«الأطلسي» يوقف تعاونه مع موسكو ويعزز شراكته مع كييف

روسيا ترفع سعر الغاز على أوكرانيا وتحذرها من الانضمام إلى الناتو

TT

أعلن حلف شمال الأطلسي أمس عزمه وقف «كل التعاون المدني والعسكري» مع روسيا بسبب ضمها إلى منطقة القرم، وقرر في المقابل تكثيف تعاونه وإصلاحاته الدفاعية مع أوكرانيا. واتخذ الحلف هذا القرار في اليوم الأول من اجتماعات وزراء خارجية دول الحلف في بروكسل المقرر أن تتواصل حتى اليوم الأربعاء. وشدد وزراء خارجية دول حلف الأطلسي (الناتو) في بيان مساء أمس على «وقف كل التعاون المدني والعسكري» مع روسيا، مشيرين إلى أن هذه «الخطوات العاجلة» اتخذت من أجل «العودة للالتزام بالقانون الدولي». وأعلن الحلف وأوكرانيا في بيان مشترك بعد اجتماع وزراء الطرفين في بروكسل أنهما سيكثفان التعاون وسيعززان الإصلاحات الدفاعية في أوكرانيا من خلال التدريب وبرامج أخرى.

وكان الأمين العام للحلف أندرز فوغ راسموسن قال في بداية الاجتماع إن «التصرفات الروسية على حدود أوروبا تغير جذريا المشهد الأمني وتعزز عدم الاستقرار على حدود الدول الأعضاء في الحلف». وتابع: «نريد من موسكو احترام التزاماتها الدولية والعمل على خفض التوتر، لكن الحشد العسكري لن يساهم في تحقيق هذا الهدف». وشدد على أن وزراء خارجية دول الحلف، الذين يجتمعون «في الوقت المناسب» يتدارسون كل الخيارات من أجل تعزيز الدفاع المشترك. ولمح إلى أن حلف الأطلسي سيتصرف حسب التطورات، ولن يتردد في التحرك إذا اتجهت موسكو نحو مزيد من التوتر، كما أكد أن الحلف لن يتردد في إعطاء مزيد من الوسائل لدوله وشركائه لتوفير الحماية لهم.

وقال راسموسن من جهة أخرى إنه لم يرَ أي دليل على سحب روسيا لقواتها من الحدود الأوكرانية. وأوضح راسموسن للصحافيين قبل اجتماع لوزراء خارجية دول الحلف في بروكسل: «للأسف ليس بوسعي أن أؤكد أن روسيا تسحب قواتها. هذا ليس ما نراه». وجاء هذا التصريح من راسموسن غداة إعلان روسيا عن سحب كتيبة من نحو 500 إلى 700 جندي من المنطقة الحدودية مع أوكرانيا.

وبدوره، قال وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانس إن روسيا تدخلت في شبه جزيرة القرم عسكريا، وهذا «أمر مرفوض تماما». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع وزراء الخارجية «يعد فرصة ليظهر للدول الأعضاء وللعالم كله أن الحلف قوي ومستمر، وأن الدول الأعضاء متماسكة وستمضي على الطريق الذي حدده الحلف الأطلسي».

من جهتها استبقت روسيا اجتماع وزراء خارجية حلف الأطلسي، بتحذير وجهته إلى أوكرانيا من أن انضمامها إلى الناتو سيكون له عواقب غير مرحب بها. وقالت الخارجية الروسية إن المحاولات السابقة «أدت إلى تجميد الاتصالات السياسية الروسية الأوكرانية وتسببت في صداع لحلف شمال الأطلسي وروسيا وإحداث انقسام في المجتمع الأوكراني». وأوكرانيا ليست دولة عضوا في الحلف الأطلسي وإنما ترتبط مع الحلف باتفاق شراكة للتعاون.

وحول الانضمام المحتمل لأوكرانيا إلى الأطلسي، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس إن بلاده تعارض هذا الانضمام. وقال شتاينماير للصحافيين: «إذا كنتم تسألونني عن رأيي الشخصي بصفتي وزير الخارجية سأرد بأنني يمكنني أن أتصور تعاونا أوثق داخل مجلس حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا. لا أرى اتجاها لعضوية حلف شمال الأطلسي».

