انطلاق المهلة الدستورية للسباق الرئاسي اللبناني

سليمان: مواصفات الرئيس لا تحددها الجهات الخارجية

TT

دخل لبنان أمس رسميا المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلفا للرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته في 25 مايو (أيار) المقبل، وسط دعوات من البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى «إجراء الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، لكي تجري العملية الانتخابية في المتسع اللازم من الوقت لإنضاج رئيس قادر على تحمل مسؤولياته الوطنية بالشكل الفعلي».

وكان لافتا تأكيد الرئيس اللبناني ميشال سليمان، أمس، أن «مواصفات الرئيس العتيد لا تحددها الجهات الخارجية أيا تكن هذه الجهات»، مشيرا إلى أنه «لدينا حاجتنا من الشخصيات التي تتمتع بالكفاءة اللازمة والالتزام الوطني الكافي لتولي قيادة لبنان السيد والمستقل». غير أن رئيس البرلمان نبيه بري، في المقابل، لم ينف أن يكون للخارج تأثيره على الاستحقاق الرئاسي، «لكن ذلك لا يعني أنه هو من يقرر اسم رئيس الجمهورية نهائيا، بل المعطيات الداخلية»، مشددا في حديث لقناة «إن بي إن» التلفزيونية، على أنه سيعمل جاهدا لتأمين عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.

ويضاف الشرط الذي وضعه سليمان، إلى مجموعة مواصفات أخرى كان أكدها البطريرك الراعي، وهو الزعيم الروحي للطائفة المسيحية المارونية التي ينتمي إليها رئيس الجمهورية. وقال الراعي خلال ترؤسه قداسا احتفاليا لمناسبة عيد البشارة والسنة الثالثة على توليه السدة البطريركية: «اليوم (أمس) تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والشعب اللبناني - المسلم والمسيحي - بتنوع مذاهبه، يرجو أن يكون الرئيس الجديد رئيسا قادرا على تحمل مسؤولياته الوطنية بالشكل الفعلي، انطلاقا من الثوابت الوطنية والهواجس الراهنة والأسس لبناء المستقبل الوطني، وصولا إلى العمل الدؤوب على تحقيق الأولويات كما طرحتها مذكرة بكركي».

وكانت وثيقة بكركي نصت على مبدأ حياد لبنان الإيجابي، كما أكدت صون الدستور والتقيد به والالتزام الجدي ببناء الدولة العادلة والقادرة والمنتجة، وحصرية القوة العسكرية في يد الشرعية، والالتزام بتفعيل عمل المؤسسات الدستورية، إلى جانب التشديد على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كرئيس للدولة وحام للدستور، من ضمن المهلة المحددة دستوريا وخارج أي جدل دستوري.

وتبدأ المهلة الدستورية من غير الاتفاق على اسم مرشح واحد لدى قوى «8 آذار» أو قوى «14 آذار»، للرئاسة، مما يجعل التصورات بانعقاد الجلسة في القريب العاجل، غير واقعية. وتسهيلا لتأمين النصاب القانوني للجلسة النيابية لانتخاب الرئيس، وهي ثلثي أعضاء البرلمان، يجتمع اليوم أعضاء الوفد الذي شكله رئيس البرلمان نبيه بري من كتلته النيابية «التنمية والتحرير»، للشروع في اتصالات بمختلف الأطراف على الساحة اللبنانية، لتأمين انعقاد الجلسة.

وقال أحد أعضاء الوفد، النائب علي عسيران، لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نجتمع اليوم لتحديد خريطة عمل لبدء الجولات على الفعاليات السياسية لتأمين نصاب الجلسة»، مشيرا إلى أن التواصل «يهدف إلى تأمين النصاب القانوني لجلسة انتخاب الرئيس التي سيدعو إليها رئيس البرلمان». ورجح عسيران أن تبدأ الزيارات على الكتل السياسية اللبنانية الأسبوع المقبل، علما بأن الوفد يتألف من النائبين ميشال موسى وياسين جابر، إلى جانب عسيران.

ويلزم القانون اللبناني البرلمان بانتخاب رئيس جديد للبلاد خلال مهلة شهرين، قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي، حيث يجتمع ثلثا أعضاء مجلس النواب، بدعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس. ويتحول المجلس في الأيام العشرة الأخيرة إلى هيئة ناخبة، ويصبح مدعوا تلقائيا من دون دعوة من رئيسه.

ويشترط القانون اللبناني، في المادة 49 من الدستور، اجتماع ثلثي أعضاء المجلس على الأقل لانعقاد الدورة الأولى من انتخاب الرئيس. وإذا حاز أحد المرشحين على ثلثي الأصوات، يعلن فوزه. وإذا لم يحصل أحد المرشحين على ثلثي الأصوات، تعقد الدورة الثانية بحضور الأكثرية المطلقة في البرلمان، أي بنصف عدد النواب زائدا واحدا.

وتعد قوى «14 آذار» معركة انتخاب رئيس جديد للبلاد هي معركتهم، ومنهم حزب «القوات اللبنانية»، أبرز أطراف قوى «14 آذار» المسيحيين. وقال رئيسه سمير جعجع إن «قوى (14 آذار) تعد انتخابات الرئاسة محطة مهمة بالنسبة لها، وسوف نخوضها بكل جدية انطلاقا من أهدافنا السياسية المشروعة»، مشيرا إلى أن «الرئاسة ليست للتأسيس لزعامة سياسية؛ بل لاختيار رئيس قوي يملك تصورا واضحا للبنان انطلاقا من أهداف (14 آذار) السياسية المشروعة». وشدد على «حاجة اللبنانيين إلى رئيس لا يدور الزوايا، بل يتخذ مواقف واضحة وجريئة، باعتبار أنه في مواضيع الحدود والسيادة ومحاربة عصابات الخطف وجمع السلاح من خارج الدولة لا يمكنه تدوير الزوايا».

في غضون ذلك، رأى عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أن «لبنان لم يكن يوما جزيرة منعزلة، ومن ثم فإن التأثيرات الخارجية على انتخاب رئيس للبلاد، موجودة»، موضحا في حديث لإذاعة «صوت لبنان» أن «هناك أربعة مرشحين لقوى (14 آذار)، وهم: الدكتور سمير جعجع، والرئيس الأسبق أمين الجميل، والنائبان بطرس حرب وروبير غانم»، مشددا على «ضرورة أن تخرج التسوية من قلب مسيحيي (14 آذار) بالتوافق على مرشح واحد».