انطلاق مفاوضات «جنيف 2» اليوم لحل الأزمة السورية

اجتماع نادر يعيد ممثلي النظام إلى الواجهة الدبلوماسية من جديد

المبعوث الدولي والعربي الأخضر الابراهيمي يتوسط بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، وكاثرين أشتون، منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي قبل اجتماع في جنيف أمس بشأن سوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد قرابة 20 شهرا من اتفاق الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول أساسية معنية بالملف السوري على بيان «جنيف 1» لبدء عملية سياسية لإنهاء النزاع في سوريا، تنطلق عملية «جنيف 2» من مدينة مونترو السويسرية اليوم باجتماع دولي يترأسه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بهدف دعم عملية التفاوض بين النظام السوري والمعارضة. وانطلاقا من التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي، يبدأ الاجتماع الذي سيجمع ممثلين عن النظام السوري والمعارضة للمرة الأولى في قاعة الاجتماعات، بدعم دولي مع حضور وزراء خارجية 39 دولة وقبل أن ينتقلا إلى قاعات التفاوض في جنيف يوم الجمعة بإشراف الممثل عن الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي.

ومن اللافت أن اجتماع مونترو سيكون اجتماعا دوليا يشارك فيه وزير الخارجية السوري وليد المعلم وممثلين عن النظام السوري الذين انقطعوا خلال السنتين الماضيتين عن الاجتماعات الدولية. وسيكون هذا الاجتماع هو الأول للمعلم يحضره جون كيري منذ أن أصبح وزيرا للخارجية الأميركية، كما أنه الاجتماع الأول للمعلم بحضور وزراء خارجية عرب منذ أن علقت عضوية سوريا في الجامعة العربية. وحول كيفية اللقاء بين المعلم ونظرائه من الدول الغربية والعربية، علق المصدر الدبلوماسي البريطاني: «سيكون اللقاء صعبا، ولكن الأصعب سيكون بالنسبة للمعارضة، الذين رأوا عائلاتهم ومدنهم تدمر، ولكن رغم الصعوبة يجب أن يحدث اللقاء». وأضاف المصدر أن الاجتماع بممثلي النظام السوري «رغم صعوبته، فهو الوسيلة الوحيدة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، إنها خطوة أساسية، ولكننا ندرك تماما صعوبة الموقف». وسيكون هذا الاجتماع الأول الذي يجمع ممثلي الحكومة السورية بممثلي الائتلاف السوري المعارض، في اختبار لإمكانية تعامل الطرفين بعضهما مع بعض في عملية التفاوض الشاقة.

وبينما يستعد الوزراء لتبادل الآراء والإعلان في خطابات مقتضبة عن دعمهم العملية السياسية اليوم، تعمل فرق دبلوماسية على مقترحات لاتفاقات مبدئية بين النظام السوري والمعارضة لتكون عوامل «بناء ثقة» لدفع عملية التفاوض التي تتفق جميع الأطراف على أنها ستكون «شاقة». وأوضح مصدر دبلوماسي بريطاني لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه عملية في غاية الصعوبة، ولكن من الضروري أن تبدأ، واجتماع مونترو هدفه التأكد من جلوس الأطراف كافة على الطاولة لتبدأ عملية التفاوض الصعبة». ومن القضايا المطروحة لبدء عملية التفاوض، العمل على وقف إطلاق النار في مناطق محددة، بالإضافة إلى تبادل معتقلين بين الطرفين السوريين. وخلال اليومين المقبلين، سيتبلور المزيد من المقترحات ليجري بحثها في جنيف يوم الجمعة، على أمل أن تفسح المجال لعملية بناءة بخطوات ملموسة تمنع فشل المفاوضات في أول أيامها.

واجتمع الخبراء من الدول الـ11 الأساسية لـ«أصدقاء سوريا» – التي تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والإمارات والأردن وقطر ومصر وتركيا وإيطاليا وألمانيا - في جنيف أمس، قبل التوجه إلى مونترو لتنسيق مواقف تلك الدول والتنسيق مع الوفد المعارض. وأوضح مصدر غربي لـ«الشرق الأوسط»، أن «خبراء مجموعة الـ11 التقوا في جنيف للتنسيق وللتواصل قبل انطلاق الاجتماع في مونترو»، مؤكدا أنهم «بقوا متحدون في دعمهم المعارضة ولهدف (تأسيس) حكومة انتقالية بناء على التوافق المتبادل». وفي غضون ذلك، وصل الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، إلى جنيف للمشاركة في مؤتمر «جنيف 2». وسبق أن أعلنت المملكة العربية السعودية تأييدها لانعقاد المؤتمر دعما للحل السلمي في سوريا، وعلى أساس ما جاء في الدعوة الموجهة بأن المؤتمر يهدف إلى التطبيق الكامل لإعلان «جنيف 1». وكان في استقبال وزير الخارجية عند وصوله سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سويسرا حازم كركتلي والمندوب الدائم للمملكة في مقر الأمم المتحدة بجنيف فيصل طراد، والقنصل العام للمملكة في جنيف الوزير المفوض صلاح المريقب. وربما المحور الأبرز في الإعداد لاجتماع مونترو هو انعدام أي معطيات مؤكدة، فبينما لم يؤكد حتى مساء أمس من سيترأس وفد المعارضة السوري (بعد ترجيحات بأن رئيس الائتلاف أحمد الجربا لن يرأس الوفد، ولكنه سيحضر جلسة الافتتاح)، لم يكن من المؤكد أيضا وصول وفد الحكومة السورية إلى مونترو أساسا بعد أن مكثت طائرتهم في طائرة أثينا انتظارا لإذن السفر. كما أن جدول المؤتمر لم يكن مفصلا، إذ حتى عصر أمس أعلن فقط عن الجلسة الصباحية التي تستمر ثلاث ساعات، ثم غداء عمل للوفود المشاركة ومن ثم «لقاءات ثنائية وجلسات أساسية»، لم تحدد ملامحها، وكان من المتوقع أن تتبلور بناء على أجندات وزراء الخارجية الذي يغادر غالبيتهم مساء اليوم مونترو، بينما ينتقل الوفدان السوري والإعلاميون والناشطون إلى جنيف لبدء عملية التفاوض. ورغم أن الكثير من الدبلوماسيين ناقشوا التخبط الذي أحدثته الدعوة المؤقتة والمفاجئة لإيران، بحلول عصر أمس، بات موضوع إيران «في السابق» بالنسبة لعدد من الدبلوماسيين العرب والغربيين الموجودين في مونترو. وأكدت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أن «الغضب الأميركي» أدى إلى الضغط على بان كي مون لسحب الدعوة، بينما «التعنت الروسي» أخر الإعلان عن سحب تلك الدعوة حتى وقت متأخر من مساء أمس.