أوروبا تتخذ إجراءات سياسية بحق روسيا.. وتعتزم توقيع شراكة مع كييف

مسلحون يمنعون مراقبي «منظمة الأمن والتعاون في أوروبا» من دخول القرم

مندوب يلتقط صورة لعلمي أوكرانيا والاتحاد الأوروبي في ختام القمة الأوروبية بشأن الأزمة الأوكرانية في بروكسل أمس (أ.ب)
TT

قرر القادة الأوروبيون أمس، تعليق المفاوضات حول تأشيرات الدخول مع روسيا وهددوا بفرض عقوبات إضافية على موسكو، لا سيما اقتصادية، إذا استمر الوضع في أوكرانيا في التدهور.

وفي ختام قمة أوروبية في بروكسل، أعلن رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي أن القادة الأوروبيين اتفقوا على استراتيجية تدريجية للعقوبات على ثلاث مراحل لإرغام روسيا على «التفاوض» على مخرج للأزمة في أوكرانيا.

وقال فان رومبوي في ختام اجتماع استمر أكثر من ست ساعات إن «حل الوضع في أوكرانيا يجب أن يبدأ بعملية وقف التصعيد. إذا لم تقم روسيا بذلك فستكون هناك عواقب خطيرة على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا».

بدوره، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إنه «من المهم جدا» أن تتحدث الدول الـ28 الأعضاء «بصوت واحد»، وذلك عقب الاجتماع الذي استقبل خلاله القادة الأوروبيون رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك. وأضاف هولاند أن موقف الاتحاد الأوروبي «يتيح إعطاء فرصة للحوار والتفاوض أي السلام».

وفي واشنطن، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس على وجود حل دبلوماسي للخروج من الأزمة في أوكرانيا. وقال في إيجاز سريع مرتب له في البيت الأبيض «أود أن أكون واضحا أنه يوجد مخرج من هذا، يحترم مصلحة روسيا الاتحادية إضافة إلى الشعب الأوكراني».

وأكد أوباما أن الولايات المتحدة تعمل عبر مشاورات مكثفة مع حلفائها الأوروبيين لإيجاد مسار للمضي قدما.

وأعلن الاتحاد الأوروبي، من جانب آخر، عزمه توقيع اتفاق الشراكة مع كييف قبل انتخابات 25 مايو (أيار) المقبل في أوكرانيا. وقال فان رومبوي «نحن نقف إلى جانب أوكرانيا ونجدد الالتزام الأوروبي بتوقيع اتفاق شراكة»، مشيرا إلى أن توقيع الشق السياسي من الاتفاق سيكون «في وقت قريب جدا، قبل الانتخابات». وأشارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى أن ذلك يشكل «إشارة سياسية».

وأوضح رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو أن الاتفاق المرتقب يتضمن «مبادئ عامة للتعاون، والتعاون السياسي، والتعاون في مجال السياسة الخارجية والأمن»، مضيفا أن «هذا سيثبت الشراكة السياسية بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا».

وذكر فان رومبوي بالالتزام الذي أعلنته المفوضية أول من أمس، والمتعلق بتقديم مساعدة مالية كبيرة بقيمة 15 مليار دولار على الأقل لأوكرانيا التي تقف على شفير الإفلاس.

وفي إشارة إلى أن «الأولوية الفورية» هي «الاستقرار في القطاعات الاقتصادية»، قال فان رومبوي إن الاتحاد الأوروبي «سيعمل فورا» لكي «يتبنى إجراءات» في المجال التجاري بهدف إفادة أوكرانيا من تسهيلات واردة في اتفاق التبادل الحر المرتبط باتفاق الشراكة. وهذا يعني بالدرجة الأولى خفض التعرفات الجمركية بما يسمح بوصول المنتجات الأوكرانية إلى أسواق الاتحاد الأوروبي. وذكر باروسو بأن ذلك يمكن أن يؤمن مئات ملايين اليورو لأوكرانيا.

لكن ميركل اعتبرت أن الأوروبيين «يتعين عليهم بحث هذا الأمر مجددا وربما ضمن مجموعة اتصال». وأضافت «نريد تفادي تأثيرات سلبية على الصادرات الأوكرانية إلى روسيا. ينبغي أن نكون حذرين حول هذه النقطة».

وصرح رئيس وزراء هولندا مارك روت «يجب بذل كل الجهود لخفض التصعيد وإذا لاحظنا في غضون 24 أو 48 أو 72 ساعة أن نزع فتيل الأزمة ليس خيارا مطروحا من الواضح أن العقوبات ستطرح من جديد».

