لبنان: البرلمان يرجئ انعقاده للمرة العاشرة.. وحزب الله يرفض التفاوض على «حق المقاومة»

عون يحذر من المخاطرة بـ«تطيير» الحكومة وبالتالي انتخابات الرئاسة

TT

أرجأ رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الجلسة التشريعية التي كان مقررا انعقادها أمس، للمرة العاشرة على التوالي، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للجلسة مع استمرار امتناع قوى «14 آذار» عن الحضور، في وقت تعاود فيه اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري اجتماعاتها بعد غد الجمعة من دون إحراز أي تقدم في تذليل النقاط الخلافية.

ويأتي تأجيل الجلسة بعد غياب قوى «14 آذار»، التي عدّت سابقا أنه لا يجوز التشريع في ظل حكومة تصريف أعمال، عن الجلسة التشريعية، وهي الأولى التي كان يفترض انعقادها بعد تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام. ولا يزال عذر «14 آذار» هو ذاته، انطلاقا من أن حكومة سلام لم تنل ثقة البرلمان بعد.

وأعلن الأمين العام للمجلس النيابي عدنان ضاهر، في بيان تلاه أمس، أن بري «أرجأ الجلسة التشريعية العامة إلى موعد سيحدد فيما بعد بسبب عدم اكتمال النصاب لدرس جدول الأعمال ذاته وإقراره»، علما بأن المجلس لم يتمكن من الانعقاد منذ منتصف العام الماضي، تاريخ تمديد ولايته 17 شهرا. وفي حين عدّ النائب في كتلة بري، علي بزي أن «هناك قضايا حياتية ملحة تطال جميع اللبنانيين على مختلف فئاتهم وطوائفهم، وحقهم علينا بوصفنا مشرعين أن نشرع لنرى الإجابات الشافية للأسئلة المقلقة»، أكد نائب حزب الله علي عمار أن البرلمان «سيد نفسه». وقال من مقر البرلمان بوسط بيروت: «هناك مبدأ دستوري هو مبدأ الفصل بين السلطات، وهو متلازم مع ضرورة تعاون السلطات بعضها مع بعض، لكن هذا لا ينفي قيام النواب بمسؤولياتهم الدستورية في ظل هذه الظروف التي نمر بها إن كان على مستوى مواجهة العدوانين الإسرائيلي والإرهاب التكفيري، أم من ناحية ضرورة قيام الجميع بمسؤولياته الوطنية والدستورية والإنسانية». وأشار إلى أن «كل من يقاطع المجلس النيابي يخل بمسؤولياته بمقتضى التفويض والوكالة التي أوكله إياها الشعب اللبناني برمته، فهو نائب عن الأمة جمعاء»، مشددا على أنه «ليس هناك من أي مبرر دستوري أو وطني أو سياسي أو أي شكل من الأشكال، لمقاطعة عمل المجلس النيابي».

في موازاة ذلك، تعقد اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري تاسع جلساتها بعد غد الجمعة، بعد عودة أحد أعضائها وهو زير الخارجية جبران باسيل، الذي غادر أمس إلى باريس في عداد الوفد الرسمي الذي يترأسه الرئيس اللبناني ميشال سليمان للمشاركة في مؤتمر دول المجموعة الدولية لدعم لبنان اليوم وغدا.

ولم تثمر الاتصالات بعد في تذليل عقدة البند المتعلق بمرجعية المقاومة أو علاقتها مع الدولة اللبنانية. وفي حال لم تتمكن اللجنة من تحقيق أي تقدم في جلستها المقبلة، فإنها ستبدأ سباقا مع الوقت، مع قرب انتهاء المهلة الدستورية لنيل حكومة سلام، ثقة البرلمان. وتشترط الفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور اللبناني أنه «على الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة 30 يوما من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها»، على أن «لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة». وكانت حكومة سلام أبصرت النور في 15 فبراير (شباط) الماضي، مما يعني عمليا أن ثلثي المهلة تكون انقضت مع التئام الجلسة المقبلة. وفي حال لم ينجح الفرقاء في إيجاد مخرج للبيان الوزاري، فإن الحكومة تتحول حكما بعد انقضاء المهلة إلى حكومة «تصريف أعمال».

