أربعة قتلى في تفجير جديد يستهدف عمق حزب الله.. و«جبهة النصرة» تتبناه

شبهات حول «انتحاري».. والسيارة لغمت بـ15 كيلوغراما من مادة «تي إن تي»

عمود من الدخان يتصاعد بعد تفجير استهدف حارة الحريك في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (إ.ب.أ)
TT

اهتزت الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، مجددا صباح أمس، بتفجير سيارة مفخخة، يرجح أن انتحاريا كان يقودها، أسفر عن وقوع أربعة قتلى وأكثر من 46 جريحا. واستهدف التفجير الشارع العريض في منطقة حارة حريك التي ضربها تفجير انتحاري قبل أقل من 20 يوما. وسارعت «جبهة النصرة في لبنان» إلى تبني ثاني عملية تفجير تستهدف مناطق نفوذ حزب الله خلال أسبوع، بعد انفجار قوي استهدف الخميس الماضي منطقة الهرمل، التي تعد أحد معاقل حزب الله شرقي لبنان.

وقالت «جبهة النصرة في لبنان» إن هجوم أمس على الضاحية كان انتحاريا «ردا على مقتل ثمانية أشخاص قضوا الأسبوع الماضي في عرسال»، على الرغم من نفي حزب الله مسؤوليته عن قصف البلدة الواقعة شرق لبنان بالصواريخ.

بدوره، عدّ الجيش اللبناني أن التفجير، الذي وقع على بعد أمتار من موقع انفجار سيارة مفخخة في 2 يناير (كانون الثاني) الحالي وأسفر عن وقوع ستة قتلى ونحو 70 جريحا، نجم عن «تفجير سيارة رباعية الدفع من نوع (كيا)، مفخخة بكمية من المتفجرات»، مشيرا إلى أن السيارة مسروقة ومعممة أوصافها سابقا وتعود ملكيتها للمواطن كلاس يوسف الكلاس. وأوضح الجيش أن التفجير ناجم عن ثلاثة قذائف من عيار 120 و130 مللم قدرت قوتها بنحو 15 كيلوغراما من مادة «تي إن تي»، لافتا إلى العثور على حزام ناسف لم ينفجر.

وفور وقوع الانفجار، كانت تدابير عناصر أمن حزب الله، خلافا للتفجير السابق، فورية وعاجلة، حيث استطاع هؤلاء خلال خمس دقائق فرض الطوق الأمني وإقفال الشارع، خوفا من وجود سيارة مفخخة أخرى، فيما عملوا على إجلاء السكان من المبنى الذي استهدفه الانفجار ونقلهم إلى زاوية آمنة، مانعين أي أحد من الاقتراب منهم. وأطلقت العناصر رشقات نارية لتفريق المتجمهرين، لتصل وحدات الجيش اللبناني بعد نحو 10 دقائق حيث ضربت طوقا أمنيا حول المكان، تسهيلا لعمل عناصر الأدلة الجنائية لجمع الأدلة من مسرح الجريمة.

وأعلنت قيادة الجيش أن قوة تابعة لها منتشرة في المنطقة تقدمت نحو موقع الانفجار وفرضت طوقا أمنيا حول البقعة المستهدفة، فيما حضرت وحدة من الشرطة العسكرية وعدد من الخبراء المختصين الذين باشروا الكشف على موقع الانفجار والأشلاء البشرية التي وجدت بالقرب من السيارة المستخدمة، وذلك تمهيدا لتحديد طبيعة الانفجار وظروف حدوثه.

وتطايرت الأشلاء على علو مرتفع في أرجاء المكان، حيث ظهرت آثار الدماء على ارتفاع عشر طبقات، أي ما يعادل نحو 25 مترا، بينما كان يمكن العثور على أشلاء بشرية بسهولة في موقع التفجير، مما زاد الشكوك بأن الهجوم ناجم عن تفجير انتحاري. ورجحت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أن يكون الفاعل «انتحاري فجر نفسه» في سيارة «شوهدت أجزاء منها تتطاير في الهواء».

وفي أول رد شعبي على التفجير، رفع أحد السكان علم حزب الله على شرفة منزله المتضرر بفعل عصف الانفجار، في إشارة واضحة إلى تحدي القائمين بالعملية.

وتبنت «جبهة النصرة في لبنان» التفجير، قائلة إنه كان هجوما انتحاريا. وجاء في بيانها على موقع «تويتر»: «تم بفضل الله تعالى الرد على مجازر حزب إيران بحق أطفال سوريا وأطفال عرسال بعملية استشهادية أصابت عقر داره في الضاحية الجنوبية».

وتعرضت بلدة عرسال، ذات الغالبية السنية المتعاطفة إجمالا مع المعارضة السورية، لقصف صاروخي مصدره الأراضي السورية في 17 من الشهر الحالي، مما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص بينهم خمسة أطفال. واتهم سكان في البلدة حزب الله بالوقوف خلف هذا القصف. إلا أن الحزب نفى هذا الأمر «نفيا قاطعا».

وتعد «جبهة النصرة»، التي ينفي خبراء جهاديون أن تكون موجودة في لبنان، بل «يوجد مناصرون لها»، الذراع الرسمية لتنظيم القاعدة في سوريا، وتقاتل ضد قوات نظام الرئيس بشار الأسد. وظهر اسم «جبهة النصرة في لبنان» عبر الإعلام المحلي خلال الأسابيع الماضية، بتبنيها تفجير الهرمل.

وفي رد فعل على التفجير الذي يتزامن مع توترات أمنية في طرابلس، أكد وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن أن لبنان «بات على حافة الهاوية»، قائلا إن «شبح الموت بات يظلل كل مناطقه، والحاجة باتت ملحة لقيام حكومة جامعة». ورأى غصن في بيان له، أن «انفجار اليوم (أمس) يأتي في إطار مخطط جهنمي تكفيري هدفه الأول والأخير رؤية دماء اللبنانيين تسيل»، لافتا إلى أن «عبارات الاستنكار والشجب لم تعد تكفي لمواجهة المؤامرة الإرهابية التي يتعرض لها بلدنا».

وعد غصن أن «ما تتعرض له الضاحية الجنوبية التي هي قلب لبنان، يصيب جميع اللبنانيين، والإرهاب حين يفعل فعلته فإنه لا يستثني أحدا»، مطالبا الجميع «بالتوحد وعدم تبرير هذه الأعمال».

، مشددا أن «الإرهاب حين يجد بيئة حاضنة فسيتكاثر ويزداد»، منبها إلى أن «لعبة الدم التي يغرق بها لبنان تستدعي من مختلف الفرقاء السياسيين الارتقاء إلى مستوى المرحلة، والابتعاد عن المناكفة ووعي خطورة المؤامرة المحضرة لبلدنا، ووضع مصلحة البلد نصب أعينهم».