الحوت المنقاري بطلا في الغوص

أمضى أكثر من ساعتين تحت الماء قبل أن يطفو مرة أخرى

TT

إذا خُصصت ميدالية ذهبية للحيتان في رياضة الغوص، فالذي سيظفر بها دون أدنى شك هو حوت كوفييه ذو المنقار.

فقد ذكر العلماء، أول من أمس (الأربعاء)، أنهم رصدوا تحركات هذا الحيوان الثديي متوسط الحجم قبالة سواحل كاليفورنيا بالاستعانة بواسمات متصلة بالأقمار الصناعية، ووجدوا أن هذه الحيتان غاصت لعمق 2992 مترا، وقضت ساعتين و17 دقيقة، قبل أن تطفو ثانية إلى سطح الماء.

وقال جريج شور من مجمع بحوث كاسكاديا في أوليمبيا بواشنطن، الذي أشرف على هذه الدراسة المنشورة في دورية «بلس وان»، إنه إنجاز مذهل بالنسبة لكائن يتنفس الهواء، وفي واقع الأمر، فإن هذه الأرقام تمثل أعمق مسافة وأكبر فترة غوص تحت سطح الماء يجري تسجيلها حتى الآن لأي حيوان ثديي بحري.

وقال شور: «تعيش كثير من المخلوقات في أعماق تغوص إليها هذه الحيتان (بما في ذلك فرائس أولية محتملة لها، مثل الأسماك والحبار)، إلا أن هناك تباينا رئيسا بين هذه الحيتان وكائنات أخرى تعيش في أعماق المحيطات، إذ إن المطلب الرئيس لهذه الحيتان هو تنفس الهواء عند سطح الماء».

وأضاف: «التقاط الأنفاس فوق سطح الماء، ثم حبس الهواء عند الغوص إلى أعماق يزيد فيها الضغط بواقع 250 مرة عما عليه الحال عند سطح الماء، إنجاز مذهل».

وعلى سبيل المقارنة، فإن الرقم القياسي لشخص يحبس أنفاسه تحت الماء يبلغ 22 دقيقة، وفقا لموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية. وبطبيعة الحال، فإن الإنسان لن يتحمل أبدا البقاء في أعماق المحيط السحيقة، وسط مستويات ضغط الماء العالية.

وتتوزع حيتان كوفييه ذات المنقار في نطاق واسع من المياه العميقة من المناطق المدارية حتى المياه الباردة، لكن ليس في الأصقاع القطبية على أي حال. ويصل طول حوت كوفييه ذي المنقار إلى سبعة أمتار، ويتميز بجسمه البدين الشبيه بالطوربيد إلى حد ما، وتستدق مقدمة الحوت لتشبه المنقار القصير مع فم يجعله وكأنه يبتسم ابتسامة غامضة.

ويتراوح لون حوت كوفييه ذي المنقار بين الرمادي إلى البني المشوب بالحمرة وحتى الأبيض الباهت. وقد تظهر على بعض هذه الحيتان ندوب ناتجة عن مناوشات بين الذكور، ربما خلال التنافس على إحدى الإناث. وتتغذى هذه الحيتان أصلا على حبار الأعماق وبعض أنواع الأسماك القريبة من قاع المحيط.

وقال شور: «تتكيف هذه الأنواع بدرجة كبيرة مع الغوص في الأعماق، وتقضي أقل من دقيقتين فوق سطح الماء بين كل غطسة وأخرى. إنها حيوانات اجتماعية تنتمي للثدييات ذات الدم الحار، التي طورت الملاءمة الوظيفية كي تلاحق فرائسها إلى أعماق سحيقة تصل إلى 1.8 ميل من سطح البحر».

ومن المعروف أن بعض الثدييات البحرية الأخرى تحتفظ بقدرات متواضعة في الغوص، ومنها بعض الحيتان ذات الأسنان التي تغطس في الأعماق لملاحقة فرائسها، إلى جانب بعض أنواع الفقمة.

وحتى يتسنى للعلماء ملاحقة الحوت ذي المنقار فقد استخدموا واسمات مرتبطة بالقمر الصناعي، تبث معلومات عن مواعيد بدء عملية الغوص ومواعيد انتهائها وأقصى عمق للحوت، والوقت بين كل غطسة وأخرى. وتثبت الواسمة بالزعنفة الظهرية للحوت، بالاستعانة بأسلاك من التيتانيوم.