تدني إيرادات ليبيا وتحذيرات من إعلان إفلاس وشيك

مسؤول في الحكومة لـ «الشرق الأوسط»: لم نتسلم استقالات وزراء «الإخوان»

TT

كشف اجتماع ترأسه أمس نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، مع رئيسي لجنة الميزانية والتخطيط والمالية بالمؤتمر، وديوان المحاسبة، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، ووزيري المالية والتخطيط، عن تدني توفر السيولة المالية وإيرادات الدولة في ظل استمرار توقف الحقول والموانئ النفطية عن الإنتاج.

وقالت مصادر حكومية شاركت في الاجتماع، الذي عقد بمقر ديوان رئاسة المؤتمر بالعاصمة الليبية طرابلس، إن تراجع إنتاج النفط سيؤثر سلبا على تسديد مرتبات شهري ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والشهر الجاري. واعترف مسؤول بوزارة المالية الليبية لـ«الشرق الأوسط» بوجود صعوبات مالية في توفير مرتبات العاملين بمختلف أجهزة الدولة والحكومة، مشيرا إلى أن «الوضع قد يصل إلى حد إعلان إفلاس الحكومة بحلول شهر مايو (أيار) المقبل إذا استمر الوضع على ما هو عليه حاليا».

في غضون ذلك، كشفت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن الوزراء المحسوبين على حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، لم يقدموا استقالات رسمية من مناصبهم إلى رئيس الحكومة علي زيدان، رغم إعلان الحزب سحبهم من الحكومة بعد عجز الإسلاميين عن الإطاحة بزيدان من منصبه في اقتراع داخل المؤتمر الوطني العام (البرلمان).

وقال مسؤول مقرب من زيدان إنه «حتى هذه اللحظة لم يتسلم مكتب رئيس الحكومة أي استقالة خطية من الوزراء الخمسة المنتمين إلى حزب العدالة والبناء، وهم وزراء النفط والغاز عبد الباري العروسي، والاقتصاد مصطفى أبو فناس، والكهرباء علي إمحيريق، والإسكان والمرافق علي الشريف، والشباب والرياضة عبد السلام غويلة».

وأضاف المصدر، الذي طلب الحفاظ على سرية هويته: «استقالاتهم لم تصل إلى مكتب رئيس الوزراء، لكنهم امتنعوا منذ إعلان الحزب عن سحبهم عن مباشرة مهام أعمالهم الحكومية»، مشيرا إلى أن «زيدان بصدد تعيين خمسة وزراء آخرين غير محسوبين على التيار الإسلامي ليحلوا محل الوزراء المنسحبين».

وبدا أمس أن حزب الإخوان المسلمين لم يفقد إصراره على إقالة زيدان من منصبه، حيث عد محمد صوان رئيس الحزب أن «مرحلة زيدان أخذت فرصتها، وعليه أن يتيح الفرصة لشخص وطني آخر يسعى لحل وتفكيك الأزمات بوسائل وطرق تفكير أخرى».

وقال صوان، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إن «معالجة الملفات العالقة بعقلية وأسلوب الحكومة التي صنعتها - أو على الأقل فشلت في حلحلتها - هو دوران في حلقة مفرغة».

ووجه حزب العدالة والبناء إشادة علنية لما وصفه باستجابة وزرائه لموقف الحزب السياسي الذي اتخذه باستقالتهم من مناصبهم الوزارية، مضيفا في بيان مقتضب «إننا نعد تقرير الممارسة الديمقراطية من خلال العمل المؤسسي في المرحلة الراهنة هو من أهم المكاسب التي جناها الحزب وينبغي أن تجنيها البلاد في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها».

ويثير مصير حكومة زيدان، التي تواجه انتقادات لإخفاقها في ملف الأمن، انقسامات بين أعضاء المؤتمر الوطني والطبقة السياسية، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة في بلد يشهد أعمال عنف وفوضى. وتشهد مختلف المدن الليبية اضطرابات أمنية واشتباكات أهلية عدة مع نشاط مواز لموالين للنظام السابق، إضافة إلى حراك مدني سياسي يطالب بإنهاء ولاية المؤتمر الوطني في موعده المحدد في السابع من الشهر المقبل.

