لاجئة سورية تحرق نفسها في لبنان احتجاجا على تردي أوضاعها

عائلات تشكو من قلة المساعدات.. و«مفوضية الشؤون» تؤكد حرصها على التقيد بالمعايير

TT

لم تجد النازحة السورية مريم خولة، (43 سنة)، وسيلة للاحتجاج على وضعها المعيشي المتردي إلا بإحراق نفسها بمادة البنزين أمام مقر مفوضية شؤون اللاجئين للأمم المتحدة في معرض رشيد كرامي الدولي بطرابلس. فهي الهاربة من نار الحرب في بلدها، اختارت أن تنهي حياتها بنفسها بسبب عجزها عن تأمين سقف يؤويها مع أطفالها الأربعة وزوجها المريض، بعدما أجبرت على ترك المنزل الذي كانت تقطن فيه لعدم دفعها بدل إيجار الشهرين الماضيين، وفق ما أكد أحد أقربائها لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن وضعها الصحي لا يزال حرجا وهي تعالج في مستشفى السلام بطرابلس.

وتقول دانا سليمان، الناطقة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان، إن «مريم مسجلة لدى المنظمة منذ عام 2011، وقد قام فريق عمل المنظمة بإسعافها ونقلها إلى المستشفى، وتبين أن حروق جسمها وصلت إلى 60 في المائة»، مشيرة إلى عدم معرفة الأسباب الكامنة وراء إقدامها على هذا الفعل.

مريم هي واحدة من أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري، لجأوا إلى لبنان بحثا عن الأمن والأمان ورغيف الخبز الذي بات الحصول عليه أمرا صعبا، رغم المساعدات التي تقدمها بعض الجمعيات والمنظمات العالمية، ولا سيما مفوضية شؤون اللاجئين ومنظمة اليونيسيف. وهذه الأوضاع المأساوية نفسها، كانت قد دفعت لاجئين سوريين اثنين إلى لبنان للانتحار أيضا، هربا من الواقع الذي يعيشانه، إذ في الأسبوع الأول من شهر مارس (آذار) الحالي، أقدم السوري محمد غياث عبد الغني عربي كاتبي (62 سنة) على الانتحار بإطلاق رصاصة على رأسه، بعدما عجز عن تأمين لقمة العيش لبناته الأربع، وتأمين الدواء لمرض السرطان الذي يعانيه، وكان قد سبقه، محمد معروف المسلي (35 سنة)، أب لأربعة أطفال، إلى الانتحار شنقا في شهر يناير (كانون الثاني) 2013 في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بصيدا جنوب لبنان.

وفي حين يقول أبو يامن، وهو أب لثلاثة أطفال، والهارب من حمص إلى منطقة القبة بطرابلس، شمال لبنان، إن توزيع المساعدات الغذائية ليس عادلا، إذ تحصل بعض العائلات غير المحتاجة على كميات أكبر من تلك التي يحصل عليها من هم بحاجة إليها - تؤكد دانا سليمان، الناطقة باسم مفوضية الشؤون في لبنان، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنه لا مصلحة للمنظمة بإعطاء أولوية لأشخاص أو عائلات دون أخرى، فتوزيع المساعدات الغذائية يكون وفق لوائح أعدت تظهر الأوضاع الاجتماعية للعائلات، وإذا لم تصل إلى البعض فيكون السبب هو عدم توافر المبالغ الكافية لذلك، مشددة في الوقت نفسه، على أن هناك جهودا كبيرة تبذل لإيصالها إلى أكبر عدد ممكن.

وتوضح سليمان أنه ووفقا للإحصاءات التي أجريت تبين أن 70 في المائة من المسجلين الذين قارب عددهم المليون، هم بحاجة إلى المساعدات الغذائية، بينما يحصل جميع الأطفال دون استثناء على تقديمات التعليم، والنساء الحوامل وكل من يعاني حالات صحية طارئة على تقديمات طبية شاملة، بينما تقدم مساعدات الإيواء إلى الأكثر استضعافا، وذلك وفق معايير معينة. وأشارت سليمان إلى أنه وبعدما كان يحصل اللاجئون على المساعدات العينية، أصبحوا اليوم يحصلون على المال نقدا، بمعدل 30 دولارا للشخص الواحد شهريا.

ويشكو أبو يامن الذي بترت يده خلال معركة بابا عمرو في شهر فبراير (شباط) 2012، ويعمل الآن في مساعدة اللاجئين، من عدم حصول السوريين على المساعدات الكافية، ويحمل الحكومة اللبنانية ما آلت إليه أوضاع السوريين في لبنان، نتيجة عدم تبنيها قضيتهم وتنظيمها، وفق ما يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «نعيش عائلتين في منزل واحد مؤلف من ثلاث غرف، ندفع شهريا بدل إيجار 350 دولارا، علما بأنه يتوجب علي لغاية الآن ما قيمته 2800 دولار أميركي من الديون، وقد هددني صاحب المنزل بطردي إذا لم أؤمن له المبلغ نهاية الشهر الحالي».

ويلفت أبو يامن إلى أنه كما عدد كبير من العائلات السورية الموجودة في لبنان قدم طلبات لجوء لدى مفوضية الشؤون للهجرة إلى بلدان أخرى، قائلا: «فقدنا الأمل بمستقبلنا، ولم يعد أمامنا إلا البحث قدر الإمكان عما يؤمن مستقبل أطفالنا». ويضيف: «أنا مهندس ميكانيكي، وكنت أعمل معاونا لرئيس دائرة حكومية قبل أن أنشق في الشهر الثاني للثورة، أي في شهر أبريل (نيسان) 2011. ابني وابنتي يتابعان دراستهما في إحدى مدارس طرابلس الخاصة بعدما تكفل أحد الأشخاص بدفع الأقساط لهما لأنهما متوفقان، وهو الأمر الذي يجعلني مسؤولا بشكل أكبر لجعلهم يكملون دراستهم مهما كلفني هذا الأمر».