وفي موازاة ذلك، لم يتوصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف إلى أي اتفاق رغم عقدهما ثلاثة اجتماعات في غضون يومين.

وكانت دول أوروبية تحدثت عن ضرورة التريث في شن عقوبات ضد روسيا. وقال رئيس الوزراء السويدي فردريك راينفلدت، لـ«الشرق الأوسط»، أثناء وصوله للقمة الأوروبية أمس إن «الروس يشعرون الآن أنهم يتعرضون لضغوط سياسية كبيرة للاعتراف بالحكومة الحالية في أوكرانيا والتحاور معها، ولذلك يجب ترك الباب مفتوحا للحلول الدبلوماسية وتجنب الحلول العسكرية».

وأضاف «موقف أوروبا كان واضحا في إدانة انتهاك روسيا للقوانين الدولية وقلنا إننا لن نقبل بذلك، ولكن في الوقت نفسه أعتقد أنه بناء على تجارب الماضي فإن العقوبات لم تكن في الغالب مفيدة، ومع ذلك نحن جاهزون لمناقشة أي عقوبات مستقبلية».

من جهته، أعلن رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك أمس أمام الحلف الأطلسي أن حكومته «لا تملك خيارا عسكريا»، داعيا روسيا إلى «القيام بالخطوة الأولى إلى الوراء». وقال ياتسينيوك على أثر لقاء مع الأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسموسن في مقر الحلف في بروكسل «نحن مصممون على تسوية هذه الأزمة سلميا». وأضاف «لا يوجد خيار عسكري، لكن لنكن واضحين: على روسيا أن تقوم بالخطوة الأولى إلى الوراء». وقال أيضا «هم الذين بدأوا، ويتعين عليهم أن يتوقفوا».

ميدانيا، منع المراقبون الـ40 الذين أرسلتهم «منظمة الأمن والتعاون الأوروبية» بطلب من السلطات الجديدة في كييف، من دخول شبه جزيرة القرم. وقالت متحدثة باسم المنظمة إن العسكريين غير المسلحين البالغ عددهم 40 شخصا ويمثلون 21 دولة من أعضاء المنظمة، أرغموا على العودة أدراجهم في اتجاه مدينة هيرسون حيث سيقررون كيفية متابعة مهمتهم. وقال مصدر دبلوماسي، إن «مجموعتين من المسلحين المتمرسين منعوا المراقبين من دخول القرم»، مشيرا إلى أنهم احتجزوا فوق جسر على الطريق المؤدي إلى تلك المنطقة الجنوبية في أوكرانيا والواقعة تحت سيطرة القوات الروسية بحكم الأمر الواقع منذ 28 فبراير (شباط) الماضي.

وكان متحدث باسم المنظمة الأوروبية أوضح أول من أمس أن «المراقبين العسكريين غير مسلحين. ولا يذهبون إلى أوكرانيا بصفتهم جنودا». وطلبت أوكرانيا إرسال هذه البعثة من الخامس إلى الثاني عشر من مارس (آذار) الحالي، وهو طلب قدم في إطار وثيقة فيينا التي جرى تبنيها في 1990. والوثيقة تحث الدول الأعضاء في المنظمة على دعوة دول أعضاء آخرين لمراقبة بعض النشاطات العسكرية، أو الموافقة على تفقد مواقعها العسكرية ثلاث مرات سنويا.

كما طردت الشرطة الأوكرانية صباح أمس، متظاهرين موالين لروسيا كانوا يحتلون مبنى الإدارة المحلية في دونيتسك، المدينة الناطقة بالروسية في شرق البلاد، وأوقفت 75 شخصا في أثناء الهجوم، وفق ما أفاد مصدر في الشرطة. وبعد العملية واصل حوالي مائة متظاهر سد المبنى الذي احتله منذ الاثنين معارضون للسلطات الجديدة المؤيدة لأوروبا في كييف مطالبين بالانضمام إلى روسيا.

ودونيتسك هي معقل الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور ياكونوفيتش وتوجد في الحوض المنجمي لدونباس على بعد بضع عشرات الكيلومترات من الحدود الروسية. وكانت السلطات استعادت السيطرة على المبنى أول من أمس وأخلته بداعي إنذار بوجود قنبلة، قبل تعرضها بعد ساعات لهجوم جديد من المتظاهرين تعذر عليها صده. وفي كل مرة يسيطرون فيها على المبنى الذي كان يؤوي مكتب الحاكم، يرفع المحتجون عليه العلم الروسي بدلا من العلم الأوكراني.