وزيرة السياحة التونسية الجديدة المستقيلة تغادر البلاد لأسباب عائلية

قيادات سياسية عدت استقالتها من الحكومة محاولة لامتصاص الصدمة

آمال كربول
TT

ذكرت مصادر مطلعة في وزارة السياحة التونسية لـ«الشرق الأوسط» أن آمال كربول الوزيرة الجديدة للقطاع، التي استقالت عقب تنصيب حكومة مهدي جمعة جراء اتهامها بالتطبيع مع إسرائيل، سافرت خارج البلاد لأسباب قالت إنها عائلية بحتة تهم استقرارها في تونس، وإنها لن تعود إلى البلاد قبل يوم الثلاثاء المقبل.

ولم تتراجع حدة الحملة التي تتعرض لها الوزيرة كربول، وواصلت مجموعة من القيادات السياسية ذات المرجعية القومية والإسلامية مطالبتها بتوضيح علاقة الوزيرة الجديدة بإسرائيل. وباشرت كربول نشاطها في الوزارة ليوم واحد قبل أن تقرر السفر، ولم تأبه كثيرا لسلسلة الانتقادات اللاذعة التي طالتها أثناء جلسة منح الثقة للحكومة.

ووجه بعض نواب المجلس التأسيسي (البرلمان) اتهامات مباشرة للوزيرة بالتعامل مع إسرائيل على خلفية زيارتها لها سنة 2006 ضمن برنامج الأمم المتحدة للتنمية لتكوين كوادر شبابية فلسطينية.

وتفادت الوزيرة كربول الرد المباشر على تلك الاتهامات أو الاعتذار عن تلك الزيارة، إلا أن مصادر مقربة منها قالت إنها «صدمت بشراسة وعنف الهجوم الذي تعرضت له»، وأضافت أن الحملة جعلتها تقع تحت ضغوطات شديدة لم تقدر على تحملها فقدمت استقالتها إلى رئيس الحكومة.

وأضافت المصادر ذاتها أن «شهادات التضامن» معها، وإصرار وثبات رئيس الحكومة على اختياراته، هي التي دفعتها إلى العدول عن الاستقالة ومواصلة الاضطلاع بالمهمة الوزارية.

ولعب الهجوم الشرس الذي شنه عليها النائب المستقل إبراهيم القصاص، دورا محوريا في الشهرة السريعة والمفاجئة لوزيرة السياحة. كما دفع بشريحة من التونسيين إلى التعاطف معها. وكان القصاص قد دعاها إلى مغادرة المجلس التأسيسي بصفة فورية.

وعلقت بعض الصحف التونسية على الحملة التي استهدفت وزيرة السياحة الجديدة بالقول إنها «وزيرة اشتهرت قبل أن تعرف». وقالت صحف أخرى إن الاستقالة غامضة، في إشارة إلى «تعهد» وزيرة السياحة بالاستقالة في حال ثبوت أنها قدمت معلومات خاطئة.

وقالت الوزيرة كربول لوسائل الإعلام عقب تقديمها الاستقالة موضحة: «في صورة ثبوت عكس ما صرحت به فيما يتعلق بالزيارة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن الاستقالة لدى رئيس الحكومة وله أن يقبلها». وعلقت قيادات سياسية على الاستقالة بكونها «تمويها لتخفيف الضغوطات عن الوزيرة بهدف تجاوز تلك اللحظات الصعبة وامتصاص الصدمة لا غير».

وتغاضت وزيرة السياحة الجديدة عن الإشارة إلى زيارة الأراضي المحتلة في البيانات الشخصية التي قدمتها إبان ترشحها لتولي حقيبة وزارة السياحة. لكن الحملة ضدها انطلقت مبكرا بعد كشف شبكات التواصل الاجتماعي معطيات عن تلك الزيارة. وتحولت النقاشات بين التونسيين إلى أطراف معادية لـ«الصهيونية» منددة بالتطبيع والمطبعين، وأطراف أخرى تنادي بإعطاء الأولوية للملفات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، وترك موضوع التطبيع إلى وقت لاحق.

وتخشى دوائر سياسية من تأثير استقالة وزيرة السياحة على إعادة بناء جسور الثقة مع شركاء تونس التقليديين خاصة فرنسا وألمانيا.

وتتجاوز مهمة وزارة السياحة في الحكومة الجديدة حدود الوزارة التي تشرف عليها بل إنها تتطلع - حسب مصادر من وزارة السياحة - إلى تعاون كبير مع مجموعة من الوزارات الأخرى على غرار وزارة الثقافة لدورها الأساسي في دعم القطاع السياحي.

في غضون ذلك، انتقد حمة الهمامي، المتحدث باسم تخالف الجبهة الشعبية (12 حزبا) الحكومة الجديدة. وقال إنها تنطلق بمجموعة من العلل، على حد تعبيره. وقال في مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة التونسية إن «عددا من الوزراء لهم ولاءات وأنهم متهمون بالتحزب»، وتجنب الإشارة إلى موضوع وزيرة السياحة والاتهامات الموجهة لها. ودعا الهمامي إلى تجنب تصفية الحسابات السياسية مع مناضلي الجبهة الشعبية تحت غطاء مقاومة الإرهاب، وقال إن «خلطا بين العنف والإرهاب بدا في عهد علي العريض وهو متواصل حتى الآن».

من ناحية أخرى، شهدت مدينة مدنين جنوب تونس مسيرة احتجاجية مطالبة بالتنمية والتشغيل وإسهامها بكلية للطب على غرار مدينة قابس المجاورة. وتحولت المسيرة التي كانت بدايتها سلمية إلى مواجهات مع قوات الأمن. وطالب المحتجون بتضمين قرار وزارة الصحة المتعلق بأحداث كلية طب بمدنين في الرائد الرسمي والمحافظة على صيغته الأصلية دون تعديل.

تأتي هذه التحركات بعد يوم واحد من قرار الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس (نقابة عمال) الدخول في إضراب عام جهوي في العاشر من فبراير (شباط) المقبل، وذلك على خلفية اتهام السلطات بالتضييق على العمل النقابي وتواصل تهميش الجهة في مجالي مشاريع التنمية والاهتمام بالبيئة.