الاستخبارات الفرنسية تراقب الجهاديين العائدين من سوريا.. وتخشى «مفاجآت غير سارة»

تواجه صعوبة في رصدهم.. ومراقبة مشبوه واحد تتطلب 30 شرطيا

صورة أرشيفية لعنصر أمن فرنسي خلال عمليات دهم في تولوز بحثا عن جهاديين يشتبه في صلاتهم بالقتال في سوريا (أ.ب)
TT

وسط مخاوف من تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف أراضيها، تعمد أجهزة الاستخبارات الفرنسية إلى فرض مراقبة دقيقة على العائدين من «الجهاد» في سوريا.

وترصد تلك الأجهزة معظم المغادرين إلى سوريا وبعض العائدين منها، لكنّ عددا من هؤلاء وخصوصا الذين يتوجهون إلى الحدود السورية التركية بالسيارة ويعبرون الحدود سرا قد لا تكشفهم أجهزة مكافحة الإرهاب التي تخشى أن تواجه مفاجآت غير سارة.

وقال خبير في مكافحة الإرهاب لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم كشف هويته، إن «القاعدة العامة تقضي بألا يمروا دون مساءلة عندما يعودون، إذ يجري استدعاؤهم واستجوابهم وإبلاغهم بأنهم مراقبون». وأضاف: «لكننا بالتأكيد لا نستطيع أن نكون واثقين من أننا نرصد الجميع، والبعض قد يسافرون ويعودون دون أن نلاحظهم».

وتسمح المراقبة الإلكترونية لبعض الأوساط أو المجموعات وكذلك المساعدة التي تحصل عليها الشرطة من عدد متزايد من العائلات القلقة على أبنائها، في معظم الأحيان بالتدخل لدى الشبان خلال استعدادهم للسفر. لكن طالما لم يقوموا بأي عمل غير قانوني فمن الصعب إن لم يكن من المستحيل منعهم من التوجه إلى تركيا.

ونظرا لقرب «أرض الجهاد» السورية من تركيا، فلا ضرورة لشبكات مثل تلك التي أنشئت خلال الحروب في أفغانستان والعراق والشيشان، إذ يكفي معرفة عنوان الذين تسميهم الشرطة بـ«المسهلين» أو فنادق متواضعة في المنطقة الحدودية.

وتؤكد مصادر قريبة من أجهزة الاستخبارات الفرنسية أن الاستخبارات التركية تبلغ نظيراتها الأوروبية بشكل دقيق نسبيا بالعائدين. ومن الصعب أن يمر الجهاديون الغربيون دون أن يكشفوا في المنطقة الحدودية التي تخضع لمراقبة شديدة. وذكر أحد هذه المصادر أن الاستخبارات التركية تميل إلى إدخال الراغبين في الجهاد المتوجهين إلى سوريا دون مشاورة باريس أو بروكسل أو لندن، لمحاربة نظام الرئيس السوري بشار الأسد والتسبب بمشكلات للأكراد وتبرير الوجود العسكري، بحسب ما أفاد به أحد المصادر.

وأمام لائحة أشخاص يشكلون تهديدا محتملا، وهناك عشرة منهم مسجونون، لا تملك أجهزة مكافحة الإرهاب وسائل إخضاعهم جميعا لمراقبة دائمة. وهي تضع لوائح تتضمن أسماء هؤلاء بالتسلسل وفق درجة خطورتهم.

وقال أحد المطلعين على الملف إن «فرض مراقبة لـ24 ساعة يوميا على مشبوه واحد يستخدم في بعض الأحيان ثلاثة أو أربعة أرقام هواتف مختلفة يتطلب نحو ثلاثين شرطيا. كيف يمكننا أن نفعل ذلك؟ يجب وضع لائحة أولويات».

وما إن يصلوا إلى سوريا، إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة والمجاورة للحدود التركية، حتى يلتحق معظم الجهاديين الفرنسيين والأوروبيين بجماعات مرتبطة بـ«القاعدة» أو تعتنق فكرها، وخصوصا جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). ومن تلك اللحظة يصبحون في أغلب الأحيان هم أنفسهم من يعطي المحققين العناصر اللازمة لتحديد مدى تورطهم في المجموعات المصنفة «إرهابية» من خلال الرسائل والصور وتسجيلات الفيديو التي يضعونها على الإنترنت، ما يساهم في تشكيل ملفاتهم تحسبا لعودتهم.

ويؤكد البعض أنهم لا يرغبون في العودة ويسعون إلى «الشهادة»، لكنّ آخرين يشعرون بالخوف أو بخيبة الأمل بعد تكليفهم بمهام متواضعة فيسلكون طريق العودة بعد أسابيع أو أشهر.

ويقول ديفيد تومسون مؤلف كتاب «الجهاديون الفرنسيون» إن «أوائل الفرنسيين وصلوا إلى سوريا في 2012، إما بوسائلهم الخاصة منطلقين في مغامرة، وإما مرورا بتونس والتسجيل بشبكة التجنيد التونسية المهمة. لكن ما إن يصلوا حتى يشكلوا مجموعة ويستدعوا رفاقهم». ويضيف: «إنهم يعرفون بدقة إلى أين سيذهبون ومن سيتولى أمرهم»، موضحا أن «الأمر يمكن أن يجري بسرعة وفاعلية كبيرتين.. في بعض الأحيان تكفي ثلاثة عناوين على (فيسبوك)».