دعوة إيران مشيرا إلى أن طهران «لم تكن حريصة جدا على الحضور أساسا». وقال إنه «لو قررت إيران الحضور، لكان أوفد نائبه لأن الوقت المناسب لدعوة وزير خارجية قد مضى».

وترفض إيران أي شرط مسبق يتعلق بموافقتها على تشكيل حكومة انتقالية في سوريا وفق مقررات جنيف1، في موازاة دعمها لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في النزاع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات، الذي أودى بحياة أكثر من 130 ألف شخص. وتتهمها المعارضة السورية بتقديم الدعم العسكري والمالي إلى نظام دمشق.

وفي السياق ذاته، اعتبر نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن «الجميع يعرف أنه من دون إيران، فرص التوصل إلى حل فعلي في سوريا ليست كبيرة». وقال، ردا على أسئلة التلفزيون الرسمي الإيراني: «من الواضح أنه لا يمكن التوصل إلى حل شامل للمسألة السورية إذا لم يجر إشراك جميع الأطراف النافذة في العملية».

وأوضح عراقجي: «كنا على استعداد للمشاركة في مؤتمر جنيف2 ولعب دورنا، لكننا لا نقبل بشرط مسبق يحد أي حل بمعطيات معينة»، مؤكدا «إننا لن نشارك في المفاوضات وسننتظر لنرى كيف سيتمكن (المشاركون) من التوصل إلى اتفاق من طرف واحد».

من جهته، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن قرار الأمم المتحدة سحب دعوة إيران لحضور مؤتمر جنيف2 يشكل «خطأ». وقال لافروف «بالتأكيد هذا خطأ، لقد شددنا على الدوام على أن كل الأطراف الخارجية يجب أن تكون ممثلة»، مضيفا: «لكن لم تحصل كارثة».

واعتبر لافروف أن المؤتمر «حدث ليوم واحد في 22 يناير، دعي إليه 40 وزير خارجية من مختلف الدول وبينها من المناطق النائية في العالم»، معربا عن أسفه لأن كل هذه المسألة «لم تساهم في تعزيز سلطة الأمم المتحدة».

وانتقد لافروف التفسيرات التي قدمها بان كي مون لتغيير موقفه وسحب الدعوة. وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اشترطت أن تدعم إيران أولا مبادئ الانتقال الديمقراطي في سوريا من أجل حضور المؤتمر.