بروكسل: لا تناقض بين النمو واتفاق طموح حول التغير المناخي

الظروف مناسبة لتراجع التركيز على الأزمة المالية

TT

دعت المفوضية الأوروبية إلى اتفاق طموح حول التغير المناخي، وأكدت على أنه لا يوجد أي تناقض بين النمو وأي اتفاق طموح بشأن التغير المناخي.

وخلال مؤتمر صحافي على هامش منتدى دافوس، قال مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية إن العام الحالي هو عام الاستعداد للعام المقبل 2015، والمقرر أن يقام خلاله مؤتمر باريس، ويجب أن يخرج بقرارات تاريخية، علينا من الآن أن نجهز لها؛ سواء من جانب الدول أو المنظمات لإعداد قرارات طموحة.

ومن خلال بيان صدر ببروكسل، وتضمن تصريحات باروسو، اعترف المسؤول الأوروبي بأن الأمر ليس سهلا، وإنما العملية معقدة، نظرا لاختلاف الآراء والمواقف، وأنه لا يمكن الاعتماد فقط على حكمة القادة وقدرتهم على التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة، ولكن يجب أيضا الاعتماد على العلم، الذي يؤكد على أن التغير المناخي يمثل تهديدا كبيرا على الإنسان وعلى الاقتصاد، وأيضا «نحتاج إلى مساندة الرأي العام»، وتطرق باروسو إلى أن الحديث في دافوس تراجع عن الأزمة في أوروبا والمخاوف بسبب تلك الأزمة. والسبب في ذلك، من وجهة نظره، يعود إلى التعافي الذي بدأ يظهر في أوروبا «وعلى الرغم مما تحقق، فعلينا الاستمرار في العمل وما زال أمامنا الكثير». وعاد للحديث عن التغير المناخي، وقال إن الظروف الآن مواتية؛ ففي السنوات الأخيرة كان التركيز من جانب القادة على معالجة الأزمة المالية، وأصبح هناك اهتمام أقل بهذا الملف، وأصبح التركيز الآن على التغير المناخي، وأضاف: «التصدي للتغير المناخي ليس مجرد خيار، وهو أمر لا بد منه، لأنه في مصلحة الجميع بيئيا واقتصاديا وسياسيا، كما أنه يشغل كل دول العالم، حتى التي تريد أن تسعى لتحقيق النمو».

وتخشى على نفسها، ولكن هناك قناعة لدينا بأنه ليس هناك تناقض بين النمو والطموح بشأن اتفاق لمواجهة التغير المناخي. وكان رئيس الجهاز التنفيذي للاتحاد مانويل باروسو شارك مع كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس البنك الدولي في لقاء حول الطاقة والتغير المناخي العالمي، للتأكيد على توحيد الجهود الدولية في مكافحة التغير المناخي، واللقاء جاء على هامش منتدى دافوس في سويسرا، وأشار بيان أوروبي إلى أن اللقاء الثلاثي جاء بعد ساعات من إصدار المفوضية تقريرها حول «المناخ والطاقة وإطار 2030».

وبالتزامن مع هذا، نظمت مظاهرة أمام المفوضية الأوروبية في بروكسل للمطالبة بالمزيد من التدابير والميزانيات، من أجل مكافحة التغير المناخي في العالم، وبعد أن أعلنت المفوضية الأوروبية عن أن الأهداف المنشودة في مشروعها المقترح هي: «مضاعفة خفض مستوى انبعاث الغازات الدفيئة بحلول عام 2030، وزيادة تقارب العشرة في المائة في استخدام الطاقة المتجددة».

وقال جوريس ديبلانكن الناشط في جماعة السلام الأخضر، إن «المفوضية الأوروبية تتراجع عن سياسة بيئية كلفت 15 سنة من الجهود الهادفة إلى جعل أوروبا أقل اعتمادا على المصادر النفطية المستخرجة».

وسيناقش المشروع المناخي للمفوضية خلال القمة الأوروبية المقبلة، التي ستعقد في شهر مارس (آذار) من العام الحالي، وقالت المفوضة لشؤون المناخ كوني هيديغارد لوسائل إعلام أوروبية ببروكسل إن «المفوضية لا تستبعد أي نوع من التكنولوجيا الممكنة، وترغب في أن تكون الطاقة مناسبة لبيئتها وآمنة الإنتاج للبيئة الموجودة فيها».

ومن وجهة نظر كثير من الباحثين، ومنهم الباحث في شؤون الطاقة كريستيان ايجنهوفر، فإن «النقاش المناخي الأوروبي، مركّز بين ألمانيا المتطورة في مجال الطاقة المتجددة وبريطانيا وبولندا الأكثر اعتمادا على الغاز الصخري، والانتقال التدريجي نحو الطاقة المتجددة».

الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة العام سترعى، في العام المقبل، مؤتمرا لأجل التحضر للكوارث الطبيعية والمناخية.

وتضمنت مقترحات المفوضية التي جرى الإعلان عنها في تقرير الأربعاء الماضي ببروكسل، دعوة إلى الدول الأعضاء للعمل على خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون إلى 40 في المائة، بحلول عام 2030، مقارنة مع مستويات عام 1990، من أجل الحفاظ على الريادة الأوروبية على المستوى العالمي في مجال مكافحة التغير المناخي، في حين رأت منظمات بيئية أن هذا الهدف ليس طموحا، بما فيه الكفاية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

كما دعت المفوضية أيضا الدول الأوروبية إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 27 في المائة من مجموع الطاقة المستعملة في الاتحاد الأوروبي، بحلول عام 2030. وتسعى المفوضية الأوروبية من خلال هذه الحزمة الجديدة من التدابير في مجال الطاقة والتغير المناخي إلى التأكيد على تنفيذ الأهداف الثلاثية الإلزامية للاتحاد الأوروبي لعام 2020، المتعلقة بخفض انبعاثات الغازات السامة بنسبة 20 في المائة، واستعمال حصة تصل إلى 20 في المائة من مصادر الطاقة المتجددة، والعمل على تقليص استعمال الطاقة بنسبة 20 في المائة.

وخلال المؤتمر الصحافي لتقديم تقرير الجهاز التنفيذي حول هذا الصدد، قال رئيسه مانويل باروسو: «إذا كانت المعركة ضد التغير المناخي بالغة الأهمية بالنسبة لمستقبل كوكبنا، فإن سياسة أوروبية جيدة للطاقة أمر ضروري للقدرة على المنافسة الاقتصادية، والحزمة التي قدمت اليوم تسعى لدمج الجانبين معا»، ويتعين الآن على الدول الأعضاء وضع خطط عمل تشرح ما تعتزم القيام به بشأن الطاقة المتجددة، على أن تقيّم المفوضية الأوروبية ما إذا كانت هذه الخطط كافية لتحقيق الهدف الأوروبي أو المطالبة بتدابير إضافية.