رئيس البرلمان الليبي يواجه فضيحة سياسية بعد تسريب فيديو لاستجوابه على يد قائد ميلشيات

مهلة جديدة لاختيار رئيس للحكومة والاتحاد الأوروبي يطالب الثني بحل أزمة موانئ النفط

TT

في وقت يواجه فيه نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا فضيحة سياسية من العيار الثقيل بعد نشر فيديو لاستجوابه على يد قائد إحدى الميلشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، حث الاتحاد الأوروبي السلطات الليبية على الإسراع في إنهاء أزمة حقول وموانئ النفط الشرقية المغلقة في أسرع وقت ممكن على خلفية تزايد حاجة أوروبا لموارد الطاقة بسبب الأزمة في أوكرانيا.

وبثت ما تعرف باسم «كتيبة ثوار طرابلس»، وهي إحدى الميلشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة الليبية، لقطات مصورة على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تظهر أبو سهمين الذي يترأس أعلى سلطة سياسية ودستورية والقائد الأعلى للجيش الليبي، وهو يخضع لاستجواب مهين من هيثم التاجوري معاون آمر الكتيبة، حول واقعة خطفه التي كان قد نفاها رسميا في الرابع من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.

وبدا أبو سهمين في الفيديو الذي تصل مدته إلى نحو دقيقتين ونصف الدقيقة، وهو يوضح لمستجوبه حقيقة وجوده مع فتاتين وتفاصيل خطفه من مقر إقامته بضاحية فشلوم في طرابلس.

وقال أبو سهمين إنه التقى الفتاتين وإحداهما مديرة مكتبه سابقا لحيازتهما معلومات سرية عن خلية إرهابية قيل إنها دخلت من الجزائر في محاولة لاغتياله مع وزير الدفاع، وأحد أعضاء المؤتمر، مشيرا إلى أنه فوجئ باقتحام مقر إقامته وعدم تعرف المقتحمين على شخصه.

وهذا هو ثاني فيديو من نوعه يجري تسريبه، بعدما تداولت الكثير من الصفحات والمواقع الليبية على شبكة الإنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي، لقطات مصورة في السادس من الشهر الماضي يظهر فيها أبو سهمين محاطا بمجموعة من المسلحين الغاضبين اقتادوه لاحقا إلى جهة غير معلومة بعد أن أوسعوه ضربا وركلا وفقا لبعض الروايات غير الرسمية.

ولم يصدر أي رد فعل رسمي من المؤتمر الوطني أو رئيسه أبو سهمين الذي ترأس أمس وفد ليبيا المشارك في اجتماعات القمة العربية المنعقدة بالكويت.

وكان أبو سهمين قد نفى رسميا واقعة اختطافه كثاني مسؤول رفيع المستوى في السلطات الليبية بعدما تعرض علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية السابق خلال العام الماضي لعملية اختطاف دامت سبع ساعات تحت تهديد السلاح من مقر إقامته أيضا بأحد فنادق طرابلس.

وفي غضون ذلك، ناقش رؤساء بعثات دول الاتحاد الأوروبي مع رئيس الحكومة المؤقتة المكلف عبد الله الثني وضع إنتاج النفط والغاز والتطورات المقلقة فيما يخص الوضع الأمني في ليبيا.

وطبقا لبيان أصدرته بعثة الاتحاد الأوروبي فقد أثار سفراء دول الاتحاد الأوروبي مسألة أمن مطار العاصمة طرابلس على أنها ذات أهمية قصوى بالنسبة لشركات طيران الاتحاد الأوروبي لاستئناف رحلاتها إلى ليبيا.

وقال البيان إن «السفراء شجعوا الثني على التعامل مع الجمود في إنتاج النفط والغاز في أسرع وقت ممكن في ضوء تزايد حاجة أوروبا لموارد الطاقة بسبب الأزمة في أوكرانيا»، لافتا إلى نهج الاتحاد الأوروبي الجديد لتنويع موارد الطاقة نحو شمال أفريقيا وخاصة ليبيا.

وأضاف البيان أن رؤساء بعثات الاتحاد الأوروبي حثوا السلطات والمنظمات الليبية على العمل عاجلا على تطبيق خارطة الطريق المعتمدة من قبل المؤتمر الوطني، والبدء باعتماد قانون الانتخابات الذي سيمهد لانتخابات برلمانية مبكرة، واستكمال انتخابات لجنة صياغة الدستور والبدء في حوار وطني موحد.

ونفى المؤتمر الوطني اعتزامه إقالة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي في جلسته أمس، والتي تضمنت طلب الحكومة بشأن اعتماد ميزانية طوارئ، بالإضافة إلى موضوع تشكيل الحكومة نفسها، وكذلك مذكرة مقدمة من قبل 65 عضوا بشأن توفير بعض احتياجات العمليات العسكرية للجيش الليبي.

وجاء النفي في وقت قرر فيه المؤتمر أمس تأجيل انتخاب رئيس جديد للحكومة لمدة أسبوعين إضافيين بسبب عدم توصل الكتل والأحزاب السياسية داخل المؤتمر على اختيار مرشح لشغل المنصب خلفا لعلي زيدان رئيس الحكومة المقال.