من جانبه، أعلن رئيس شركة «غازبروم» اليكسي ميلر أمس أن مجموعة الغاز العملاقة الروسية أوقفت العمل بالتخفيض المعتمد في سعر الغاز الذي تبيعه لأوكرانيا، ما يرفع السعر إلى 385.5 دولار لألف متر مكعب بزيادة بأكثر من الثلث. وقال ميلر في بيان: «طبقا للعقد الساري بشأن تسليم الغاز، فإن سعره على أوكرانيا سيصل في الفصل الثاني إلى 385.5 دولار»، مضيفا أن التخفيض الذي منحته المجموعة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لم يعد ساريا. وأضاف أنه «في الوقت ذاته سترتفع تعريفة مرور الغاز الروسي من الأراضي الأوكرانية بدءا من الفصل الثاني» بنسبة 10 في المائة، مشيرا إلى أن «غازبروم ستدفع الزيادة في تعريفة النقل، وتكون بذلك التزمت بتعهداتها في العقد بالكامل». وكان جرى الاتفاق على خفض الأسعار بأكثر من مائة دولار للألف متر مربع في ديسمبر الماضي خلال زيارة الرئيس الأوكراني آنذاك فيكتور يانوكوفيتش إلى روسيا في إطار خطة إنقاذ روسية واسعة لأوكرانيا لتفادي إفلاسها.

وفي كييف، وافق البرلمان الأوكراني أمس على سلسلة تدريبات عسكرية مشتركة مع دول الحلف الأطلسي ستضع القوات الأميركية في الجوار المباشر للقوات الروسية في القرم، بين مايو (أيار) وأكتوبر (تشرين الأول) المقبلين. وقال وزير الدفاع بالوكالة ميخايلو كوفال أمام البرلمان إن «هذه فرصة جيدة لتطوير قواتنا المسلحة».

كما صوت البرلمان الأوكراني أمس أيضا على نزع سلاح جميع المجموعات شبه العسكرية التي شاركت في الاحتجاجات المطالبة بالتقرب من أوروبا ولا تزال مسيطرة في وسط كييف، غداة تبادل إطلاق نار تسبب به أحد عناصر حركة برافي سيكتور القومية في كييف. وطالما طالبت روسيا والدول الغربية بنزع سلاح تلك المجموعات، ويعد نزع سلاح هذه المجموعات شبه العسكرية الأقرب إلى ميليشيات مطلبا من روسيا التي تحذر من التعرض لحقوق الناطقين بالروسية، كما يحظى بتأييد من الدول الغربية. وقال الرئيس الانتقالي ألكسندر تورتشينوف بعد التصويت إن «الشعب الأوكراني يطالب بالنظام»، مضيفا أن «جميع الذين يحملون السلاح، باستثناء الشرطة والجيش وجهاز الأمن والحرس الوطني، مخربون يعملون ضد أوكرانيا».

وتصدرت المجموعات شبه العسكرية مثل برافي سيكتور (القطاع الأيمن) الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، حيث تولت الحراسة على الحواجز التي أقيمت في ساحة الميدان وتصدت لقوات مكافحة الشغب «بركوت». وظهرت مجموعات مسلحة مماثلة مؤيدة لروسيا خلال المظاهرات الانفصالية التي هزت الشرق الناطق بالروسية. وعلى الرغم من عزل الرئيس وقيام سلطات انتقالية، ما زال عناصر المجموعات شبه العسكرية يتولون الأمن في ساحة الميدان بوسط كييف التي لا تزال محاطة بالحواجز. وأقدم أحد عناصر برافي سيكتور مساء أول من أمس على فتح النار أمام مطعم في كييف، ما أدى إلى إصابة اثنين من رفاقه بجروح، فضلا عن إصابة مساعد رئيس البلدية الذي كان يعبر من هناك. وبحسب وزير الداخلية ارسن افاكوف، فإن الشاب كان ثملا.