دمشق تعلن تقدمها في رأس العين بالقلمون.. والمعارضة تستجمع قواها في رنكوس

مقتل أكثر من 30 في اشتباكات بين «داعش» وكتائب مسلحة

سوري يبعد طفلة عن مبنى بعد انهياره إثر استهدافه ببرميل متفجر في حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

أكد ناشطون سوريون، أمس، أن القوات النظامية السورية، مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني، هاجمت مناطق محيطة بمدينة يبرود بريف دمشق الشمالي، في محاولة لاستعادة السيطرة على وسط منطقة القلمون الحدودية مع لبنان، بعد سيطرتها على المدينة الاستراتيجية الأحد الماضي. وفي حين اندلعت اشتباكات في محيط بلدتي رأس العين ورأس المعرة المحاذيتين ليبرود، تجددت الاشتباكات في جنوب القلمون، وتحديدا في وادي بردى الاستراتيجي، كما تجدد القصف على سهل الزبداني، ما يؤشر إلى سقوط الهدنة بين النظام والمعارضة فيها.

وأفاد ناشطون سوريون، أمس، بوقوع اشتباكات في بلدات القلمون الواقعة غرب مدينة يبرود، والمحاذية لحدود لبنان الشرقية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتواصل الاشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، و«جبهة النصرة» من جهة، والقوات النظامية مدعومة بقوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني في بلدة رأس المعرة، مشيرا إلى تقدم القوات النظامية داخل البلدة، وسيطرة قواتهما على أجزاء منها. وأفاد مصدر أمني سوري لوكالة الصحافة الفرنسية بتقدم القوات النظامية السورية باتجاه بلدة رأس العين في منطقة القلمون شمال دمشق، بعد يومين من استعادتها مدينة يبرود الاستراتيجية في المنطقة، مشيرا إلى أن الجيش يتابع عملياته في متابعة «فلول الإرهابيين» باتجاه رأس العين، لافتا إلى أنه أحكم سيطرته على التلال الشرقية للبلدة الواقعة غرب يبرود. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، بتقدم وحدات من الجيش النظامي في بلدة رأس العين جنوب غربي يبرود. وذكرت قناة «المنار» اللبنانية التابعة لحزب الله، أن القوات النظامية «سيطرت عصر أمس على القسم الشرقي من رأس العين قرب يبرود ويتقدم باتجاه القسم الغربي منها». وقالت القناة، إن القوات النظامية «استهدفت عددا من الآليات التابعة للمجموعات المسلحة أثناء تحركها بين فليطا ويبرود».

ويعتمد النظام السوري استراتيجية قضم البلدات والمدن في شمال القلمون ووسطه، وسط ترجيحات بأن تكون نهاية المعركة في رنكوس، بعد محاولته احتواء المناطق في جنوب القلمون، وأهمها الزبداني، عبر التوصل إلى اتفاق مع المعارضة فيها. وقال معارضون، إن هذا الاتفاق «يعني هدنة، تشبه إلى حد كبير الهدنة التي توصل إليها النظام مع المعارضين في المعضمية بجنوب دمشق، وبرزة في شرقها».

وقالت مصادر معارضة في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان في منتصف فبراير (شباط) الماضي: «يقضي بتسليم الأسلحة الثقيلة بحوزة المعارضة في المدينة، مقابل عودة القوات النظامية إلى مواقعها السابقة في محيط الزبداني»، مشيرة إلى أن الاتفاق «يقضي أيضا باحتفاظ المعارضين في داخلها بأسلحة فردية، ومنع المظاهر المسلحة». وتضمن الاتفاق المؤقت وقف قوات النظام قصف المدينة، باستثناء الجبال المحيطة بها، على ألا يهاجم الجيش الحر مقرات قوات النظام، ريثما ترسم خطة لهدنة طويلة الأمد. وشمل الاتفاق منطقة سهل الزبداني، الذي قالت مصادر المعارضة أمس، إنه تعرض لقصف من قبل القوات النظامية، بموازاة تجدد الاشتباكات في أقصى جنوب الزبداني في وادي بردى، المتاخمة للمدينة. واستغرب مدير المكتب الإعلامي في القلمون عامر القلموني تزامن الاتفاق في الزبداني مع اندلاع الاشتباكات في القلمون، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الاتفاق «شبيه باتفاق سابق وقع في المدينة بالتزامن مع الهجوم على القصير الصيف الماضي».

لكن هذا الاتفاق لم يصمد. وقال عضو المجلس الثوري بريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، إن القصف على الزبداني، أمس، «يعني خرقا واضحا لاتفاقية الهدنة»، مشيرا إلى اندلاع الاشتباكات في وادي بردى «أثناء محاولة القوات النظامية استعادة السيطرة على حاجز كان المعارضون سيطروا عليه». كما وقعت اشتباكات في وادي وفرة بجرود الزبداني المتاخمة للحدود اللبنانية.

بموازاة ذلك، تتواصل الاشتباكات في وسط القلمون. وقالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إن المعارضة «تستجمع قواها في بلدة رنكوس، وسط المنطقة، وهي أبرز البلدات التي تسيطر عليها المعارضة، بهدف تنفيذ هجوم مضاد لاستعادة السيطرة على يبرود». وتوجد في رنكوس أبرز الكتائب المقاتلة بريف دمشق، بينها «جبهة النصرة» ومقاتلين تابعين للجبهة الإسلامية، فضلا عن لواء «حمزة بن عبد المطلب» التابع لألوية «أحرار الشام»، إضافة إلى «كتائب أسود السنة». وفي هذا السياق، قال القلموني لـ«الشرق الأوسط»، إن المعركة في القلمون «متواصلة»، مؤكدا أن النظام، بسيطرته على يبرود «لم يقضِ على قوة مقاتلة، بل سيطر على الشوارع والأزقة»، في حين «تواصل القتال على أطراف مدينة يبرود، وتحديدا تلك التي تربطها بفليطا ورأس المعرة». وقال إن المقاتلين المعارضين «نزحوا من موقع إلى آخر في القلمون، ولم تكن خسائرهم كبيرة، بحيث لم يتجاوز عدد قتلى المعارضة في يبرود الـ150 قتيلا». في غضون ذلك، اشتد القتال في العاصمة وريفها. وبينما سقط أربعة قتلى جراء استهداف منطقة جرمانا بريف دمشق بالهاون، أفادت «شبكة شام» بسيطرة المعارضة على قسم الشرطة في حي جوبر بدمشق بعد اشتباكات عنيفة دارت فيه.

من جهته، أفاد المرصد السوري بسقوط قذيفتي هاون على مناطق في سوق ببلدة يلدا بالريف الجنوبي، في حين «وقعت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية على أطراف بلدة بيت سحم في محور طريق المطار، وسط قصف من القوات النظامية على منطقة الاشتباك». بموازاة ذلك، أعلنت مجموعة من الكتائب الإسلامية المعارضة أمس، مقتل أكثر من 30 عنصرا من «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، في قرية صرين بريف حلب الشرقي، وذلك بعد مواجهات متقطعة بين الطرفين على أطراف القرية وداخلها، استمرت لعدة أيام. ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن شهود عيان من منطقة ريف منبج، إفادتهم بمقتل 15 عنصرا تابعين للدولة الإسلامية على الأقل، بعد اشتباكات عنيفة مع كتائب المعارضة.