السلطة الفلسطينية تسلم الأمم المتحدة طلبات الانضمام إلى 15 منظمة ومعاهدة وتنتظر تحركا أميركيا

مصادر: منخرطون في المفاوضات حتى نهاية أبريل وسنعلن انتهاءها ما لم يأت كيري بجديد

TT

يبدو مصير مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي استؤنفت في يوليو (تموز) الماضي برعاية وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مجهولا بعد قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الانضمام إلى 15 منظمة ومعاهدة دولية، وذلك إثر رفض إسرائيل إطلاق الدفعة الرابعة والأخيرة من الأسرى الفلسطينيين طبقا لاتفاق بين الطرفين. ولم يتضح بعد إن كانت في طريقها إلى الانهيار أو ستستأنف قريبا في ظل تأكيد الفلسطينيين رغبتهم في مواصلتها.

ورغم إلغاء كيري زيارته التي كانت مقررة أمس إلى رام الله للقاء عباس، فإن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه أكد أن الفلسطينيين يأملون في أن يواصل كيري، جهوده لإنقاذ عملية السلام.

واقترح عبد ربه في مؤتمر صحافي عقده في رام الله، أمس، متحدثا باسم القيادة الفلسطينية، الدخول مباشرة في مفاوضات حول الحدود لا تتجاوز الشهرين إلى ثلاثة أشهر، ويكون ذلك مخرجا لمأزق العملية السياسية.

وقال عبد ربه: «أؤكد أن القيادة الفلسطينية تحترم تماما التزاماتها وتؤكد رغبتها في استمرار العملية السياسية ولكن نؤكد في ذات الوقت أننا نريد عملية جادة من دون تحايل ولا خداع ولا نصب. نريد عملية تنتهي من رسم الحدود بين دولتين وفق قاعدة الشرعية الدولية والقاعدة التي حصلت بموجبها فلسطين على صفة دولة».

وأردف: «القيادة الآن لا تستطيع العودة للتفاوض من أجل التفاوض، وإعادة صياغة مرجعيات عملية السلام من جديد، والدوران في حلقة مفرغة كما يشير اتفاق الإطار. إذا أردنا الجدية فإنه يجب أن تقوم على أساس البحث في موضوع ترسيم الحدود وفقا للقرار الدولي، الذي اعترف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة، على حدود الرابع من يونيو (حزيران) وعاصمتها القدس الشرقية، وليس إعادة النظر فيها وفي القرارات الدولية».

وجاء حديث عبد ربه بعد قليل من تأكيد وزير الخارجية الأميركي نفسه أنه من المبكر الحديث عن انهيار المفاوضات. كما أعلن مسؤول أميركي في وقت لاحق أن الفلسطينيين والإسرائيليين «لم يعطوا أي مؤشر» على الرغبة في إنهاء المفاوضات، بحسب وكالة رويترز.

بدورهم، التزم الإسرائيليون، على الصعيد الرسمي، الصمت تجاه خطوة أبو مازن لكن مسؤولين قالوا لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية بأن «عباس بهذه الخطوة أنقذ الائتلاف الحكومي الإسرائيلي من الانهيار بعد خلافات طاحنة حول تجميد الاستيطان والإفراج عن أسرى يحملون الجنسية الإسرائيلية».

وكان كيري اقترح في مسعى جديد لإنقاذ المفاوضات، خلال زيارته الأخيرة إلى إسرائيل يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، الإفراج عن أسرى فلسطينيين وتجميدا هادئا للاستيطان، مقابل عدم توجه الفلسطينيين إلى مؤسسات الأمم المتحدة وقبولهم تمديد المفاوضات، على أن تفرج الولايات المتحدة عن الجاسوس اليهودي جوناثان بولارد في وقت لاحق.

لكن الفلسطينيين فاجأوا الطرفين بتوقيع الاتفاقات بعدما مضى أربعة أيام على موعد إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، في رسالة أرادوا من خلالها تأكيد الفصل بين موضوع الأسرى والمفاوضات.

