جمعة يبقي على ثلاثة وزراء من الحكومة التونسية المستقيلة مع «دمج» للحقائب

سجن في العاصمة يرفض الإفراج عن وزير دفاع بن علي

سياسيون من أحزاب تونسية مختلفة في حديث جانبي على هتمش جلسة في الجمعية الوطنية التأسيسية أمس (أ.ف.ب)
TT

أشارت تقارير تونسية أمس إلى أن رئيس حكومة الكفاءات الجديدة المهدي جمعة سيبقي على ثلاثة وزراء من حكومة علي العريض المستقيلة، كما تعهد بحل رابطات «حماية الثورة» الداعمة للحزب الحاكم، وفق ما تنص عليه خارطة الطريق.

ويترقب الشارع التونسي الإعلان عن الحكومة الجديدة في أجل أقصاه غدا (السبت) وفق خارطة الطريق لرباعي الحوار الوطني، لكن الأجل ربما لا يجري الالتزام به، ما لم ينته نواب المجلس الوطني التأسيسي من أشغال المصادقة على ما تبقى من فصول الدستور الجديد قبل السبت في ظل الخلافات التي تعصف بأشغاله.

وتطالب حركة النهضة الإسلامية، التي تقود الائتلاف الحاكم الحالي، بأن يمضي رئيس الحكومة المستقيلة على الدستور الجديد قبل أن يغادر الحكم. ومع ذلك، سرب رئيس تحرير إذاعة «موزاييك» الخاصة التونسية أمس بعض المعطيات حول حكومة جمعة المرتقبة، والتي يجري تشكيلها بعيدا عن وسائل الإعلام.

وأفادت الإذاعة بأنه - بحسب التسريبات الأولية - فإن حكومة جمعة سيجري تقليصها لتشمل 16 وزيرا وأربعة كتاب دولة و10 مستشارين، ما يعني الاتجاه نحو دمج بعض الوزارات. كما سيبقي جمعة، الذي يشغل منصب وزير الصناعة الحالي في الحكومة المستقيلة، على ثلاثة وزراء من حكومة العريض أبرزهم وزير الداخلية لطفي بن جدو، الذي تطالب النقابات الأمنية بقوة بالإبقاء عليه، بحسب نفس المصدر.

ويتعارض هذا مع ما تنص عليه خارطة الطريق، وما دعا إليه أيضا الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي شدد على ضرورة أن ينطلق تشكيل الحكومة المقبلة من «ورقة بيضاء»، وألا تتضمن أي وزير من الحكومة المستقيلة. وتتفق أغلب أحزاب المعارضة حول هذا البند، في حين أوكلت حركة النهضة الإسلامية لجمعة المسؤولية الكاملة عن حسم خياراته. كما أوضحت الإذاعة أن جمعة تعهد أيضا بحل رابطات «حماية الثورة» مرهوبة الجانب، كما تنص على ذلك خارطة الطريق. وينظر إلى هذه الرابطات على أنها ميليشيات مقربة من الحزب الحاكم، حركة النهضة الإسلامية، ووجهت لها اتهامات سابقة بالتورط في أعمال عنف طالت سياسيين معارضين ونقابيين ونشطاء من المجتمع المدني. كما سيعين رئيس الحكومة المقبلة مستشارا خاصا بالملف الأمني وبالاغتيالات السياسية، لمتابعة ملفي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

وكان حسين العباسي، أمين عام الاتحاد، أحد الأطراف الراعية للحوار الوطني، أعلن في وقت سابق ضرورة أن «تكون هناك خطة متكاملة لمقاومة ظاهرة الإرهاب وإنجاح الانتخابات المقبلة والنهوض بالمؤشرات الاقتصادية ومراجعة التسميات بالإدارة كالولاة والمعتمدين».

في غضون ذلك، رفضت إدارة سجن المرناقية بالعاصمة التونسية الإفراج عن آخر وزير دفاع في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي رغم قرار من المحكمة بالإفراج. وكانت محكمة الاستئناف بالعاصمة أصدرت أول من أمس قرارا بالإفراج عن الوزير السابق رضا قريرة، الذي تقلد منصبي وزير الدفاع وأملاك الدولة في حكم بن علي، إلى جانب عبد العزيز بن ضياء، وزير الدولة والمستشار السابق، مع الإبقاء عليهما رهن الإيقاف على ذمة عدد آخر من القضايا.

وأصدرت المحكمة قرارها بالإفراج عن المتهمين في قضية فساد عقاري بعد أن تجاوزا مدة الإيقاف القانونية، وهي 14 شهرا. لكن إدارة السجن رفضت في وقت لاحق تنفيذ قرار الإفراج بدعوى أن المتهمين لا يزالان مطلوبين للقضاء في قضايا أخرى.

