انتقادات لبنانية لـ«تفرد» وزير الخارجية في الدفاع عن حزب الله بجنيف

مصادر الرئيس سليمان: نتوافق معه على العناوين العريضة.. لكنه يتجاوزها

عدنان منصور
TT

كان واضحا أن إعادة تذكير الرئيس اللبناني ميشال سليمان في اليوم الثاني لافتتاح مؤتمر «جنيف 2»، بأن «تحييد لبنان يتم عبر الامتناع والتوقف فورا عن التدخل في كل شؤون سوريا الداخلية، خصوصا، في القتال الدائر فيها مهما كانت المبررات»، كانت ردّا على كلمة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور التي دافع خلالها عن قتال حزب الله إلى جانب النظام في سوريا.

هذا الموقف الذي لم يكن جديدا بالنسبة إلى مواقف منصور السابقة، لا سيما في اجتماعات وزراء الخارجية العرب المتعلقة بالأزمة السورية، جعل البعض لا سيما من فريق 14 آذار، الذي يصف منصور بأنه «وزير خارجية سوريا في بيروت»، يعتبر أن كلمة منصور جاءت مكملة لكلمة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ولم يكن أكثر من ممثل لحزب الله وليس للبنان.

وفي حين أن بعض المعلومات أشارت إلى أن الجزء المتعلق بحزب الله في كلمة منصور لم يكن أساسا ضمن الخطاب المعد سلفا في بيروت بين دوائر وزارة الخارجية وقصر بعبدا، والذي راجعه الرئيس سليمان شخصيا قبل ذهاب منصور إلى سويسرا. وهذا ما جعل سليمان يعيد ويذكر بالفقرة التي حذفها منصور مبدلا إياها بتلك المدافعة عن حزب الله، واكتفت مصادر الرئاسة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن وزير الخارجية يبلّغ عادة من الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة بالموقف الرسمي والخطوط العريضة التي يجب التقيد بها، من دون أن تنفي أن الأخير يعمد في أحيان كثيرة إلى تجاوزها، مؤكدة في الوقت عينه أنه عند التصويت عليه أن يلتزم الموقف الرسمي المتمثل بـ«النأي بالنفس».

ولقد أوضح سفير لبنان السابق في واشنطن، الدكتور عبد الله بوحبيب، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه من المتعارف عليه عند تمثيل وزير الخارجية أو أي وزير في الحكومة لبنان، أن يطّلع كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على المحاور الأساسية في الكلمة التي سيلقيها، مشيرا في الوقت عينه إلى أن موضوع سلاح حزب الله، هو بالتأكيد من المحاور الأساسية لا سيما أنه موضوع خلافي لبناني وإقليمي. وعن الخطوات التي يمكن اتخاذها لمحاسبة أي وزير إذا خرج عن سياسة بلده، قال بوحبيب إلى أن «إقالة وزير تتطلب موافقة ثلثي الحكومة، لكن الأمر لا يمكن تنفيذه في لبنان حيث تكون دائما الحكومة تحمل صفة الوفاق الوطني، واليوم هي أساسا حكومة مستقيلة»، لكنه يشير إلى أنه «عادة يعمد رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة إلى تصحيح هذا الخطأ والتأكيد على هذه السياسة»، إذا ما تجاوز الوزير سياسة لبنان، كما حصل مع منصور في جنيف.

وفي شبه تأكيد منه على هذا التجاوز، لمح منصور في رده على منتقديه، على قناة «المنار» التابعة لحزب الله، بأن الفقرة المتعلقة بحزب الله لم تكن واردة في النص بل كانت «رد فعل مرتجلا» قائلا «لا يمكن السكوت أو غض النظر عندما يتطرق العديد من المتحدثين (خاصة المعارضة السورية) التي تصف حزب الله بالحزب الإرهابي، وهو المقاومة التي شرفت لبنان والأمة كلها وشرفت شعب لبنان من خلال نضالها ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأن يوصف حزب الله بالإرهابي أو أنه يقوم بالمجازر فهذا شيء لا نقبله».

وشدد منصور على أنه كان يمثل لبنان ويدافع عن مصالحه وموقفه وعن البيان الوزاري للحكومة المستقيلة الحالية والذي تضمن معادلة «الشعب والجيش والمقاومة»، والتي تشرّع لحزب الله احتفاظه بسلاحه.

الاستياء من كلمة منصور لم يقتصر فقط على المواقف السياسية، بل تعداها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلق مؤيدون لفريق 14 آذار «هاشتاغ» يقول «عدنان منصور لا يمثلني»، ليلقى كذلك رد فعل من قبل مؤيدي فريق 8 آذار، بـ«هاشتاغ معارض»: «عدنان منصور يمثلني». مع العلم بأن مواقف مماثلة عدة مناقضة لسياسة «النأي بالنفس» اللبنانية كانت قد صدرت على لسان منصور، وأبرزها في مارس (آذار) الماضي، من خلال المطالبة بتعليق تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية، ووصف قرارات الجامعة تجاه سوريا بأنها «أسهمت في إغراق سوريا في بحر من الدماء»، وهو الأمر الذي أدى بمجلس التعاون الخليجي إلى تحذير لبنان من عدم التزامه سياسة «النأي بالنفس». وهذا الموقف استدعى آنذاك ردود فعل محلية وعربية، إذ حذر مجلس التعاون لدول الخليج العربية لبنان من عدم التزامه سياسته الرسمية المتمثلة في «النأي بالنفس» حيال أزمة سوريا، ليعود بعدها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ويؤكد أن «الحكومة اللبنانية لا تزال ملتزمة سياسة النأي بالنفس عن الوضع في سوريا». وقوله إن هذا القرار لا يزال ساري المفعول انطلاقا من «إعلان بعبدا» الذي تم التوافق عليه خلال «مؤتمر الحوار الوطني» برئاسة الرئيس سليمان.