الأمم المتحدة تنتقد تردي الأوضاع الإنسانية في سوريا وتطالب بإدخال المساعدات

السعودية تطالب بتطبيق مبادئ «جنيف1».. والمندوبة الأميركية تلوح بإجراءات

صورة وزعت أمس لفلسطينيين في مخيم اليرموك ينتظرون الحصول على مساعدات بعد أن أهلكتهم أشهر طوال من الجوع جراء الحصار (رويترز)
TT

شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة غير رسمية امتدت لأكثر من ثلاث ساعات لمناقشة الوضع الإنساني المتردي في سوريا، وهي الجلسة التي دعت إليها المملكة العربية السعودية وتحدث خلالها مسؤولو منظمات الإغاثة الإنسانية وشؤون اللاجئين ومسؤولو منظمات الصحة عن واقع المأساة الإنسانية في سوريا وأوضاع المشردين واللاجئين وتردي الأوضاع الصحية واستخدام المدنيين دروعا بشرية وتعذيب الأطفال واغتصابهم وسياسات تجويع المحاصرين في المدن كتكتيكات عسكرية للنظام السوري.

وشدد مندوبو الدول في إفاداتهم على ضرورة تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية وأشادوا بقرار مجلس الأمن الخاص الصادر بإجماع أعضائه لتسهيل وصولها. وطالب المندوبون باتخاذ خطوات حاسمة في حال عدم التزام النظام السوري بتنفيذ القرار، وأشار البعض إلى ضرورة تقديم المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية في سوريا إلى المحكمة الدولية.

وجددت المفوضة السامية لمجلس حقوق الإنسان نافي بيلاي دعوتها لإرسال ملف الصراع في سوريا للمحكمة الجنائية الدولية.

وأشارت، في كلمتها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، إلى تزايد المؤشرات على ارتكاب جرائم حرب على نطاق واسع في سوريا.

من جانبه، قال أنطونيو غوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن نحو 5.‏2 مليون سوري نصفهم من الأطفال نزحوا رسميا إلى الدول المجاورة. وأضاف أن «السوريين حلوا في الوقت الراهن محل الأفغان كأكبر تجمع للاجئين في العالم».

فيما ركز المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري على ترديد أن النظام السوري «يكافح الإرهاب، وأن المأساة الإنسانية في سوريا هي نتيجة لهذا الإرهاب». واتهم دولا إقليمية وتركيا «بتمويل الإرهابيين بالمال والسلاح». وأثار الجعفري انتقادات مندوبي الدول الغربية والعربية بوصفه ما يجري في سوريا بأنه «فيلم هوليوودي».

بدوره، طالب المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي بالتطبيق الكامل والفوري وغير المشروط لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139 الخاص بتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية لسوريا وشدد على ضرورة أن يضطلع مجلس الأمن بمسؤولياته لاتخاذ إجراءات في حال عدم الامتثال للقرار. وطالب بإعلان أسباب إخفاق جولات مفاوضات «جنيف2» بشأن السلام في سوريا والمسؤولين عن هذا الإخفاق، وأن يتولى مجلس الأمن متابعة تنفيذ مبادئ «جنيف1»، التي تنص على تأسيس هيئة انتقالية في سوريا لإدارة شؤون البلاد. وشدد على ضرورة تحديد المسؤولين عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية وإحالتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، وضرورة سحب المقاتلين الأجانب مثل قوات حزب الله وقوة القدس التابعة لإيران وإيجاد مناطق آمنة للمدنيين وممرات لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

وهاجم المعلمي الادعاءات التي رددها المندوب السوري، وقال إن «النظام السوري يدعي أنه يواجه الإرهاب وهي أقاويل فاضحة تستهدف السعي لتحويل النظر عن مأساة الشعب السوري». واستنكر أن يعد الجعفري كل ما يجري في سوريا «فيلما هوليووديا»، وقال متهكما: «لعل هذا الفيلم لا يصل إلى الأوسكار».

وشدد المعلمي على رفض السعودية الاتهامات التي ساقها جعفري. وأوضح: «أدانت بلادي على لسان أعلى السلطات جميع الهجمات الانتحارية وأصدرت قوانين تمنع إصدار الفتاوى من أي جهة باستثناء السلطات الدينية التي لم تصدر أي فتاوى تكفيرية، بل أصدرت قوانين تمنع المواطنين السعوديين من الاشتراك في أي صراعات وتقديمهم للمحاكمة، كما عملت بلادي على مساعدة الدول المجاورة لسوريا».

وأضاف: «أدانت بلادي الإرهاب مهما كانت دوافعه وأهدافه وتعده جريمة لا مبرر لها وتدين كل أعمال الإرهاب وسجل بلادي المحلي والدولي في مكافحة الإرهاب واضح للعيان».

وتهكم المعلمي على العبارات الأدبية في خطاب الجعفري وتطاوله بكلمات مسيئة ضد الدول الأخرى، وقال: «أقدر المواهب الأدبية للمندوب السوري وأسلم له بالتفوق المطلق في تلك العبارات، لكني لن أنحدر لتلك العبارات، لكن الترويج لقيام النظام السوري بمكافحة الإرهاب لن تجدي في صرف النظر عن الجرائم وسوف نتشاور مع بقية الأعضاء ونطلب أن تتولى الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخاذ موقف واضح وصريح حيال ما ورد من معلومات في إفادات مسؤولي الإغاثة ومسؤولي الأمم المتحدة».

بدورها، قالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامناتا باور إن «مجلس الأمن تحدث بصوت الماضي بصوت واحد ورسالة موحدة لتوصيل المساعدات الإنسانية للسوريين ورفع الحصار عن المدن المحاصرة»، في إشارة إلى قراره الأخير 2139 لإيصال المساعدات. وأكدت: «مستعدون لاتخاذ خطوات أخرى في حال عدم الامتثال لتنفيذ القرار».

وتابعت: «هذه أسوأ مأساة إنسانية ونرحب بقرار مجلس الأمن، لكن تاريخ النظام السوري يعلمنا أن نبقى يقظين». وأشارت إلى صدور عدة قرارات للأمم المتحدة تطالب النظام السوري بتسهيل توصيل المساعدات للمدنيين «دون أن يستجيب النظام لها». واختتمت بالقول: «إلى أن يجري التنفيذ فإن قرارات الأمم المتحدة تبقى مجرد كلمات، وأشجع كل الدول على الضغط على سوريا لتلتزم بالقرار».

فيما شدد المندوب الروسي فيتالي تشوركين على ضرورة حل الأزمة السورية من خلال الجهود الدبلوماسية. وأشار إلى تقديم بلاده قوافل إنسانية من المساعدات للمحتاجين في سوريا. واتهم المندوب الروسي المقاتلين في سوريا بنهب قوافل الإغاثة ومهاجمة العاملين بوكالات الإغاثة واستخدامهم دروعا بشرية، مطالبا بإدانة الإرهاب وكل من يرعاه.