الحكومة تبدأ اليوم التعيينات بالإدارات بعد انقضاء مهلة 48 ساعة للتوافق

61 موقعا شاغرا في وظائف الفئة الأولى و«8 آذار» تصر على ملئها بـ«سلة واحدة»

TT

تلتئم الحكومة اللبنانية، اليوم، لتعيين موظفين من الفئة الأولى في المراكز الشاغرة بالإدارات الرسمية، بعد انتهاء مهلة 48 ساعة كان وافق عليها الرئيس اللبناني ميشال سليمان، بناء على اقتراح قضى بتأجيل تعيين مدير عام أصيل لقوى الأمن الداخلي، ومدعٍ عام أصيل للتمييز، نظرا لأن المنصبين تشغلهما شخصيتان بالوكالة، في حين يصر وزراء قوى 8 آذار على ملء الشواغر في الإدارات «سلة واحدة».

وانتهت جلسة مجلس الوزراء، في وقت متأخر من ليل أول من أمس، بعد اقتراح التسوية القاضية بالتأجيل، كون الجلسة كانت مهددة بالانفراط. فقد انسحب سليمان من الجلسة، وعقد اجتماعا ثنائيا مع رئيس الحكومة تمام سلام، بعد اعتراض وزراء حزب الله وحركة أمل على تعيين مدير عام قوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد إبراهيم بصبوص، ومدعي عام التمييز بالوكالة القاضي سمير حمود، وهما موقعان شاغران من حصة السنّة، دون تعيين مديرين عامين في وظائف شاغرة تعود حصتها إلى طوائف أخرى مثل الشيعة والمسيحيين والدروز.

وبعد اقتراح مخرج التأجيل 48 ساعة، أعاد مجلس الوزراء اجتماعه، وأقرّ قبول الهبة العسكرية السعودية للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أن يُقَرَّ في جلسة لاحقة ملحقٌ لها يتعلق بكيفية تنفيذ هذه الهبة، كما جدد ولاية نواب حاكم مصرف لبنان، وتمديد عقدي شركتي الخلوي العاملتين في لبنان.

وتعدّ التعيينات واحدة من أبرز القضايا الخلافية في السلطة اللبنانية، وأطاحت في السابق بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق يقضي بالتمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي السابق اللواء أشرف ريفي الذي يشغل موقع وزير العدل في الحكومة الحالية. وعلى أثر الخلاف آنذاك، استقال ميقاتي من موقعه، ما أدى إلى استقالة الحكومة.

وبينما ينظر وزراء قوى 14 آذار إلى جانب الرئيسين سليمان وسلام إلى وضع حد للشغور في موقعي مدير عام قوى الأمن الداخلي ومدعي عام التمييز، على أنهما «مستعجلان»، نظرا لتزامنهما مع الخطة الأمنية التي تنفذها السلطات اللبنانية في طرابلس (شمال لبنان) والبقاع (شرق لبنان)، يصر وزراء حزب الله وحركة أمل على التعيينات سلة واحدة.

وأكد وزير الأشغال العامة غازي زعيتر، المحسوب على حركة أمل، لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس «لم يكن موجها ضد العميد بصبوص أو القاضي حمود، بل ينطلق من إصرار على ملء جميع الشواغر في إدارات الدولة بهدف تحريك عجلتها». ورأى أن «الحديث عن تعيين الشخصيتين في منصبهما، دون آخرين، بسبب الشروع في الخطة الأمنية، هو تبرير غير مقبول لأن العميد بصبوص والقاضي حمود يقومان بواجبهما على أكمل وجه، حتى في موقعهما بالإنابة، ويعملان بكامل صلاحياتهما».

وأوضح زعيتر أن الاعتراض «ينطلق من محاولتنا لملء الشواغر في أبرز إدارتين حكوميتين يعيق غياب مدير لهما، العجلة الإدارية في الإدارات»، في إشارة إلى منصب رئيس مجلس الخدمة المدنية الذي يشرف على تعيين موظفين للإدارات، إضافة إلى منصب رئيس ديوان المحاسبة، وهو أعلى سلطة رقابة مالية في الدولة. وقال: «في المبدأ، نحن نؤيد التعيينات بسلة متكاملة، وفي حال كانت هناك صعوبة في إشغال بعض الوظائف، فإنه علينا إجراء تعيينات للوظائف التي تتوافر شخصيات لها».

