عودة مسلسل «إفلاس أميركا»!

جمال الدين طالب

TT

يبدو أن العالم مقبل، هذا الشهر، على عودة «مسلسل» أزمة سقف الديون الأميركية وتطوراته «الدراماتيكية» على الطريقة «الهوليودية» وعنوانه الكبير: أميركا على حافة الإفلاس، وذلك مع عودة الولايات المتحدة الجمعة الماضي السابع من فبراير (شباط) إلى العمل بسقف الدين العام بعدما انتهت مدة التجميد الذي توصل إليه الديمقراطيون والجمهوريون في الكونغرس، في أكتوبر (تشرين الأول) 2013 للعمل بهذا السقف للحيلولة دون تخلف البلاد عن السداد.

وبنهاية هذه المهلة باتت أميركا بحاجة إلى اتفاق جديد يرفع سقف الدين العام البالغ نحو 17 ألفا و300 مليار دولار، وذلك لتمكين الدولة الفيدرالية من الاستدانة للوفاء بالتزاماتها المالية وخدمة دينها العام.

وفي انتظار التوصل إلى هذا الاتفاق الجديد، أعلن وزير الخزانة جاكوب لو في رسالة وجهها إلى قادة الكونغرس الجمعة الماضي أن الوزارة ستعمد إلى «إجراءات استثنائية» لتجنب وقوع البلاد في حالة تخلف عن السداد ولتأمين هامش تحرك يرجئ الأزمة حتى نهاية فبراير الحالي، أي أنه إذا لم يتم التوصل إلى الاتفاق فإن الحكومة الأميركية تواجه خطر «الإفلاس» والتخلف عن السداد بنهاية الشهر الحالي. وحذر الوزير من أنه «من الخطأ الانتظار حتى اللحظة الأخيرة»، إنه حتى في حال رفع سقف الدين فإن الخلافات السياسية حول الدين سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد الأميركي.

وقد كلفت الخلافات السياسية حول الموضوع الاقتصاد الأميركي سابقا، وكان لها تأثير كبير على الأسواق العالمية، ففي أكتوبر الماضي، أقفلت الأجهزة الإدارية الحكومية في أميركا طيلة أكثر من أسبوعين بسبب الخلاف بين الكونغرس والبيت الأبيض بشأن الموازنة وسقف المديونية، وقد كلفت الأزمة فقدان النمو الأميركي 0.3 في المائة في الربع الأخير من 2013 والذي بلغ 3.2 في المائة.

وفي صيف 2011، دفعت أزمة سابقة بشأن سقف المديونية بوكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» إلى تجريد الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، من تصنيفها «الذهبي» أي «إيه إيه إيه».

واللافت أن عودة أزمة سقف الدين في أكبر اقتصاد عالمي، في 2014، تتزامن مع تحذيرات من مخاطر انفجار ما اعتبر «قنبلة أزمة دين داخلي» في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أي في الصين، مع الارتفاع المتسارع في ديون الحكومات المحلية في الصين.

وقد تجد بكين نفسها، ومعها الاقتصاد العالمي، أمام «كماشة» أزمة دين داخلية في الصين وأزمة الديون في أميركا.

وتعتبر الصين، عمليا، أكبر دائن لواشنطن، حيث تحوز على أكثر من 1.2 تريليون دولار من سندات الخزانة الأميركية، مما يعني أنها ستكون أكبر المتأثرين من أي «سيناريو كارثي» يؤدي إلى تخلف أميركا عن سداد ديونها. والأمر لا يتوقف عند ذلك فقط، بل ربما سيطال «حريق» الأزمة أيضا احتياطياتها الضخمة من العملة الأجنبية بالدولار والمقدرة بأكثر من 3.2 تريليون دولار، بسبب المخاوف من انهيار قيمة العملة الأميركية.

وقد تجد وسائل الإعلام الرسمية الصينية نفسها تعيد نفس الانتقادات، التي كانت قد وجهتها في 2011 لأميركا وساستها، ومن بينها تعليق لوكالة الأنباء الرسمية الصينية «شينخوا» قالت فيه إن الجزء الأقبح - فيما سمته هذه «ملحمة الديون» الأميركية - هو خطورة ذلك «التناطح القاتل» الدائر بين «الفيل» (شعار الحزب الجمهوري الأميركي) و«الحمار» (شعار الحزب الديمقراطي الأميركي) على الاقتصاد العالمي وعلى رخاء الكثير من الدول.

[email protected]