تجدد المواجهات في كييف بعد خيبة أمل المتظاهرين من المفاوضات

المحتجون احتلوا وزارة ومباني عامة في أربع مناطق من البلاد وألمانيا تستدعي السفير

امرأة تجثم على ركبتيها مناشدة قوات مكافحة الشغب في موقع شهد مواجهات مع محتجين مناهضين للحكومة في كييف أمس (رويترز)
TT

انتقل المتظاهرون الأوكرانيون المؤيدون للشراكة مع أوروبا إلى الهجوم أمس، باحتلالهم مباني عامة في أربع مناطق غرب البلاد ووزارة في كييف حيث أقاموا حاجزا جديدا في وسط المدينة بعد مفاوضات بين الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وقادة المعارضة الذين عدوا المحادثات مخيبة للآمال.

وهاجم ناشطون من حركة «قضية مشتركة» (سبيلنا سبرافا) المعارضة الليلة قبل الماضية مبنى وزارة الزراعة في جادة كريشتشاتيك على بعد نحو مائة متر عن ساحة الاستقلال التي سميت «الميدان» وتشكل مركز الاحتجاج على النظام منذ أكثر من شهرين. وكتب زعيم الحركة ألكسندر دانيليوك على صفحته على «فيس بوك» الليلة قبل الماضية أن المفاوضات بين الرئيس وقادة المعارضة أدت إلى تنازلات متواضعة «وأصبح من الواضح أنه علينا أن نعد بأنفسنا الهجوم الموعود. بدأنا واحتل ناشطو قضية مشتركة مبنى وزارة الزراعة».

كما احتل متظاهرو المعارضة مباني الإدارة المحلية في أربع مناطق غرب البلاد وباشروا شن هجمات في محاولة لاقتحام مقار أخرى في منطقتين أخريين هما ايفانو فرانكيفسك وتشيرنيفتسي.

وفي لفيف معقل القوميين المؤيدين لأوروبا غرب أوكرانيا، احتل المتظاهرون أول من أمس مقر المجلس المحلي وأجبروا الحاكم أوليغ سالو الذي عينه الرئيس يانوكوفيتش، على الاستقالة. ووضعوا حواجز من الإطارات وأكياس الرمل أمس في هذه المدينة. وأكد حاكم لفيف أن استقالته التي وقعها تحت الضغط ليست صالحة وعاد إلى المبنى أمس إلا أنه اضطر لمغادرة المكان الذي منع من دخوله.

وتشهد كييف التي يحتل متظاهرون موالون لأوروبا منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وسطها بعد تراجع السلطة عن توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، منذ يوم الأحد الماضي صدامات عنيفة بين المتظاهرين المتشددين وقوات الأمن أسفرت عن سقوط خمسة قتلى. واحتل المتظاهرون إدارات في ريفني وتيرنوبيل وخميلنيتسكي. أما في تشيركاسي فتمكنت الشرطة من طردهم واعتقال نحو خمسين شخصا.

واعترفت المعارضة بخيبة أملها بعد مفاوضاتها مع الرئيس أول من أمس ودعت المتظاهرين إلى بذل كل جهد لتجنب أعمال عنف جديدة. وقال ارسيني ياتسينيوك زعيم حزب المعارضة المسجونة يوليا تيموشينكو أمام عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين تجمعوا في ساحة الاستقلال أن «حركتنا ستكون محض سلمية ولن نتراجع».

ولم تسجل أي صدامات بعد الإعلان عن فشل المحادثات بينما ساد الهدوء أمس شارع غروشيفسكي الذي شهد مواجهات عنيفة في الأيام الماضية. وقال يفغيني (26 عاما) الذي أمضى ليلته في المكان رغم درجات الحرارة التي بلغت 20 تحت الصفر «انتظرنا طوال النهار نتيجة المفاوضات ولم نحصل على شيء. المعارضة لم تفعل شيئا في الواقع وليس لديهم قائد».

وبدعوة من قادتهم، سعى المتظاهرون الليلة قبل الماضية إلى توسيع حدود مكان اعتصامهم الذي أقيم حول الساحة منذ شهرين. وخلال عشرات الدقائق نصبوا حاجزا جديدا يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار على شارع اينستيتوسكا بواسطة أكياس من الثلج.

وكان بطل الملاكمة فيتالي كليتشكو أحد قادة المعارضة دعا المتظاهرين في كييف ليلا إلى «توسيع أرض ميدان طالما أن السلطة لا تصغي إلينا». وأكد أن التنازل الوحيد الذي وعد به الرئيس يانوكوفيتش أول من أمس هو «وعد بالإفراج عن كل الناشطين ووقف الضغط الذي يتعرضون له». وفي الوقت نفسه، فقد أحد الناشطين الأوكرانيين منذ يومين وسط مخاوف على مصيره بعد العثور على جثة ناشط آخر خطف. وقال زملاء دمتري بولاتوف (35 عاما) أحد قادة حركة الاحتجاج «أوتوميدان» التي يتظاهر ناشطوها بالسيارات ونظموا عدة تجمعات أثارت اهتماما كبيرا أمام مقر رئيس الدولة لإدانة الفساد، أنه مفقود منذ يوم الأربعاء. وأبلغت زوجته الشرطة باختفائه وطلبت إجراء تحقيق كما نقلت وكالة «إنترفاكس» عن مسؤول في الشرطة.

من جهة أخرى، عين الرئيس يانوكوفيتش أحد المتشددين رئيسا للإدارة الرئاسية. واختار الرئيس أندري كليويف لهذا المنصب خلفا لسيرغي ليوفوتشكين الذي استقال الأسبوع الماضي بعد صدور القوانين التي تعزز العقوبات ضد المحتجين.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، أجرى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالا هاتفيا بالرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش أول من أمس ليحثه على إيجاد «حل سلمي» للأزمة في بلاده، وفق ما أعلن البيت الأبيض. وحذر بايدن من أن استمرار العنف سيكون له «تبعات» على العلاقات بين واشنطن وكييف، وفق المصدر نفسه. بدوره، أعرب الاتحاد الأوروبي عن «صدمته» لأعمال العنف الأخيرة في أوكرانيا محذرا كييف من «خطوات محتملة» و«عواقب على العلاقات» مع هذا البلد. وفي برلين أعلن ناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شيفر أنه جرى استدعاء السفير الأوكراني في ألمانيا إلى الوزراء «لإبلاغه رسميا بموقف الحكومة الألمانية المعارض لاستخدام العنف» والدعوة إلى «دراسة قوانين ضد حقوق المواطنين» أقرت الأسبوع الماضي في كييف. وأضاف: «ننطلق من مبدأ أن السفير سينقل رسالة إلى الحكومة الأوكرانية فورا».

وفي باريس، أعلن وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس عن «قلقه واستيائه» من الوضع وأعلن أن فرنسا ستستدعي السفير الأوكراني للتعبير عن «إدانته» لقمع المتظاهرين في كييف.