ويبلغ عدد شواغر الفئة الأولى في إدارات الدولة، 61 منصبا شاغرا، من أصل 155 وظيفة تعود للفئة الأولى وما يعادلها، بعضها شاغر منذ عام 2005. ويوضح الباحث في شركة «الدولية للمعلومات» المعنية بالإحصاءات والدراسات اللبنانية، أن تلك الوظائف «ازدادت سبعة، بعدما كان عددها 148 منصبا، لكن لم يُعين موظفون للوظائف الجديدة، كما لم يُعرف على أي طوائف محسوبة، وبينها محافظ لمحافظة عكار، ومحافظ لمحافظة الهرمل»، لافتا إلى أن الوظائف تأخذ بعين الاعتبار «التقسيم الطائفي على قاعدة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين».

ويقول شمس الدين لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الوظائف الشاغرة العائدة للسنة، يتصدر عدد الوظائف الشاغرة، إذ تبلغ 16 موقعا، بينها مناصب «مدعي عام التمييز» و«مدير عام وزارة العدل» و«مدير عام قوى الأمن الداخلي» و«رئيس مجلس الخدمة المدنية» و«مدير عام الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية» و«مدير عام الطيران المدني» و«رئيس مجلس الإنماء والإعمار» و«رئيس أوجيرو» و«محافظ جبل لبنان».

في المقابل، يبلغ عدد المناصب الشاغرة من حصة الدروز، 4، بينها موقع «محافظ الجنوب» و«المدير العام لتعاونيات موظفي الدولة». أما المناصب الشاغرة من حصة الشيعة، فتبلغ 8 مواقع، أهمها «رئيس ديوان المحاسبة» و«مدير عام الشؤون السياسية واللاجئين بوزارة الداخلية»، و«رئيس المجلس الأعلى للجمارك» و«المدير العام لوزارة الاقتصاد» و«مدير عام الشؤون الاجتماعية»، وقد شغر المنصبان الأخيران في عام 2005، من غير أن تعين الحكومات المتعاقبة شخصيات في الموقعين.

وبحسب دراسة لـ«الدولية للمعلومات» كشف عنها شمس الدين، فإن المناصب الشاغرة من حصة الموارنة، تأتي في موقع ثاني أكبر عدد بعد السنة، إذ تبلغ 14 وظيفة، أبرزها «المدير العام للنفط» و«مدير عام الجمارك» و«المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان»، وغيرها. يليهم في المواقع المسيحية، شغور في 7 مواقع من حصة طائفة الروم الأرثوذكس، أهمها «محافظ بيروت» الشاغر منذ عام 2005، و«مدير عام وزارة العمل» و«رئيس الصندوق المركزي للمهجرين». فيما يبلغ عدد المواقع الشاغرة من حصة الروم الكاثوليك، 4، أبرزهم «مدير عام الطرق والمباني في وزارة الأشغال» و«رئيس لجنة بورصة بيروت».

ويرى شمس الدين أن التأخير في التعيينات «يعرقل إلى حد كبير سير العملية الإدارية في الإدارات الرسمية»، نظرا إلى أن «الوكيل لا يتصرف وفق القاعدة نفسها التي يتصرف فيها الأصيل، بالإضافة إلى أن الصلاحيات القانونية للوكيل أقل من صلاحيات المدير العام الأصيل».

وبينما أثار الاعتراض أول من أمس مخاوف من أن يعرقل ملف التعيينات عمل مجلس الوزراء في ظل الخلافات، أعرب شمس الدين عن اعتقاده أن الخلافات «لن تؤدي إلى صراع في مجلس الوزراء لأنها موزعة لصالح الطوائف»، مشيرا إلى أن «الحصص عن الشيعة والسنة والدروز، تُملأ بسهولة، فيما تأتي أكثر صعوبة عند المسيحيين نظرا لتعدد الأقطاب والقيادات المسيحية».

وقال شمس الدين: «عادة ما تكون الخلافات على التعيينات واجهة لمشكلات سياسية أكبر، لكن لا خلاف إجمالا في التعيينات، حتى في حادثة استقالة الحكومة الماضية التي تبين أن الخلاف الذي أدى إلى استقالتها، لم يكن على خلفية تمديد ولاية الوزير ريفي في موقع مدير عام قوى الأمن الداخلي». وأكد أنه «إذا كان هناك توافق على الأسماء، فإن عملية إنجاز التعيينات تنتهي بسرعة وسلاسة، نظرا لأن الحصص واضحة، ولا يطرح أي من الأفرقاء مبدأ المداورة بالمراكز، بحكم النصوص القانونية».