وقال عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس، «ما زالت هناك خلافات وانقسام بين الأعضاء ووجهات نظرهم، لم نتوصل إلى اتفاق حول هوية من سيخلف زيدان، اتفقنا على التأجيل لمدة أسبوعين»، لافتا إلى أن عبد الله الثني سيستمر رئيسا مؤقتا للحكومة حتى هذه المدة.

وأضاف أن «هذه الحكومة مستمرة في عملها كحكومة تسيير أعمال، إذا لم نتوصل إلى اتفاق خلال هذه المهلة الجديدة، سيجري تعيين الثني رئيسا دائما للحكومة، هذا احتمال وارد بشكل قوي».

وكان المؤتمر اشترط حصول خليفة زيدان على 120 صوتا من بين أعضائه البالغ عددهم 200، لضمان تحقيق توافق سياسي، بهدف تجنب الخلافات التي اندلعت في السابق بين المؤتمر وحكومة زيدان، وتصاعدت إثر عملية هروب ناقلة نفط تحمل علم كوريا الشمالية من ميناء السدرة الخاضع لهيمنة محتجين مسلحين يسيطرون على ثلاثة موانئ نفطية منذ منتصف العام الماضي، للضغط على الحكومة للحصول على نصيب من عائدات النفط ومزيد من الحكم الذاتي في شرق البلاد.

واشترط عبد ربه البرعصي رئيس المكتب التنفيذي لحركة مجلس إقليم برقة في شرق ليبيا على طرابلس، للدخول في حوار معها، أن تعيد أولا الناقلة التي اعترضتها قوات أميركية وأعادتها إلى ميناء تسيطر عليه الحكومة الليبية، وثلاثة مقاتلين كانوا على متنها.

وقال البرعصي لقناة تلفزيونية محلية أمس «نضيف شرط عودة الناقلة ومن عليها سالمين لبرقة قبل أي حوار»، مهددا بأن «الحركة ستثبت مستقبلا أنها قادرة على حماية أي ناقلة تشتري النفط من موانئها».

وأضاف «إذا كان العالم لا يعترف إلا بالقوة فنحن سنسعى لتقوية أنفسنا والتحالف مع أي قوى من شأنها أن تقوينا»، دون أن يذكر تفاصيل.

ويعد حصار الموانئ واحدا من تحديات كثيرة تواجه الحكومة المركزية التي لا تستطيع تأمين البلاد بعد ثلاث سنوات من سقوط العقيد الراحل معمر القذافي.

ويرفض مقاتلون سابقون وميليشيات حاربت للإطاحة بالقذافي التخلي عن سلاحهم وكثيرا ما يلجأون للقوة أو السيطرة على منشآت نفطية للضغط على الحكومة لتحقيق مطالب لهم.

وتحث الحكومات الغربية الفصائل المختلفة على التوصل إلى تسوية سياسية، بينما تراجع إنتاج ليبيا من النفط بشدة بسبب حصار الموانئ والاحتجاجات في حقول نفط رئيسة.

إلى ذلك، أعلنت السلطات الليبية عن تعديل قانوني يسمح بمحاكمة سيف الإسلام القذافي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة في العاصمة طرابلس من مقر سجنه في مدينة الرنتان الجبلية في الرابع عشر من الشهر المقبل.

وقال الصديق الصور المتحدث باسم مكتب النائب العام الليبي إن من بين الصعوبات التي اعترضت النيابة العامة في تقديم ملف القضية 630 للمحكمة، عدم إمكانية جلب نجل القذافي إلى المحكمة في طرابلس.

وأضاف أن «السبب هو خشية رئيس مؤسسة الإصلاح والتأهيل (سجن) الزنتان على المتهم ومنه، في حال نقله إلى طرابلس، بسبب الصعوبات الأمنية»، مشيرا إلى أن النيابة العامة وجدت مبررا لها من خلال التقارير الأمنية الموجودة لديها.

وأضاف أن هذه الصعوبات استدعت تعديل المادتين 241 و243 من قانون الإجراءات الجنائية الليبي بإضافة فقرات للمادتين تسمح بمحاكمة نجل القذافي عن طريق الدائرة المغلقة من خلال ربط قاعة المحكمة بطرابلس بسجنه بالزنتان.

وأوضح أن سيف الإسلام ومسؤولين سابقين في نظام القذافي يواجهون تهما تتعلق بقمع ثورة 17 فبراير وارتكاب جرائم ترقى إلى مستوى جرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية.

وخلال العام الماضي، وجهت النيابة العامة اتهامات إلى أكثر من ثلاثين مسؤولا سابقا على خلفية القمع الدامي لثورة 2011، وأحيلت القضية على المحكمة الجنائية في طرابلس على أن يحدد رئيسها موعدا لبدء المحاكمة.

وأعلنت المحكمة في جلسة عقدتها أول من أمس ولم تعلن سابقا إرجاء بدء المحاكمة إلى 14 أبريل (نيسان) المقبل بسبب غياب الكثير من المتهمين ومنهم سيف الإسلام ولإفساح المجال أيضا للكثير من المتهمين لتوكيل محامين.

وسيف الإسلام معتقل لدى ثوار سابقين في الزنتان منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011، ولم تتمكن السلطات الليبية من نقله إلى طرابلس رغم مفاوضات شاقة.