وقدم أمس وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، بشكل رسمي، الوثائق التي وقع عليها عباس إلى الجهات الدولية المختصة طالبا الانضمام إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية باسم دولة فلسطين. وقالت الخارجية في بيان بأن المالكي، سلم صباح أمس هذه الوثائق المجهزة سلفا، رسميا إلى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة روبرت سيري، وممثل الاتحاد السويسري بول غارنيير، وكذلك نائب ممثل المملكة الهولندية.

وأكدت الخارجية الفلسطينية: «إن انضمام دولة فلسطين إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية هو حق أصيل للشعب الفلسطيني، يعبر عن إرادة المجتمع الدولي، وينسجم مع قرارات الشرعية الدولية، وهو خطوة من أجل إنقاذ عملية السلام والمفاوضات من براثن تهرب الحكومة الإسرائيلية من استحقاقات السلام وتنكرها لمرجعياته، وتصعيد عدوانها الميداني والاستيطاني ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته». وكان عباس وقع على الهواء مباشرة أول من أمس وثائق للانضمام إلى 15 اتفاقية دولية في خضم جهود وزير الخارجية الأميركي جون لإنقاذ المفاوضات الحالية. وقال عباس بأن ذلك ليس موجها للأميركيين ويأتي ردا على تنصل إسرائيل من الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى.

ودافع عبد ربه عن الخطوة، قائلا: «القيادة لم تخرج بهذه الخطوة (الانضمام إلى المؤسسات الدولية) عن التزاماتها، كونها لم توقع على أي اتفاقية دولية تمنعها من الانضمام لمنظمات الأمم المتحدة.. هذه الخطوة كانت مؤجلة حتى لا يجري تفسيرها في إطار العملية السياسية الجارية، ورفض إسرائيل إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى المتفق عليها هو ما أجبر القيادة الفلسطينية على اتخاذ قرار الانضمام».

وأكد عبد ربه، أن انضمام فلسطين لـ15 منظمة ومعاهدة دولية، يأتي كخطوة أولى لفتح المجال للانضمام لجميع المنظمات الدولية، وتأكيد حقها في الدفاع عن حقوق شعبها ضد السياسة الإسرائيلية، ما يجعلها متساوية الحقوق مع جميع الدول في منظومة الأمم المتحدة.

وفي هذه الأثناء، ينتظر الفلسطينيون الخطوة المقبلة من كيري قبل أن يقرروا شكل التحرك التالي.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن «الفلسطينيين سيظلون منخرطين في عملية التفاوض حتى نهاية الشهر الحالي وفق الاتفاق السابق مع كيري، ثم سيعلنون انتهاء المفاوضات إذا لم يكن كيري قد جاء بجديد». وأضافت المصادر: «الخطوة الثانية ستكون الانضمام إلى مزيد من الاتفاقيات والمعاهدات لكن على مستوى أعلى وأهم». وأكدت أن الرئيس الفلسطيني يريد التدرج بالانضمام إلى المواثيق الدولية، بحسب كل مرحلة، لكنه يترك الخطوات الأهم لوقت لاحق.

وأوضحت المصادر أن السلاح الأقوى بيد عباس ولم يستخدمه بعد هو الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وهو الذي يتيح للفلسطينيين محاكمة إسرائيل على «جرائم» مختلفة.

وطلب عباس اجتماعا غير عادي للجامعة العربية الأسبوع المقبل وسيعقد الأربعاء للتشاور في الخطوات اللاحقة.

ودعت الجامعة العربية إلى اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية لبحث مستجدات المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المتعثرة.

وقال نبيل العربي، الأمين العام للجامعة، بأن الاجتماع يأتي «لبحث مستجدات القضية الفلسطينية في ضوء رفض إسرائيل الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين وتمديد المفاوضات».