قاض مصري يحدد 28 أبريل المقبل للحكم على 1211 متهما في أحداث عنف وسط انتقادات دولية

سيعلن فيها قراره بشأن إعدام 528.. و683 بينهم مرشد الإخوان يخشون نفس المصير

مدرعة مصرية أمام محكمة جنايات المنيا التي نظرت في أمر إحالة 683 متهما من الإخوان بينهم مرشد الجماعة محمد بديع وقرر القاضي أمس تأجيلها للحكم إلى 28 أبريل المقبل (أ.ف.ب)
TT

حددت محكمة جنايات المنيا في جنوب مصر، برئاسة القاضي سعيد يوسف، جلستين يوم 28 أبريل (نيسان) المقبل للحكم على 1211 متهما في أحداث عنف. وينقسم هذا العدد الكبير إلى مجموعتين الأولى تضم 528 صدر حكم من القاضي بإعدامهم في جلسة عقدت يوم أول من أمس، مما أثار ردود فعل دولية غاضبة، وسيعلن القاضي في جلسة الشهر المقبل قراره صراحة بشأن إعدامهم بعد إرساله أوراقهم إلى مفتى البلاد. أما المجموعة الثانية فتضم 683 متهما بينهم مرشد جماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع، وقرر القاضي أمس بعد نظر قضية هذه المجموعة تأجيلها للحكم فيها في جلسة أخرى في اليوم نفسه، أي يوم 28 الشهر المقبل، في وقت عبر فيه محامون عن متهمي المجموعة الثانية، عن خشيتهم من أن يلقوا مصري المجموعة الأولى.

ويواجه المتهمون في القضيتين تهما تتعلق بتكدير الأمن العام والهجوم على مقار تابعة للشرطة بمحافظة المنيا وترويع المواطنين وقتل أحد الضباط، وغيرها، وذلك خلال أعمال عنف اندلعت عقب فض اعتصام لجماعة الإخوان في أغسطس (آب) الماضي.

وكانت محكمة جنايات المنيا، برئاسة القاضي نفسه قررت يوم أول من أمس إحالة أوراق 528 متهما لمفتي البلاد لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامهم، وقالت مصادر قضائية إن رأي المفتي غير ملزم للمحكمة، مشيرة إلى أن المتهمين يمكنهم الطعن على الحكم أمام محكمة أعلى، كما أن المحكومين الهاربين يمكنهم تسليم أنفسهم، و«هنا يسقط عنهم الحكم، وفي هذه الحالة تجري محاكمتهم من البداية».

وبينما قالت الأمم المتحدة أمس، بشأن حكم الإعدام المشار إليه، إنه «يتنافى مع القانون الدولي»، قرر القاضي نفسه، سعيد يوسف، بعد أن استمع لأقوال شهود الإثبات في أول جلسة عقدت يوم أمس بشأن المجموعة الثانية من المتهمين البالغ عددهم 683، تأجيلها لجلسة يوم 28 الشهر المقبل أيضا، للنطق بالحكم، وهو نفس اليوم الذي حددته الدائرة ذاتها للنطق بالحكم في قضية الإعدام السابقة.

وشهدت أولى جلسات المحاكمة أمس مقاطعة دفاع المتهمين لوقائع المحاكمة، احتجاجا على قرارها السابق بإعدام الـ528. كما شهدت غياب معظم المتهمين، من بينهم المتهم الأول «بديع»، والمحتجز في سجن «طرة» بالقاهرة، حيث لم يحضر سوى 73 متهما فقط من أصل الـ683. وتحدث المحامي محمد طوسون، عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، لـ«الشرق الأوسط» عن وجود «مخالفات جسيمة» في القضيتين، مشيرا إلى أنه لا يجوز السير في إجراءات الدعوى في غيبة المحامين عن المتهمين، وكان لزاما إخطار نقابة المحامين لانتداب محامين للدفاع عن المتهمين.

وأضاف طوسون قائلا إنه في حالة غياب ولو متهم واحد في القضية فإنه يتوجب تأجيل نظر الدعوة لحين حضور هذا المتهم. وأضاف أن جلسة أمس لم يحضر فيها عدد كبير من المتهمين، وعلى رأسهم المتهم الأول مرشد الإخوان». وأضاف أن قرار الإعدام بحق المتهمين «باطل ومنعدم». وشدد طوسون على أن «هيئة الدفاع ستتخذ خلال الفترة القادمة عدة إجراءات قانونية منها مخاصمة للقاضي، وعمل شكاوى لهيئة التفتيش القضائي، وأخرى دولية».

