«منتدى مراكش للأمن» يناقش الفراغ الأمني وتوسع مناطق الهشاشة بشمال أفريقيا والساحل والصحراء

بمشاركة 300 من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين والأمنيين من 80 دولة

TT

انطلقت، أمس، في المغرب أشغال الدورة الخامسة لـ«منتدى مراكش للأمن»، الذي سيكون فرصة لتناول الفراغ الأمني وتوسع مناطق الهشاشة في شمال أفريقيا والساحل والصحراء، وذلك بمشاركة نحو 300 من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين والأمنيين والخبراء ومنظمات دولية، من 80 دولـة.

وبقدر ما اتفقت الكلمات التي ألقيت في الجلسة الافتتاحية على تداعيات الفراغ الأمني وخطورة توسع مناطق الهشاشة بشمال أفريقيا والساحل والصحراء، أعطت انطباعا بصعوبة الانتهاء إلى وصفة ناجعة تضمن التعاطي الفعال مع الوضع، وخاصة أن التغيير يترافق بتخوفات وتحديات أمنية تشمل أفريقيا وأوروبا ومنطقة الحوض المتوسطي.

وشدد المشاركون على الحاجة إلى جهد جماعي وتقوية العلاقة بين القوات العسكرية بين مختلف الأطراف المعنية، وربط عدد من المتدخلين بين غياب الحكامة الجيدة وحالة الفراغ الأمني والهشاشة التي يعيشها عدد من مناطق القارة.

وبخصوص ما يقع في شمال أفريقيا، خاصة في مصر وليبيا وتونس، أرجعت بعض المداخلات ما جرى ويجري إلى غياب «تعاقد اجتماعي» بين الحكام السابقين وشعوبهم، مشيرين إلى أن «الربيع العربي» جاء تعبيرا عن رغبة كل شعب في هذه البلدان في أن يخلق ميثاقه الخاص. ولم يفت عدد من المتدخلين أن يقيموا هذا «الربيع» عبر الإشارة إلى أنه تحول إلى «خريف»، مشددين على أنه، بعد ثلاث سنوات، على انطلاق الثورات، في تونس ومصر وليبيا، فإن الوضع الأمني ما فتئ يتدهور مع تداعيات سلبية على الواقع السياسي والاقتصادي والإنساني.

وقال محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «موضوع المنتدى له أهمية كبرى لأنه يتطرق لجوانب متعددة من الأزمات التي تعرفها القارة الأفريقية في تعقدها وتركيبها وتداخلها، في مناطق تدخل ضمن قوس للأزمات، يمتد من غرب أفريقيا إلى منطقة الساحل والصحراء، إلى منطقة شرق أفريقيا، عبر منطقة أفريقيا الوسطى، ملامسا، في فترة دقيقة، فضاء آخر يشمل عددا من الدول العربية في شمال القارة الأفريقية، التي تمر من مرحلة انتقال عسير، أفرزت بتدبيرها الصعب فراغات أمنية كبيرة جدا، نلامس عددا من تداعياتها وآفاقها السلبية بالمنطقة».

وقال بنحمو، إن «موضوع الندوة يتناول الأزمة الأمنية في شموليتها، في ظل تعقيداتها وتركيبها»، مشددا على أن «العمل من أجل تدعيم التعاون الدولي والإقليمي يعد أساسيا في هذه المرحلة»، وعلى «الوعي والفهم الجيد بمختلف ديناميات النزاعات التي تعرفها القارة ودور الفاعلين الذين يحركونها، سواء كانوا محليين أو إقليميين أو دوليين، والأدوار التي يمكن أن يلعبها كل طرف من أجل إيجاد حل للأوضاع الأمنية التي تنتج عنها مشكلات إنسانية مأساوية، الشيء الذي يهدد الاستقرار بعدد من بلدان القارة».

ورغم أن موضوع التناول المتعلق بالندوة يحدد شمال أفريقيا والساحل والصحراء مجالا للنقاش، فإن ما يجري في سوريا لم يغب عن كلمات المتدخلين، من جهة أن الوضع السوري يجد له تأثيرا في أفريقيا، بشكل عام، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بشكل خاص، عبر جماعات إرهابية تقوي خبراتها، قبل العودة للنشاط داخل القارة السمراء. وقال الجنرال نيكولا غالاو، مدير المركز العسكري للدراسات الاستراتيجية بإيطاليا، إن «هناك 1000 مجموعة مسلحة مدعمة من قبل أطراف مختلفة تنشط في سوريا، في وقت يتلقى فيه النظام السوري دعما من حزب الله وروسيا والصين، فضلا عن الدعم العسكري الإيراني»، مشيرا إلى أن «الدعم الإيراني، الذي تقابله رغبة السوريين في الحرية، وجد له بعدا إقليميا».

ويروم المنتدى، الذي ينظم من طرف المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، تحت رعاية العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وبشراكة مع الفيدرالية الأفريقية للدراسات الاستراتيجية، إلى فتح باب النقاش والتحليل وتبادل الخبرات حول الأمن في أفريقيا.

ويعول المنظمون على أن يشكل المنتدى مناسبة لمناقشة «النزاعات الترابية والهشاشة الأمنية»، و«الفراغ الأمني والملاجئ الجديدة للإرهاب الدولي»، و«تأثير الحرب في سوريا على البيئة الأمنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».

ويتناول برنامج اللقاء، الذي يختتم بإصدار توصيات، مواضيع رئيسة، تشمل «التحولات والاختلالات الأمنية في شمال أفريقيا» و«تعقيدات الأزمات، وتضاعف الفاعلين وتحول التهديدات عبر الوطنية والمتماثلة في الساحل وشرق أفريقيا» و«هشاشة وتعقد السياقات الأمنية الجديدة في غرب أفريقيا» و«ارتفاع مستوى مناطق النزاع في أفريقيا الوسطى وفي خليج غينيا».