أنباء عن غارة إسرائيلية على هدف عسكري لحزب الله قرب الحدود السورية

تقارير عن استهداف قافلة سلاح ومقتل قيادي في الحزب

صورة أرشيفية لجندي إسرائيلي يراقب الحدود مع لبنان (رويترز)
TT

التزم حزب الله الصمت، أمس، حيال الضربة الجوية التي نفذتها طائرات إسرائيلية في منطقة لبنانية حدودية مع سوريا، وسط أنباء عن استهدافها، ليل أول من أمس، هدفا عسكريا للحزب قرب حدود لبنان الشرقية.

وتضاربت الأنباء حول موقع سقوط الصواريخ الإسرائيلية. ففي حين أكد مصدر أمني لبناني لوكالة الصحافة الفرنسية أن الطيران الإسرائيلي «نفذ غارتين على هدف لحزب الله في منطقة من سلسلة الجبال الشرقية» الحدودية، ذكرت قناة «المنار» التابعة لحزب الله، نقلا عن شهود عيان، أن الصواريخ وقعت في الجانب السوري. واكتفى الجيش اللبناني أمس بالقول إن أربع طائرات حربية إسرائيلية «اخترقت الأجواء اللبنانية فوق البحر في شمال لبنان، باتجاه الشرق وصولا حتى منطقتي بعلبك والهرمل» في شرق البلاد.

وتداولت مواقع إلكترونية معلومات عن سقوط خمسة قتلى لحزب الله في الغارة. ونقل موقع «ليبانون ديبايت» عن مصدر في الحزب قوله إن «الموقع المستهدف هو مربض مدفعية تابع للحزب يضم نحو ثلاثين مدفعا ثقيلا، ويُستخدم لقصف مواقع المعارضة السورية في يبرود» حيث تدور معارك بين القوات النظامية والمعارضة بريف دمشق الشمالي، ويشارك حزب الله فيها، مشيرا إلى «سقوط خمسة قتلى، بينهم قائد المجموعة أبو جميل يونس». وتعد المنطقة الحدودية المستهدفة شرق لبنان خاضعة لنفوذ حزب الله، وتتضمن أقدم معسكر للتدريب العسكري التابع للحزب، ومفتوحة على الحدود السورية. كما تُعرف هذه المنطقة بأنها ممر تقليدي لصواريخ حزب الله من سوريا، نظرا لأنها امتداد لقرى شيعية مؤيدة بأغلبها للحزب، مفتوحة على قواعد الجيش السوري العسكرية في القلمون بريف دمشق الشمالي، حيث يشارك الحزب بالقتال إلى جانب النظام. وتحاذي هذه المنطقة مناطق سرغايا السورية وريف الزبداني المحاذية للحدود اللبنانية.

وبقي موقع سقوط الصواريخ الإسرائيلية ملتبسا، إذ لم يوضح حزب الله ما إذا كانت الغارات استهدفت قواعده، كما التزمت دمشق الصمت. وفي حال ثبت أن الغارة وقعت داخل لبنان، تكون إسرائيل تستهدف للمرة الأولى هدفا لحزب الله في الداخل اللبناني منذ نهاية حرب عام 2006.

وكانت إسرائيل قصفت مرارا مناطق في سوريا، أبرزها الصيف الماضي، حيث استهدفت مركزا للبحوث العسكرية في ريف دمشق، وكان آخرها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حين قصفت قاعدة جوية سورية كانت تحوي صواريخ مخصصة لحزب الله، علما بأن دمشق لم تؤكد تلك التسريبات.

وأفادت معلومات، من مصادر متعددة، بأن الغارة الأخيرة استهدفت شحنة صواريخ لحزب الله كانت تعبر باتجاه الأراضي اللبنانية، على الرغم من أن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قال إن القصف الإسرائيلي استهدف «مركز قاعدة صواريخ» تابعة لحزب الله.

