قادة أمنيون: تايلاند على شفير حرب أهلية

أعمال عنف جديدة.. والمحتجون يتهمون معسكر الحكومة بالسعي لتقسيم البلاد

متظاهر يتمرن في الهواء الطلق بحديقة لومبيكي في بانكوك أمس (أ.ف.ب)
TT

حذر مسؤولون أمس من أن تايلاند باتت على شفير «حرب أهلية»، معربين عن القلق من تفاقم أزمة سياسية مستمرة منذ أربعة أشهر سقط خلالها 22 قتيلا معظمهم في العاصمة بانكوك. وأعرب رئيس دائرة التحقيقات الخاصة (بمثابة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي) تاريت بنغديث عن مخاوفه من «تصعيد نحو حرب أهلية».

وتوفيت آخر ضحايا الأزمة نهاية الأسبوع، وهي طفلة عمرها خمس سنوات، متأثرة بجروح أصيبت بها في تبادل إطلاق النار وسط تظاهرة في تراث شرق البلاد، وبذلك يرتفع عدد القتلى إلى 22 ، بينهم أربعة أطفال، في حصيلة أعمال العنف التي تخللت التظاهرات المطالبة بتنحية رئيسة الوزراء ينغلوك شيناوترا. وتعد هذه أخطر أزمة تشهدها تايلاند منذ 2010 عندما تعرضت حركة «القمصان الحمر» أنصار رئيس الوزراء حينها ثاكسين شيناوترا، شقيق ينغلوك، إلى هجوم الجيش مما أسفر عن سقوط تسعين قتيلا.

وتأتي تصريحات رئيس دائرة التحقيقات صدى لمخاوف أعرب عنها قائد جيش المشاة النافذ برايوت شان أو شا، الذي قال إنه يخشى «انهيار» البلاد. وأوضح عن تلك المخاوف في رسالة قصيرة أرسلها إلى وكالة الصحافة الفرنسية قال فيها «إن حربا أهلية ستندلع إذا لم تحترم كل الأطراف القواعد»، مضيفا أن «العسكر سيبذلون كل الجهود في سبيل البلاد والشعب، وليس من أجل طرف من الأطراف المتناحرة».

وأعرب قائد جيش المشاة عن هذه المخاوف من «حرب أهلية» في حين يخشى من خروج «القمصان الحمر» في تظاهرات في بانكوك. وامتنع أنصار الحكومة حتى الآن عن الخروج في حشود كبيرة إلى شوارع العاصمة، تفاديا لأي مواجهات مع المعارضة بعد صدامات نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، لكنهم شددوا لهجتهم خلال الأيام الأخيرة، في حين تواجه رئيسة الوزراء مزيدا من الضغط.

وأمس، سمعت أصوات انفجار وإطلاق نار قرب موقع للمحتجين، مما تسبب في إصابة شخصين بجروح. وجاء الانفجار وإطلاق النار بعد ساعات على تحذير وجهه زعيم المحتجين سوثيب ثوغسوبان من أن أنصار الحكومة يعدون لجلب متشددين مسلحين إلى بانكوك. واتهم سوثيب زعيم أحد قادة مؤيدي رئيسة الوزراء، يدعى غاتوبورن برومفان، بالسعي لجلب متشددين مسلحين إلى بانكوك من قاعدة نفوذهم التي تتركز في المناطق الريفية في شمال وشمال شرقي البلاد، وهو ما يهدد بصراع محتمل. كما اتهم زعيم المحتجين لشرطة بعدم التدخل لمنع ذلك. وأبلغ سوثيب أنصاره في الليلة قبل الماضية «من الواضح أن غاتوبورن يريد تقسيم البلد إلى اثنين».

ويهدف المحتجون الذين عطلوا انتخابات عامة هذا الشهر إلى إطاحة رئيسة الوزراء ينغلوك شيناواترا والقضاء على نفوذ شقيقها رئيس الوزراء السابق ثاكسين شيناواترا، الذي يعده كثيرون القوة المحركة وراء الحكومة. ودعت ينغلوك إلى حوار لحل الأزمة. وقالت للصحافيين أول من أمس: «حان الوقت لتتحدث كل الأطراف إلى بعضها البعض. طلب كثيرون مني الاستقالة لكنني أسأل هل الاستقالة هي الإجابة، وكيف سيكون الحال إذا خلقت فراغا في السلطة». وتزايدت متاعب ينغلوك شيناوترا يوم الخميس الماضي، عندما دعيت للمثول أمام لجنة مكافحة الفساد التي قد تعلن ملاحقتها بتهمة الإهمال بشأن برنامج مثير للجدل لمساعدة مزارعين من منتجي الأرز، في إجراء قد يؤدي إلى إقالتها.

وأمام المشكلات التي تلاحقها، توجهت ينغلوك شيناواترا إلى مسقط رأسها في إقليم شيانغ ماي، أمس، بعد أن ترأست اجتماعا لمجلس الوزراء بقاعدة جوية في بانكوك. وصرحت متحدثة باسم الحكومة بأن رئيسة الوزراء ترأست الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء بالقاعدة الجوية الواقعة في مطار دون مويانغ قبل أن تتوجه جوا إلى إقليم شيانغ ماي على بعد 600 كيلومتر شمال العاصمة حيث ستبقى هناك حتى يوم الجمعة.

وكانت تقارير إعلامية محلية ذكرت أن ينغلوك قررت الابتعاد عن بانكوك قدر الإمكان تجنبا للمضايقات من جانب اللجنة الشعبية للإصلاح الديمقراطي، التي تحاول الإطاحة بحكومتها منذ مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

يذكر أن المتظاهرين نجحوا في طرد ينغلوك ومجلس وزرائها من مقر الحكومة، المقر الرسمي للحكم، في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي ومنعوها الأسبوع الماضي من استخدام مبنى الأمانة الدائمة للدفاع مقرًّا مؤقتا لمجلس الوزراء. كما استهدف حزب اللجنة الشعبية للإصلاح الديمقراطي منذ الأسبوع الماضي الشركات المملوكة أو التابعة لعائلة شيناواترا في إطار محاولته إجبار ينغلوك على الاستقالة.