المعارضة السورية تفشل في تعيين وزير دفاع.. وتوجه لعقد «مؤتمر عسكري» بأنطاليا في تركيا

توصلت إلى اتفاق بتعيين إدريس مستشارا عسكريا للجربا وقبول استقالة مصطفى

TT

لم ينجح الحراك الذي قام به رئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أحمد الجربا، مع القادة العسكريين في التوصل إلى «تنظيم البيت العسكري» وتعيين وزير دفاع جديد في الحكومة المؤقتة، في ظل الخلافات التي تعصف بين ضباطها منذ فترة، ولا سيّما بين رئيسها السابق سليم إدريس ووزير الدفاع أسعد مصطفى.

وأدّت اجتماعات عقدها الجربا مع قادة المجالس العسكرية في اليومين الأخيرين في درعا، وفق ما أعلنه الائتلاف، إلى التوصّل لتسوية مؤقتة قضت بتعيين إدريس مستشارا لرئيس الائتلاف للشؤون العسكرية وإلى تقديم مصطفى استقالته، على أن يعمل على توسيع المجلس العسكري الأعلى ويعقد مؤتمر ثان للقوى العسكرية في أقرب وقت ممكن في أنطاليا، لانتخاب قيادة جديدة للهيئة، وفق ما كشفته مصادر قيادية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى «ضغوط تتعرّض لها المعارضة من قبل وزارات خارجية غربية داعمة للثورة للدفع باتجاه هذا المؤتمر».

ووصف مصدر في الائتلاف المعارض الأجواء التي رافقت اجتماعات درعا بـ«غير المريحة»، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «فشل كل المباحثات التي أجريت في إعادة ترتيب البيت العسكري».

وكشف المصدر ذاته أنّ «السبب الأساسي الذي أعاد الأمور إلى نقطة الصفر هو تعيين إدريس في موقع المسؤول عن الملف العسكري في الائتلاف، الأمر الذي لاقى رفض مصطفى وأصرّ على عدم التراجع عن استقالته، فيما كانت بعض التسريبات أشارت إلى إمكانية إقدام الائتلاف على تعيين مصطفى بدلا عن رئيس الحكومة المؤقتة الحالي أحمد طعمة». وأشار المصدر إلى «انقسامات ظهرت في صفوف الضباط والقادة العسكريين في هيئة الأركان إثر عزل إدريس، ورفض قسم منهم القبول بالعميد الركن عبد الإله بشير رئيسا لهيئة الأركان».

وأدت الخلافات بين مصطفى وإدريس، منذ أسابيع عدّة، إلى استقالة الأوّل ومن ثمّ عزل الثاني من منصبه، بعد أيام قليلة، وتعيين بدلا عنه رئيس المجلس العسكري في القنيطرة العميد الركن عبد الإله البشير والعقيد هيثم عفيسة نائبا له، ليعلن بعدها تراجع مصطفى عن استقالته بعد أنباء أشارت إلى رفضه العدول عن قرار الاستقالة ما لم يعزل إدريس من منصبه. وفي هذا الإطار، لفت المصدر ذاته إلى «انقسامات ظهرت في صفوف الضباط والقيادات العسكرية إثر عزل إدريس، رافضين القبول بعبد الإله بشير رئيسا لهيئة الأركان».

وفي حين كانت معلومات أفادت بأنّ المآخذ على إدريس التي أدّت إلى عزله: «تتمثل في أخطاء وإهمال في المعارك وابتعاد عن هموم الثوار إضافة إلى سوء توزيع السلاح الذي كان يصل إلى الأركان، على المجموعات المقاتلة على الأرض»، أثنى الجربا على دوره في بيان له في وقت سابق، مشيرا «إلى الدور الفعال والإيجابي الذي قام به في ظروف صعبة تعيشها الثورة السورية، وأن مكانته وكرامته محفوظة وجهده يضاف إلى جهود كثير من الضباط الذين لعبوا دورا إيجابيا ومهما في هيئة الأركان».

وكانت هيئة الأركان العامة للجيش الحر، قد أنشئت بموجب اجتماع في مدينة أنطاليا التركية شارك فيه أكثر من 500 ممثل عن الفصائل العسكرية، وانتخب إدريس قائدا لها في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2012.

وترأس إدريس حينها المجلس العسكري الذي كان يضم 30 عضوا نصفهم من العسكريين، أي الضباط السوريين المنشقين عن الجيش النظامي، والنصف الآخر من المدنيين، الذين يقاتلون في الداخل.

لكن، بدا واضحا في الفترة الأخيرة تراجع دور إدريس الذي سبق له أن زار عددا من العواصم الأوروبية، بعد امتناع الائتلاف المعارض عن ضمه إلى الوفد المشارك في مؤتمر «جنيف2» واقتصار التمثيل العسكري للمعارضة على قائد «جبهة ثوار سوريا»، إضافة إلى ممثل عن «جيش المجاهدين» وضابطين منشقين.

وأعلن «الائتلاف» أمس أنّ المجتمعين مع الجربا توصلوا إلى «اتفاق يقضي باستقالة مصطفى وإدريس من منصبيهما»، وقال في بيان له: «أنهى رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، اجتماعات دامت يومين مع القادة الخمسة في هيئة الأركان العامة والقائد الثوري في الجبهة الجنوبية ورئيس المجلس العسكري في درعا وتم الاتفاق فيها، على، أن يقدم وزير الدفاع أسعد مصطفى استقالته ويقبلها الجربا ويعد نوابه بحكم المستقيلين، وأن يقدم اللواء سليم إدريس استقالته من رئاسة هيئة الأركان العامة ويعين مستشارا لرئيس الائتلاف للشؤون العسكرية».

وأشار الاتفاق الذي وقع عليه رئيس الائتلاف الوطني وقائد الجبهة الجنوبية العميد زياد الفهد وقائد الجبهة الشمالية العقيد عبد الباسط الطويل وقائد الجبهة الغربية والوسطى العقيد مصطفى هاشم وقائد جبهة حمص العقيد فاتح حسون وقائد الجبهة الشرقية المقدم محمد العبود ورئيس المجلس العسكري في درعا العقيد أحمد النعمة والقائد الثوري للجبهة الجنوبية بشار الزعبي.

وكان مصدر سياسي واسع الاطلاع في الائتلاف قال لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إنّ «المحاور الأساسية التي طرحها المجتمعون ارتكزت حول وحدة القرار العسكري للجيش السوري الحر والبحث في تعيين وزير جديد للدفاع باعتبار المنصب أصبح شاغرا بعد استقالة الوزير أسعد مصطفى وإعطاء دفع سياسي أكبر من الائتلاف باعتباره المرجعية والمظلة التي تشرف سياسيا على الحراك العسكري للمعارضة السورية».

وأضاف المصدر أن «الاجتماع يضطلع بدور مركزي في القرار، إلى جانب القيادات العسكرية والتعاون معها «لما فيه مصلحة تقوية هيكلية الجيش الحر وتأمين السلاح والمال والعتاد الحربي لعناصره كافة».