أمين الجامعة العربية: مجلس الأمن عجز عن القيام بمسؤولياته

أرجع السبب إلى سوء استخدام «الفيتو»

نبيل العربي لدى تكريمه من جمال السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي أمس (وام)
TT

أكد الدكتور نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية، عجز مجلس الأمن عن القيام بمسؤولياته تجاه العديد من القضايا المطروحة على الساحة العالمية بسبب سوء استخدام حق النقض (الفيتو) واستمرار مبدأ «العدالة الانتقائية» السائد في التعامل مع القضايا الدولية.

واستعرض العربي خلال المحاضرة التي ألقاها في مركز «الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» تحت عنوان «مستقبل العمل العربي المشترك»، أهم سمات النظام الدولي المعاصر، حيث رأى أنها تتمثل في ثلاث سمات أولاها نظام الأمن الجماعي، وثانيتها الفجوة بين القانون الدولي وتطبيقه، وثالثتها ضعف تجمعات العالم الثالث.

وفي ما يتعلق بنظام الأمن الجماعي، أكد عجز مجلس الأمن عن القيام بمسؤولياته وذلك لسوء استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، مما أدى إلى فشل ذريع لنظام الأمن الجماعي واستمرار مبدأ «العدالة الانتقائية» السائد في التعامل مع القضايا الدولية، وهو ما تجلى في تعامل المجتمع الدولي مع القضية الفلسطينية، ويتجلى حاليا في التعامل مع المأساة السورية.

وعن الفجوة الكبيرة بين قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية وتطبيقها، قال العربي إن هذه الفجوة تتزايد مع مرور الزمن وتؤدي إلى حالة من الفوضى. وأكد وجود قوانين دولية تنظم مجالات الحياة كافة على سطح الأرض مثل الفضاء والبحار وحقوق الإنسان ونزع السلاح وغيرها، لكن لا يوجد ما يضمن تطبيق هذه القوانين. ودلل على ذلك بأن هناك 194 دولة عضوا في محكمة العدل الدولية لكن 70 دولة منها فقط تقبل الالتزام بالاختصاص الإلزامي لهذه المحكمة وبشروط، ومن ثم لا يوجد نظام يضمن وجود آلية دولية ملزمة لتنفيذ القوانين الدولية، ومجلس الأمن فقط هو من يمثل هذه الآلية، لكنه جهاز سياسي يتحرك وفقا للأهواء السياسية للدول الكبرى التي تستطيع عرقلة أي قرار.

وفي ما يتعلق بضعف تجمعات العالم الثالث، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية إن كل دول العالم دخلت في تجمعات للدفاع عن مصالحها، منوها بأن دول العالم الثالث كونت «حركة عدم الانحياز» التي ضمت كل الدول العربية وكان لها دور فاعل في عقدي الستينات والسبعينات وربما عقد الثمانينات من القرن العشرين، وكان يطلق عليها «ضمير الإنسانية»، وكانت تتعامل مع المجتمع الدولي من منطلق أخلاقي، ولكن بعد وفاة القادة التاريخيين لهذه الحركة تدهور دورها وتلاشى.

وقال العربي حول التحديات الأساسية التي تواجه العالم العربي إنها تتمثل في «القضية الفلسطينية» التي تعتبر الأهم وتبقى دائما القضية العربية المحورية من حيث تأثيرها، مشيرا إلى أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي له تداعيات متعددة استراتيجية وسياسية وأخلاقية تطول مصالح الجميع وتتحدى سلطة القانون الدولي، وأن كل الشعوب نالت استقلالها ما عدا «الشعب الفلسطيني».

وأكد ضرورة الضغط على المجتمع الدولي للعمل على إيجاد «حل للنزاع» وليس «إدارة النزاع» فقط كما يجري حاليا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تطلب وقتا إضافيا وترغب في أن تتقدم بإطار قبل الوصول إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذا الإطار لم يطلع عليه أحد.

وأشار العربي إلى أنه من المتوقع قبل انعقاد القمة العربية المقبلة في 25 مارس (آذار) المقبل أن يكون الفلسطينيون والإسرائيليون قد اطلعوا بشكل كامل على هذا الإطار، متوقعا أن نقطة الانطلاق في هذا الإطار ستكون حدود عام 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. وأضاف أن هذا الإطار قد ينجح أو لا ينجح، وهذا يعتمد على مدى رغبة الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل، مشيرا إلى أن إسرائيل تتقدم حاليا بمطالب لم تطلبها من قبل في مفاوضاتها مع مصر والأردن، مثل إصرارها على «يهودية الدولة» الإسرائيلية وهي مطالب تعجيزية تدل على سوء نية من قبل إسرائيل.

وتساءل العربي «ماذا لو فشل هذا المسعى الذي يقوم به وزير الخارجية الأميركي جون كيري؟»، موضحا أن هذا احتمال قائم ولو فشل هذا المسعى فهناك حلول تقليدية يجب اتباعها مثل اللجوء إلى المنظمات الدولية لا سيما الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام. وأكد أن هذه الحلول تتوقف على موافقة الولايات المتحدة وإلا ستواجه فلسطين «فيتو» آخر، مشددا على ضرورة اللجوء إلى حلول وخيارات أخرى، فهناك أبواب لم تطرق بجدية - حتى الآن - يمكن أن يؤدي اللجوء إليها إلى حصار إسرائيل.

كما أكد أن نقطة الانطلاق هنا يمكن أن تكون قيام الدول العربية بحملة مماثلة للحملة التي انطلقت في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وتهدف إلى دفع الدول إلى تفادي الإقدام على أي مشروع استثماري في إسرائيل وعدم استيراد أي بضائع إسرائيلية تأتي من داخل المناطق المحتلة. وقال إنه من بين الخيارات الأخرى أيضا شن حملة قوية من القيادة الفلسطينية بدعم كامل من الدول العربية حتى تشعر إسرائيل بالحصار، وآخر هذه الحلول هو اللجوء إلى المقاومة السلمية على طريقة «المهاتما غاندي» التي أدت إلى انسحاب بريطانيا من الهند وإستقلالها.

وأضاف العربي أن التحدي الآخر الذي يواجهه العالم العربي حاليا هو القضية السورية، معداً اياه تحديا خطيرا، مؤكدا أن النظر لهذه القضية يجب أن يكون من أربع زوايا، أولاها أن أي حل للقضية يجب أن يكون سياسيا وليس عسكريا، وثانيتها ضرورة صدور قرار من مجلس الأمن بوقف القتال في سوريا بأسرع وقت ممكن، والثالثة ضرورة رفع المعاناة عن نحو ستة ملايين نازح داخل سوريا بأسرع ما يمكن، والرابعة ضرورة التفكير في كيفية إعادة إعمار سوريا بعد كل هذا الخراب الذي أصابها.

وقدم العربي خلال المحاضرة بعض الأفكار والمقترحات للتعامل مع التحديات التي تواجهها المنطقة العربية وجامعة الدول العربية، من بينها ضرورة إصلاح ميثاق الأمم المتحدة, لا سيما ما يتعلق بنظام الأمن الجماعي الذي يعرقله سوء استخدام حق «الفيتو»، مشددا على ضرورة إصلاح ميثاق جامعة الدول العربية كي يلائم متطلبات العصر.