وفي سياق متصل، يوضح النائب هادي حبيش، وهو عضو لجنة الإدارة والعدل النيابية، أنه «في حال انقضاء مهلة الشهر من دون أن تنجز الحكومة بيانها، فإنها لا تعتبر مستقيلة»، لافتا إلى أن «الحكومة اليوم (أي قبل البيان والثقة) هي حكومة تصريف الأعمال، وليس بالضرورة فقط أن تكون الحكومة المستقيلة حكومة تصريف الأعمال». ويوضح أنه «في حال لم تنل الثقة أو لم تمثل أمام مجلس النواب أو لم تعقد جلسة للثقة، تبقى كحكومة تصريف الأعمال. وفي حال حجب مجلس النواب الثقة عنها، فحينها تعتبر مستقيلة».

وبحسب حبيش، ووفق ما نقلته عنه وكالة «أخبار اليوم»، الخاصة في لبنان، يمكن للحكومة «بعد انقضاء مهلة الشهر، أن تعود للبحث في (البيان الوزاري)، لأن المادة في الدستور التي تحدد مهلة الشهر لتقديم (البيان الوزاري) ليست مهلة إسقاط، بل مهلة حثّ، وبالتالي إذا تقدمت بـ(بيانها) بعد مهلة شهر ونصف وقد منحها المجلس الثقة، فيمكنها أن تمارس كامل صلاحياتها».

وكان حزب الله جدد على لسان عدد من قيادييه ونوابه تمسكه ببند المقاومة. وقال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «المقاومة لم تعد مقترحا للنقاش أو فكرة للاختبار، بل هي ثابتة بثبات لبنان، ومن المسلَّم به أن يكون حق المقاومة في صلب البيان الوزاري، وأحد مقدماته الضرورية لإنجازه».

وشدد على أن «المقاومة واقع ومصير، وهي الداعم الأول لقيام الدولة وقوتها في جبه التحديات، ولن ينفع التشاطر والتأخير في التفريط بهذه الثابتة الاستراتيجية»، مذكرا بأن «لبنان يواجه تحديين كبيرين: الخطر الإسرائيلي، والخطر التكفيري، ويحتاج إلى الاستقرار السياسي لجبههما، فكانت الحكومة الجامعة أولى الخطوات، وهي مصلحة للجميع». وتابع: «لذا ندعو شركاءنا إلى استكمال هذه الخطوة وعدم العرقلة التي لن تنفع في القفز فوق ثابتة المقاومة، ولنكسب الوقت لمصلحة الاستحقاق الرئاسي ومعالجة مصالح الناس».

وفي الإطار ذاته، لفت نائب حزب الله حسن فضل الله إلى أنه «لكي تنال الحكومة ثقة المجلس النيابي وتصبح قادرة على ممارسة صلاحياتها، لا بد من إنجاز البيان الوزاري في المهلة الدستورية المحددة»، مشددا على أن «حق لبنان واللبنانيين في المقاومة ليس مادة للتفاوض على طاولة لجنة البيان الوزاري». وقال، في احتفال طلابي أمس: «البيان إما أن يكون على نسق البيانات الوزارية التي أنجزت منذ الطائف إلى اليوم، وإما أن الفريق الآخر الذي يرفض ويحاول التشاطر لا يريد بيانا وزاريا».

من ناحيته، أكد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أن «الخلاف على كلمة، لا يغير في المعنى والواقع، إنما الأحداث هي التي تغير الواقع، لكن هناك من يخاطر بتطيير الحكومة». وقال: «هناك محاذير كثيرة لسقوط الحكومة، وهذا قد يؤثر على انتخابات رئيس الجمهورية، مما قد يؤسس لخلاف على رئيس الجمهورية».

ودعا، بعد اجتماع تكتله الأسبوعي، الجميع إلى «التعقل وعدم تضييع الوقت بمنافسات عقيمة، ولا أحد يعطي المقاومة شرعية سوى الاحتلال وشرعة حقوق الإنسان»، مشيرا إلى أن «البيان الوزاري ليس حلا، والحكومة لم تتشكل لتجد حلولا ولا لتصف واقعا معينا، بل لتؤمن استكمال استمرارية المؤسسات الدستورية، ولديها مهمة واحدة هي الاستحقاق الرئاسي، وبعدها تسلم المفاتيح لغيرها».