حرب المالكي والنجيفي.. عين على الرئاستين

لن تحسمها سوى صناديق الاقتراع نهاية الشهر المقبل

TT

مضى كل من رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي إلى آخر الشوط في إطار سعيهما إلى حجز مقعد كل منهما ليس في البرلمان المقبل، لأن هذا من وجهة نظرهما محسوم سلفا، بل في الرئاستين.. رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية. هذه الحرب التي تبدو مفتوحة الآن بين الرجلين لن تحسمها سوى صناديق الاقتراع في الـ30 من أبريل (نيسان) المقبل وليس لقاء طاولة مستديرة برعاية عمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، ولا ميثاق شرف برعاية القائم بأعمال رئاسة الجمهورية خضير الخزاعي.

الطريق إلى الانتخابات ليس مفروشا بالورود بالنسبة للجميع، ولم يعد بوسع أحد التقريب في وجهات النظر لأن حسابات بيدر الانتخابات لا تتطابق في العادة مع حسابات الحقل. واختار المالكي شكل وطبيعة المعركة المفتوحة للشهرين المقبلين مع النجيفي من بوابة الموازنة. لكن هذه الموازنة ليست سوى القشة التي قصمت ظهر العلاقة بينهما. النجيفي، بدوره، وفي إطار رده على تهم المالكي التي كالها له والتي بلغت حد اتهامه بقيادة مؤامرة ضد الدولة ردها بأحسن منها عندما اتهم رئيس الوزراء بـ«الجهل» بالدستور والقوانين. والمفارقة التي لفتت أنظار المراقبين والسياسيين في العراق أن كلا من المالكي والنجيفي، اللذين اتهما أحدهما الآخر بالانقلاب على الدستور والقانون والشرعية وتعطيل عمل الدولة أو الجهل بها، تقدم بطعن ضد الآخر أمام المحكمة الاتحادية. وبموجب الرأي القانوني الذي أبداه الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط» فإن «المالكي والنجيفي في حال تقدما بشكوى أو طعن أمام المحكمة الاتحادية لن يكون بوسع المحكمة الاتحادية البت بهما في وقت قصير»، مشيرا إلى أنهما «يعرفان ذلك جيدا ويمكن أن تجرى الانتخابات في البلاد ولم يصل رد المحكمة الاتحادية لصالح أي منهما وهو ما يعني أن المعركة في أصلها وفصلها مجرد دعاية انتخابية مقصودة».

وفي هذا السياق، يقول النائب المستقل عزة الشابندر لـ«الشرق الأوسط» إن «كلا من المالكي والنجيفي جعل المسألة شخصية وذلك بأن رمى كل واحد منهما قصة تأخير الموازنة على رأس الآخر وبالتالي فإنها محاولة لتسقيط الآخر». ويضيف الشابندر قائلا إن «التنافس الانتخابي عندنا هو للأسف يجري بثقافة غريبة وهي تسقيط الآخر، وهو ما يعني أنه ليس هناك حل في الأفق لهذا العراك الأمن خلال صناديق الاقتراع»، مشيرا إلى أن «المالكي يرى أن الدستور يعطيه الحق في اتخاذ إجراءات ذات طبيعة تنفيذية دون الالتفاف إلى البرلمان، والنجيفي يرى أن كل ما يعمله المالكي هو فاقد للشرعية».

وبالنسبة لجمهور المالكي والنجيفي فإن الرسالة وصلت من كلا الطرفين ومفادها أن الطرف الآخر هو من يتحمل مسؤولية الأزمة، وهو ما يعني نوعا من إبراء الذمة أمام الجمهور بأن صفحته بيضاء وإنه سيذهب إلى الانتخابات بقلب سليم لأن الخطايا والأخطاء والمؤامرات والخراب يتحملها الطرف الآخر. فالمالكي وائتلافه (دولة القانون) يسعون إلى الولاية الثالثة بكل ما أوتوا من قوة بينما لا يخفي مؤيدو النجيفي نيتهم ترشيحه إلى منصب رئاسة الجمهورية لا سيما أن الأكراد وكما تقول كل المؤشرات لم تعد لديهم رغبة بهذا المنصب لأسباب كثيرة من أبرزها أنهم ليس لديهم الآن من يمكن أن يملأ الفراغ الذي تركه الرئيس جلال طالباني في بغداد. كما أن الخلافات بين المركز والإقليم باتت تتعدى هموم المناصب السيادية لتدخل في صلب عملية البناء السياسي خصوصا وأن إقليم كردستان خطا خطوات كبيرة جدا على صعيد بناء بناه التحتية مع حالة من الاستقرار انعكست على كل مستويات الحياة هناك، بخلاف ما يجري في الجزء العربي من العراق. وبالتالي فإنه إذا كانت عين الأكراد قد تكون مصوبة الآن باتجاه رئاسة البرلمان الاتحادي فإن عين كل من المالكي والنجيفي على رئاسة الوزراء للأول والجمهورية للثاني. وكل من هاتين الرئاستين تتطلب حربا من نوع خاص لنيلهما تبدأ بعملية شد وجذب قد تنتهي بقطيعة نهائية بما يرسم مسبقا خارطة تحالفات كل طرف من الآن لكيفية وصوله إلى هدفه، أو قد تنتهي إلى تحالف بين الخصمين اللدودين من أجل أن يضمن كل منهما حصة الأسد من كعكة السلطة.