ويستبعد رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات»، الدكتور هشام جابر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون الطائرات الحربية الإسرائيلية استهدفت مراكز أو قواعد صواريخ ثابتة لحزب الله، قائلا إن «أغلب الظن أنها استهدفت قافلة متحركة». ويوضح أنه «من غير المنطقي أن تكون هناك صواريخ ثابتة للحزب في المنطقة، أو على الأقل، ظاهرة»، مرجحا أن تكون قافلة متحركة «مما استدعى ردا من إسرائيل التي قالت مرارا إنها ستمنع وصول الأسلحة إلى لبنان».

واتسعت رقعة امتداد سيطرة حزب الله على أغلب الحدود اللبنانية، بعد مشاركته في القتال في القصير بريف حمص الجنوب، وفي منطقة القلمون بريف دمشق، مما يسهّل نقل السلاح عبر معابر يسيطر عليها، تمتد باتجاه مناطق لبنانية يحظى فيها بتأييد شعبي. ويقول جابر، وهو عميد ركن متقاعد من الجيش اللبناني، إن قصف هذه النقطة، في حال ثبت استهداف قافلة لنقل السلاح إلى حزب الله «لن يغير شيئا في إمداد حزب الله بالسلاح، كونه يستطيع نقل السلاح من عدة معابر، بينها معابر شرعية في أقصى شمال شرقي لبنان»، فضلا عن «وجوده في القلمون».

وكانت المعارضة السورية كررت مرارا أن منطقة القلمون تتضمن مركزا لترسانة النظام السوري الصاروخية، وتحضن مقرات وحدات النخبة لديه، بينها مقرات الفرقة الرابعة التي يترأسها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد. وترافق القصف مع تحليق للطائرات الحربية الإسرائيلية بكثافة داخل الأراضي اللبناني، وصولا إلى منطقة شمال نهر الليطاني، حيث حلق على علو منخفض ومتوسط.

ويقول جابر إن هذه الطلعات الجوية «تهدف إلى استشعار أي تحركات عسكرية لحزب الله شمال الليطاني»، نظرا لأن القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، بعد حرب يوليو (تموز) في عام 2006، يحظر أنشطة حزب الله العسكرية في منطقة جنوب الليطاني الحدودية مع إسرائيل. ويستبعد جابر رد حزب الله على الغارة «إلا إذا خرقت إسرائيل الوضع القائم، بتنفيذ إنزال عسكري أو توسيع رقعة القصف الجوي».

وفي إسرائيل، لم يجب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن سؤال حول مسؤولية الدولة العبرية عن الهجوم، لكنه لمح إلى ذلك. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تزور إسرائيل «لا أنوي التحدث عن أمور قيل إننا قمنا بها، أو لم نقم» مضيفا «لكن إسرائيل تنفذ ما يلزم لتدافع عن مواطنيها في مواجهة أي خطر». وجاءت تلميحات نتنياهو في الوقت الذي رفض فيه الجيش الإسرائيلي التعليق على الغارة الجوية على الأراضي اللبنانية، لكن مصدرا أمنيا إسرائيليا أكد حدوث «نشاط مكثف لسلاح الجو بصورة غير معتادة في الشمال (شمال إسرائيل)». ونفذت الطائرات الغارة على لبنان فيما كان نتنياهو يستضيف ميركل على عشاء عمل في بيته، وبعد ساعات فقط من تصريح لافت لرئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، بيني غانتس، قال فيه «إننا نراقب عن كثب عمليات نقل الأسلحة في جميع مناطق القتال. إنه أمر مقلق وخطير، ومن حين إلى آخر نقوم بالرد وقت الحاجة».

وذكرت القناة العبرية العاشرة أن الغارات استهدفت الليلة الماضية شاحنات كانت تقل صواريخ متطورة كانت في طريقها لحزب الله بين بلدتي جرد بريتال وجرد الخريبة القريبتين من الحدود مع سوريا وتعدان من المراكز المهمة لحزب الله لتهريب الأسلحة وكذلك للانطلاق في عملياته ضد المعارضة السورية.