مصر تحتفل بمرور ثلاث سنوات على ثورة 25 يناير

تأمينات مكثفة للميادين تحسبا لمظاهرات مضادة من أنصار الإخوان

TT

وسط أجواء مضطربة أمنيا وسياسيا، يحتفل المصريون اليوم (السبت) بإحياء الذكرى الثالثة لثورة الخامس والعشرين من يناير، التي نجحت في إسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد ثلاثين عاما في السلطة، وتسود مخاوف من تحول المظاهرات التي دعت إليها قوى ثورية وعدد من القوى السياسية إلى اشتباكات مع أنصار جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي، خاصة في ميدان التحرير وحول قصر الاتحادية الرئاسي، في ضاحية مصر الجديدة (شمال القاهرة) والميادين الكبرى بالمحافظات.

واتخذت وزارة الداخلية إجراءات مشددة حول المقار الحكومية والشرطية والميادين والسجون وأقسام الشرطة تحسبا لتعرضها لهجوم في إطار مظاهرات الإخوان، وقالت مصادر أمنية إن «الوزارة سوف تدفع بما يقارب ربع مليون من أفراد الشرطة في مختلف محافظات مصر». بينما حذر وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم من أي محاولات للمساس بتلك المنشآت أو التعدي على قوات الأمن أو تعطيل المرافق العامة.

وأعلنت حركة تمرد الشعبية التي قادت مظاهرات أسقطت مرسي، أنها ستنزل وتحشد للاحتفال بالذكرى الثالثة للثورة، وهو نفس الموقف الذي اتخذته حركات ثورية أخرى. وقال إسلام همام، أحد مؤسسي حركة تمرد، إن «الحركة ستنظم سلسلة من الاحتفالات بجميع ميادين مصر»، مشيرا إلى أنه ستكون هناك لجان شعبية بمختلف الميادين لتأمينها ومنع وقوع أي اشتباكات قد تحدث بين المحتفلين، وذكر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاحتفال بذكرى 25 يناير للتأكيد على أن مصر لن تعود للوراء سواء قبل 25 يناير (كانون الأول) 2011 أو قبل 30 يونيو (حزيران) 2013»، مضيفا أن الحركة ترفض محاولات أي فصيل لتعكير صفو ذلك اليوم التاريخي.

وبدا ميدان التحرير في وسط القاهرة منذ أمس في حالة تأهب أمني شديد، وأغلقت قوات الجيش الميدان بالمدرعات والأسلاك الشائكة، لكن الشاب العشريني محمد عبد الفتاح، أحد الشباب الذين شاركوا في الإطاحة بمبارك ومرسي، قال لـ«الشرق الأوسط»: «سوف نحتشد (اليوم) في الميدان لمطالبة الفريق أول عبد الفتاح السيسي قائد الجيش بالترشح للرئاسة.. ولن تخيفنا دعوات الإخوان».

ودعت مجموعات كبيرة من القوى الثورية، على رأسها تكتل القوى الثورية والجمعية الوطنية للتغيير، الشعب المصري للنزول لميدان التحرير للاحتفال بإقرار الدستور الجديد. وأكد طارق الخولي عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية أنه «قرر عدد كبير من القوى الشعبية والثورية النزول لإحياء ذكرى الثورة، والاحتفال بالدستور.. فمن المستحيل عدم النزول وترك ميدان التحرير للإخوان».

في المقابل، دعا تحالف دعم الشرعية الداعم لجماعة الإخوان أنصاره لمحاولة اقتحام ميدان التحرير ورابعة العدوية (شرق) والنهضة (غرب القاهرة) للمطالبة بعودة شرعية الرئيس المعزول، ورفض سياسات النظام المصري الحاكم، فيما تأخذ قوى ثورية أخرى مثل حركة شباب 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين وحركة شباب من أجل العدالة والحرية، خطا آخر في ذكرى الثورة، وهو الخط الاحتجاجي، مؤكدين أن نزولهم لميدان التحرير والميادين الأخرى لاستعادة ثورة 25 يناير، ورفع شعار «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، و«رفض اعتقالات القوى الثورية». وقال عمرو علي، منسق عام حركة 6 أبريل، إن «الحركة حريصة على النزول في التحرير لاستعادة حلم بناء الدولة الديمقراطية»، مؤكدا أن الجميع عليهم التمسك بالسلمية وعدم اللجوء للعنف.

ومع تصاعد التفجيرات التي ضربت مصر صباح أمس.. يحبس المصريون أنفاسهم خشية موجة أعمال عنف متصاعدة خلال الذكرى الثالثة للثورة اليوم، خاصة في ظل إعلان تنظيم الإخوان ما سماه «النفير العام» لأنصاره.

ويقول مراقبون إن «جماعة الإخوان تحشد بقوة من أجل نزول أعضائها إلى الشوارع في أثناء الاحتفال بالذكرى الثالثة للثورة، حتى تستطيع أن تغرق مصر في الدماء والعنف والإرهاب». لكن المصادر الأمنية نفسها ذكرت لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيجري «رصد مخططات الإخوان لإحداث وقيعة بين القوى الثورية والسياسية من جانب والشرطة والجيش من جانب آخر»، لافتة إلى أن «هناك إجراءات مشددة لإحكام الرقابة وتكثيف الدوريات الأمنية وتفعيل دور نقاط التفتيش والأكمنة الثابتة والمتحركة على كافة المحاور والميادين، بالإضافة إلى تسيير دوريات مسلحة على الطرق بين المحافظات والمدن مدعومة بمجموعات التدخل السريع».

من جانبه، دعا أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس حزب الاشتراكي المصري، الشعب المصري للنزول إلى الميادين وعدم الخوف من جماعة الإخوان، مؤكدا أن «الجماعة تلفظ أنفاسها الأخيرة، بعد أن فقدت جميع قواعدها في الشارع، وأصبح الشعب المصري هو الذي يخرج ليواجه أعمالها التخريبية».

ولكن شعبان أبدى تخوفه من وقوع أعمال عنف وشغب أثناء الاحتفالات، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «القوى الثورية تصر على النزول إلى الشوارع والميادين للاحتفال وقد يستغل الإخوان ذلك لإثارة أعمال العنف». إلا أنه في الوقت نفسه راهن على الأداء الأمني الكبير الذي سوف يتصدى لأي محاولات لتعكير الصفو العام.

وفي خارج القاهرة، تستعد محافظات مصر لإحياء ذكرى الثورة، وأعلنت حركة تمرد في الإسكندرية انتهاء الاستعدادات لتنظيم فعاليات الذكرى الثالثة، بتجهيز أعضاء اللجان الشعبية لتأمين المسيرات، مع التأكيد على الحفاظ على كافة المنشآت من دون التعرض لها. وقالت مصادر ملاحية داخل هيئة قناة السويس أمس، إنه «تقرر تشديد الإجراءات الأمنية داخل وخارج المجرى الملاحي للقناة وحول جميع المنشآت الحيوية في محافظات القناة (الإسماعيلية، السويس، بورسعيد)».