ومن جهتها، طالبت دار الإفتاء الليبية الحكومة والمؤتمر الوطني بتحمل مسؤولياتهم تجاه التدهور الأمني الخطير الذي تشهده عدد من المدن الليبية وخاصة الجنوب واتخاذ ما يلزم لحماية المواطنين والتصدي للعابثين بأمن البلاد، والضرب عليهم بيد من حديد، والقبض على الخارجين عن القانون.

ولا يزال سلاح الجو الليبي يقوم بطلعات جوية منتظمة في سماء مدينة سبها بجنوب البلاد، في محاولة لتأكيد حضور الدولة الليبية في هذه المنطقة التي شهدت اشتباكات دامية أسفرت عن مصرع وإصابة 52 شخصا.

وقالت مصادر محلية إن الهدوء الحذر ساد أمس محطة المدينة التي تشهد ندرة في حركة المواطنين في شوارعها الرئيسية، حيث أغلقت المحلات التجارية أبوابها بالتزامن مع تعطيل العمل في محطات الوقود والمصارف العاملة والمصالح والأجهزة والمرافق الخدمية.

ووجه آمر منطقة سبها العسكرية تعليماته لسلاح الجو بالجيش الليبي بقصف التجمعات التي يتواجد بها مسلحو فلول النظام السابق، عقب الإعلان عن وجود اشتباكات مسلحة بين ثوار منطقة الثانوية ومجموعة مسلحة تابعة للنظام السابق.

من جهته، أكد العقيد طيار مفتاح العبدلي آمر قاعدة الكفرة الجوية، أن عمليات استطلاع سلاح الجو الليبي مستمرة وبشكل يومي دون انقطاع، موضحا أن الطلعات تشمل جهة جبال عبد المالك باتجاه الحدود المصرية ومنفذ العوينات الحدودي ومنفذ السارة ومناطق السارة وتازربو وجبال كلنجا وربيانة.

وأكد العبدلي أن هناك تواصلا مستمرا بين الطيارين وقوات حرس الحدود المتمركزة بمنفذ السارة، مشيرا إلى أن الحدود الجنوبية الشرقية لليبيا المتاخمة لحدود دولة السودان وتشاد ومصر مؤمنة بالكامل ولم تسجل فيها أي مشاكل.

وعلى صعيد ذي صلة، أعلنت وزارة الخارجية الليبية عن تحرير الملحق التجاري بسفارة كوريا الجنوبية هان سوك الذي اختطف قبل يومين بطرابلس، وقال مسؤول بالوزارة إنها ظلت على اتصال مع الجهات الأمنية المختصة ووزارة الدفاع والمخابرات، التي نجحت في تحرير سوك من مختطفيه وهو بصحة جيدة وسلم إلى السفارة الكورية في طرابلس.

وعبر وكيل وزارة الخارجية في كوريا الجنوبية «تشاو داي فيت» خلال عملية التسليم، بحضور وكيل وزارة الخارجية ووكيل وزارة الدفاع خالد الشريف وسفير كوريا الجنوبية لدى ليبيا، عن شكره وتقديره للسلطات الليبية للتعاون الكبير الذي بذلته أجهزتها الأمنية والتي كللت بالنجاح وأسفرت عن إطلاق سراح الدبلوماسي المختطف.

كما أعربت الحكومة الكورية الجنوبية، عن شكرها وتقديرها لليبيا لما بذلته من جهود لتحرير ملحقها التجاري في طرابلس، مشيرة إلى أن السلطات الأمنية الليبية ألقت القبض على أربعة خاطفين في طرابلس، يعتقد بأنهم ينتمون إلى منظمة مسلحة صغيرة.