وقال خالد الكريشي، رئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، لوكالة الأنباء الألمانية «صدرت بحق قريرة أربع بطاقات إيداع بالسجن. جرى إصدار قرار الإفراج عنه في قضيتين وتتبقى له قضيتان، سينظر في إحداها الأسبوع المقبل فيما سيجري تحديد جلسة للقضية الثانية لاحقا». وأضاف الكريشي أنه لا يمكن إبقاؤه في حالة سراح قبل النظر في باقي القضايا.

وتطالب منظمات حقوقية، من بينها المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، بالإفراج عن قريرة المصاب بالسرطان والموقوف منذ سبتمبر (أيلول) 2011، بسبب تدهور وضعه الصحي في السجن. وكانت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين طالبت في وقت سابق في بيان لها السلطات التونسية بتمكين قريرة من متابعة العلاج بالمستشفى، مشيرة إلى أن مواصلة اعتقاله رفقة بقية المساجين السياسيين بسجون الدولة التونسية تشكل خرقا للقانون وتأكيدا للصبغة السياسية لقضيتهم. وتطالب الجمعية بإخضاع المساجين السياسيين من النظام السابق ومن بينهم قريرة إلى قانون العدالة الانتقالية الذي جرت المصادقة عليه أخيرا بالمجلس الوطني التأسيسي.

وعلى صعيد متصل، فقد حزب «الخيار الثالث» التونسي المعارض أحد مقعديه بالمجلس الوطني التأسيسي أمس إثر الإعلان عن وفاة النائب محمد علوش. وأفاد النائب الثاني في المجلس التأسيسي عن الحزب، صالح شعيب، بأن «علوش (60 عاما) توفي ليل الأربعاء - الخميس إثر نوبة قلبية».

وكان علوش عضوا في حزب الديمقراطيين الاشتراكيين لمؤسسه المعروف أحمد المستيري، وكان شارك ضمن قائمته في أول انتخابات تعددية بتونس خلال حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عام 1981، والتي شابتها عمليات تزوير واسعة بشهادة مراقبين. ويعد علوش أحد مؤسسي الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ومن مؤسسي حزب التكتل من أجل العمل والحريات الشريك في الائتلاف الحاكم. وكان علوش ترشح لانتخابات المجلس التأسيسي عن قائمة الحزب بدائرة بنزرت، لكنه استقال لاحقا عن الحزب وأسس حزب الخيار الثالث. وأصبح لحزب الخيار الثالث الآن مقعد واحد في المجلس التأسيسي. ولم يعلن الحزب بعد ما إذا كان سيرشح نائبا آخر خلفا لعلوش أم لا.

هذه هي حالة الوفاة الثانية بالمجلس التأسيسي منذ بدء أعماله في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011، بعد اغتيال النائب محمد البراهمي عن التيار الشعبي في 25 يوليو (تموز) الماضي.

من جهة أخرى، قالت وزارتا الدفاع والداخلية إنهما ستلاحقان وسائل الإعلام التي تنشر معلومات حول عمليات مكافحة الإرهاب الجارية في مناطق مختلفة من البلاد، لأنها «تمس بالأمن القومي»، وتستفيد منها المجموعات الإرهابية. وجاء في بيان مشترك للوزارتين نشر أمس أن «تناقل بعض وسائل الإعلام لمعلومات وتفاصيل حول العمليات العسكرية والأمنية الجارية والمستقبلية في إطار مقاومة الإرهاب، من شأنه أن يمس من سريتها وفقدانها لطابعها الفجائي، ويعرض أمن الوحدات العسكرية والأمنية وسلامتها للخطر». وحذرت الوزارتان من أن «هذا العمل - ولو دون قصد - يعد إفشاء لأسرار تمس بالأمن القومي، ويعرض صاحبه للتتبعات القضائية».

ويأتي هذا البيان بينما تقوم وحدات عسكرية وأمنية بملاحقة «عناصر إرهابية» في منطقتي جندوبة والقصرين على الشريط الغربي من البلاد قرب الحدود الجزائرية. وألقى الجيش مساء الثلاثاء القبض على عنصر إرهابي مسلح وصف بـ«الخطير»، وعلى علاقة بأحداث الشعانبي، خلال عملية مداهمة لمنزل بجهة القصرين، بينما لاذ آخران بالفرار.

كما ترددت أنباء عن مواجهات مسلحة مع عناصر إرهابية في منطقة «عين سلطان»، التابعة لمحافظة جندوبة، تدخلت فيها وحدات عسكرية جزائرية قرب الحدود للمساعدة على تعقب الإرهابيين. وقالت وزارتا الدفاع والداخلية في البيان إن «أحد الموقوفين أخيرا صرح بأن المجموعات الإرهابية تستفيد مما تروجه وسائل الإعلام بخصوص التحركات العسكرية والأمنية للإفلات من الكمائن والملاحقات». وأضاف نفس البيان أن «المجموعات الإرهابية تمكنت في عديد المناسبات من تحسين وضعياتها ومخططاتها ونجحت في تجاوز الحملات والحواجز الأمنية».