وكان المستشار عبد الرحيم عبد المالك، المحامي العام لنيابات شمال المنيا قد أحال 683 متهما من مركز العدوة في محافظة المنيا، بينهم «بديع» وقيادات وعناصر إخوانية أخرى لاتهامهم باقتحام منشآت عامة، ومركز شرطة العدوة عقب فض اعتصامي رابعة العدوية، والنهضة. ويواجه المتهمون تهما بالقتل العمد والتجمهر وتعريض السلم العام للخطر، كما يواجهون تهما بالتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم بالقوة والعنف، حال حمل بعضهم لأسلحه نارية وأدوات استخدموها في الاعتداء على الأشخاص، وفقا للنيابة المصرية.

وتحسبا لاندلاع أعمال عنف أو احتجاجات اعتراضا على حكم الإعدام السابق، عقدت المحاكمة أمس في ظل إجراءات أمنية مشددة، بمحافظة المنيا لتأمين مجمع المحاكم بالمحافظة، حيث دفع الأمن بقوات خاصة من الأمن المركزي، والعام، والبحث الجنائي. كما جرى إغلاق بعض الشوارع بمحيط المحكمة كإجراء احترازي، ورفضت قوات الأمن فتح المحال التجارية المواجهة لمجمع المحاكم، ومنع وجود أي سيارات بمحيط المنطقة.

وكان حكم الإعدام قد أثار ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية والمنظمات الحقوقية المصرية والدولية. وأعربت أمس 14 منظمة حقوقية مصرية، منها «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز هشام مبارك للقانون، وغيرها»، عن قلقها البالغ إزاء الحكم. وقالت المنظمات في بيان مجمع إن «هذا الحكم الصادر بإعدام هذا العدد الهائل، يشكل تحولا خطيرا وغير مسبوق في مسار تعامل القضاء المصري مع مثل هذه القضايا، وانتهاكا جسيما لكل من الحق في المحاكمة العادلة والحق في الحياة»، مشيرة إلى أن المحكمة «أصدرت حكمها بعد أقل من أسبوع من بداية إجراءات محاكمة المتهمين، وفي الجلسة الثانية دون حضور المتهمين ومحاميهم، في حين أن الجلسة الأولى لم تستمر لأكثر من نصف ساعة بعد أن طلب محامو المتهمين رد هيئة المحكمة التي تنظر القضية، ولم يجر سماع الشهود أو فض أحراز القضية أو تمكين المتهمين من الدفاع عن أنفسهم».

وعلى الصعيد الدولي، اعتبر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرار إعدام الـ528 شخصا يتنافى مع القانون الدولي. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف «الحكم الجماعي بالإعدام بعد محاكمة مليئة بالمخالفات الإجرائية خرق للقانون الدولي لحقوق الإنسان».

وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قد أبديا في وقت سابق قلقهما من هذا الحكم، واعتبروه مخالفا للقانون الدولي.

ومن جهتها، رفضت جماعة الإخوان الحكم وقالت إنه «صدر دون فض الأحراز أو الاستماع إلى الشهود أو السماح للمحامين بالدفاع، وجرى النطق بالحكم في خمس دقائق، كما أن ملف القضية يبلغ عدة آلاف من الأوراق»، مشيرة إلى أن قراءة هذا الكم الكبير من المستندات يتطلب وقتا طويلا.

ودعا التحالف الوطني لدعم الشرعية، المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، أنصاره إلى التظاهر اليوم (الأربعاء) في ميادين التحرير ورابعة والنهضة بالقاهرة تحت شعار «معا للخلاص»، وبينما قال إنه لن يوجه المتظاهرين للاعتصام في تلك الميادين، إلا أنه قال إن «القرار الميداني النهائي في الميادين الثلاثة متروك لكم وفق الظروف وبما يعظم الأهداف وحسب».

ووقعت اشتباكات أمس في مناطق متفرقة بمصر، على خلفية حكم الإعدام، حيث اشتبكت قوات الأمن مع طلاب ينتمون لجماعة الإخوان بجامعات (المنيا، والإسكندرية، وأسيوط)، وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب. وردد الطلاب المحتجون هتافات مناهضة للجيش والشرطة والقضاء.